الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساحةُ الثقافة والنشر في الصحف العراقية

محمد الأحمد

2006 / 6 / 20
الصحافة والاعلام


أصبح حال النشر في بعض صحفنا المحلية يمرّ اليوم في أزمة نشر متوالية، خاصة الصحف المقتدرة مالياً، وسوف أوضح ما معنى متوالية، وقد شهدناها من خلال المتابعة، بأنها تكررا في الأفكار والأسماء، فاغلبها تدور في رحى فكرة سابقة كما ثور الساقية. وخاصة في الصحف التي تعطي مكافأة مالية رمزية عن النشر عبر صفحاتها، وتلك الصورة الواضحة الرؤية، الجلية المظهر، قد لمسناها في أمور عدة أولها التبادلية المنفعية بين الجريدة الفلانية والجريدة العلانية، فنلاحظ أن اسم فلان يتكرر نشر مواده على صفحات الجريدة الفلانية دون سواها، وهو مسؤول صفحة جريدة اخرى تعطي أيضا مكافأة مالية تقديرية، و(كون النشر تبادلا نفعيا) هنا مواد صاحبي الذي ينشر لي نتاجي في جريدته- وهناك نتاجي، كما يقول المثل المصري الشهير (شيلّني واشيلّك)، وهكذا دواليك حتى تتكدس مواد الأدباء غير المفيدين، وربما تتعفن ولا تصل إليها يد فاحص. ونسوا بان من الممكن في لمحةِ بصر قد ترسل عبر البريد الإلكتروني إلى ابعد مكان من العالم، وتنشر تقديراً لذوق المبدع العراقي، المعروف بإبداعه الجليل. لكننا حريصون على النشر في صحفنا المحلية، فنذهب (دون ملل أو كلل) للسؤال عن مصير موادنا لنتلقى الجواب التالي، وهو حجة لا بأس عليها وليس بها: أردنا نشر مادتكم ولكننا تفاجئنا بأنها نشرت في مكان آخر. وأجدني أقول بأنني انتظرت أكثر من أربعين يوما ولم تنشر مادتي، فيقول لي: كان عليك الانتظار والصبر لكثرة ما يصلنا من مواد.. فأقول لنفسي: (تبدو لي أنها قديمة قد مرت علي)، وأقول قديمة لأنها حدثت بالفعل معي شخصيا عندما كنت أقدم مادة ارغب في نشرها في الصفحات الثقافية لإحدى جرائد العهد البائت، وتحديدا جريدة الثورة، او جريدة الجمهورية، وكم كان ذلك مؤلما حينما يمر الأسبوع تلو الآخر حتى يكمل الشهر تلو الآخر، والمادة المقدمة إليهم غير منشورة.. وابدأ بعد ذلك احملها البريد وأطلقها إلى الصحف العربية في الخارج فسرعان ما تجد لموضوعها وحرارة صدقه مكانا بارزا، وما ان تتضح الرؤية يعاتبني محررو الداخل (يا أخي لم تدفع لنا مادة منشورة)، وكأنه قد كان حقا في قرار نشرها، او كاد لولا انه رآها مصادفة فأثارت حفيظته، ولا يكتفي بذلك بل ربما يجعلها سندا ومثالا حياً لزملائه، ويكون حديث الندرة، والإثارة، ويكون المقصر في كل الأحوال هو الكاتب. وأريد أن أشير بان الكاتب عندما يكون كاتبا في جنس معين يكون المحرر المسؤول من رافضته أو مناؤيه خاصة من الكتاب التي تكتب في الجنس الذي اختص به. فالقاص يلعن القاص والشاعر يلعن الشاعر، والناقد كذلك.. اي حال كنا يوم ذالك وللأسف مازال محيطنا الثقافي لهذه اللحظة، لم يبرأ من تلك (أمراض النخبة)، تلك الأمراض التحاسدية كانت تلهي عن الإبداع الجاد، وعن التواصل.. فكم كلفتنا تلك المكالبات من جهود وأكلت من الوقت والنتاج والخلايا. واليوم قد رأيت تلك العلل في مكان آخر وزمن آخر، وأشخاص آخرين، وللأسف اقول مؤكدا بأنهم من كانوا يشاطروننا عذاب تلك الأيام وسوء نشره، واليوم يتحكمون بالقرار الثقافي، فعملوا بما كانوا يعلمون من رجالات العهد السابق، وربما أكثر، لأنهم حملوا تلك الأمراض، فأول ما فعلوا بان ابعدوا وأقصوا، كل الكتاب اللذين كانوا معهم تحت وطأة ثقل تلك الأيام، وراحوا أيضا يمارسون مع غيرهم ما كان يمارس معهم، وبقي القاص كاتب القصة يستثني من النشر كاتب القصة، والشاعر يستثني من الشاعر، لان جريدته بقوة مالية تستطيع أن تدفع مكافأة جراء النشر، ولان بالمال يحيا ويتنفس المثقف كما بالكتب، وكأنها مسيرةُ حاسدٍ اذا حسدْ... تلك الحالة لابد من أن نكشفها من اجل أن تزول، ولابد من أن نتقي الله في نخبة الكتابات الجدية التي تصلنا إن كنا محررين شرفاء، وان نكافح العلة، من بعد أن تعددت المنابر وقنوات الإعلام، ولا ننشر إمراضا ورثنا فايروساتها من العهد السابق، وعلينا أن نتحلى بالإبداع لأن الإبداع هو الذي يدفعنا بنا إلى أن نعمل بجد ومثابرة قبل ان نفكر باستلام مكافأة من جراء إبداعنا، وليس كل الكلام صحيحا أن قلنا بان الإبداع أولا، و أولا المال الذي يجعلنا نأكل لنواصل العطاء والإبداع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-