الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جورج فلويد ...الوجه الأسود للسياسة والمجتمع في أمريكا

فراس يونس

2020 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


نشأ المجتمع الأمريكي على أطلال سكان تلك الجزيرة الكبيرة من غير سكانه الأصليين، وتلك النشأة المشوهة ثبتت قواعد حكم سياسية وأدارية بالقوة وبفرض الأرادة من قبل زعامات أقتصادية تمتلك المال الكافي لأنشاء حكومة تدير أراضي شاسعة يعيش عليها أناس بغض النظر عن أنتمائهم لتلك الأرض لذلك فأن الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية لايصلح أن يعبر عنه بمفهوم الدولة بأركانها الثلاث،فمنذ أكتشافها الى أن تأسست ك 50 ولاية عانت الكثير من مشاكل الاستيطان والأقتتال وحتى بعد تأسيسها أو أعلانها عام 1776م ،فرؤوس الأموال التي كانت أنجليزية غالبا والتي هاجرت الى القارة الجديدة شكلت محور الصراعات حول العوائد الأقتصادية للمناطق التي قسمت الى 50 ولاية...ونحن لسنا في صدد بحث تأريخي عن تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية بقدر ما نريد أن نركز على حالة تلك الولايات الأجتماعية والسياسية منذ نشأتها ،حيث وللضرورة تطلب جلب كميات كبيرة من السود الفقراء الذين يعيشون في افريقيا وكون القارة الأفريقية مكتشفة مِن قَبل ولايفصلها عن القارة الجديدة سوى بضعة أميال عبر المحيط،فجيء بالناس كعبيد ليبنوا ويزرعوا ويكونوا خدماً للبيض أصحاب الثروات، سنين طوبلة من الظلم والقتل والتشريد حتى القرن التاسع عشر...
فتمايزت طبقتان لا يمكن مساواتهما،هما طبقة الامريكيين البيض الذين يحكمون تلك الأرض و طبقة العاملين من السود والاصول الأخرى. فأرتكزت السياسة في امريكا على مرتكز سلطة النخبة فتكون الحزبين الرئيسيين من أمبراطوريات أقتصادية ولوبيات من المنظرين اعتمدت على النخب في البلد.
فتكونت السياسة الحديثة للبلاد على أساس الوعد لليهود (ويمثله الأنجيليون) وأستدراج الثروات كسياسات عامة، و أنفرد الحزبان ليكونا هرمي السياسة الامريكية وبدون منازع،ويتسيدا على الحكم بالتناوب النمطي تارة والقافز تارة أخرى، ولايوجد اي حزب شعبوي منافس لحزبي النخبة،نعم صوريا قد نجد بعض الاحزاب الصغيرة التي لا تملك ادنى من ادنى فرصة للتأثير على القرار السياسي في امريكا، فنتائج الأنتخابات و الزخم الأنتخابي تشكله وتحركه أموال الحزبين ولا يتحرك كدوائر شعبية أنما حلقات تبدأ من المصلحة في قمة الهرم الى حلقات أصغر وأصغر حتى آخر منتفع من هذا الحزب أو ذاك.
وقيم الأمة التي يستخدمها بعض القادة ماهي إلا دعابة لمحاكاة خطابات قادة بعض الأمم فأغلب المرشحين يتجهون لكسب ود أقليات أنتظمت في ولايات معينة لتشكل أغلبية مثل :السود،الاسيويون، الصينيون،المسلمون،المكسيكان وغيرهم، وهذه المسميات هي مصطحات أجتماعية فعلية تقسم هذا المجتمع ناهيك عن نَفس الفيدرالية الذي يظهر احيانا في بعض التفاصيل، ولو كان حكام بعض تلك الولايات من غير الحزبين الكبيربن لظهر جلياً هذا الأنقسام المجتمعي.
أذا كيف يستقر هكذا مجتمع مقسم داخلياً كما زعمت أنا آنفاً؟
يشكل العوز الأجتماعي والفقر المادي السبب الأساس في قيام الأنتفاضات والأحتجاجات يأتي خلفه الطائفية والعرقية والعنصرية، لذلك حرص راسموا الأدارة في أمريكا من قيادات على أمرين مهمين هما التوازن المعيشي بطريقة تجعل الغالبية تعيش مع خط الفقر فلا يطلق عليهم أغنياء ولا يمكن وصفهم بالمسحوقين،وتلك الحالة تجعل الفرد في قلق دائم على وضعه المعيشي فليس من الممكن ان يخاطر بعمله او بأسباب أستلامه للمعونات، فيكون أقرب ما يكون الى الثبات غالبا والأستقرار للمحافظة على هذا المستوى القلق دوما من المعيشة، أما الأمر الآخر فهو أذابت المعتقد في المجتمع لقتل التكتل الطائفي من خلال الحفاظ على ضمان أداء المهاجرين لطقوسهم بحرية تامة وربطا بوضعهم الاقتصادي الذي ذكرناه يكون من الصعب الخروج خارج نطاق النمطية المرسومة لكل طائفة في ممارساتها وعباداتها،وعلى مستوىً ما فان المدنية التي تطغى على مجتمع تقتل لديه الحس الطائفي والعرقي بأعتبار سيادة القانون التي تحكم تلك المجتمعات، ولكن الحس العنصري لا يمكن أذابته بتلك الطريقة فهو ليس منهج ولا ممارسة يمكن ان تتغير حتى تذوب ضمن المجتمع الجديد،لذلك فالعنصرية بسبب اللون هي أخطر التحديات التي تواجه المجتمع الأمريكي لأن أساسها نشأ عند بناء الولايات المتحدة الأمريكية في وقت تأسيسها،وهي نهج عدواني يمتلكه أصحاب البشرة البيضاء في تلك المجتمعات نابع من شعورهم بالفوقية والسيادة على أبناء جنسهم من اصحاب البشرة السوداء.
لم يكن جورج فلودي أول ضحايا التمييز العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية ولن يكون آخرهم، لكن لماذا هذا الأحتقان هذه المرة؟؟
لقد أرتكب عرابوا الحزب الجمهوري خطأً كبيراً في قبولهم ترشيح شخصية متغطرسة نرجسية صلبة متعصبة عنصرية ك دونالد ترامب وتصديه للرئاسة ،فقد يرى المتتبع وبوضوح تصريحات ترامب منذ أعلان ترشيحه ليومنا هذا،فقد كان عنصرياً يوجه خطابه الى نخب معينة لصنع القرار،وفقد الثقة بأقرب من كان حوله ثم باغلب الدوائر الأعلامية و وضحت عدائيته بشدة تجاه كل من يعارضه وباي موقع كان وعدم قدرته في ادارة البلاد سياسياً في أكثر من موقف، وقد أدى ذلك الى حالات أحتقان كبيرة مع عدد من الدول حتى مع كندا الاخت الصغرى للولايات المتحدة الأمريكية، فكبر سنه ونشأته الأرستقراطية البحتة جعلته متمردا على كل رأي ومغالياً بالأعتداد بنفسه ثم أنه ولأول مرة صَدَرَ الكثير من المشاكل الداخلية الى العلن ووضع الجميع تحت طائلة الحسابات الأقتصادية وهذا من غير الممكن في السياسة، فالسياسة وادارة البلاد ليست تجارة وأدارة أعمال، تلك التصريحات النارية والنخبوية التي تعامل بها ترامب على مدى سنين حكمه صُدِرت الى الشارع الأمريكي، فكان مقتل جورج فلودي بدم بارد وتعامل الحكومة الأمريكية مع الوضع بدم أبرد هو مجرد شرارة للفوضى التي يريد الكثير القيام بها ليثبت أن أدارة البلاد بتلك الطريقة هي ليست عادلة.
ولعل تلك الحادثة ستثبت للحزبين الكبيرين أن النمو السكاني وتغير الأجيال يفرض آليات جديدة للحكم وأستقطاب المجتمع وأنه لابد من كسر جمود القطبية بين الحزبين وأعطاء مساحة حقيقية لأحزاب شعبوية، ممكن لو كانت موجودة لأسهمت بشكل أيجابي في هذه الأزمة.
ويستمر التحدي الأكبر في قتل العنصرية لدى السيد الأبيض تجاه العبد الأسود في المجتمع الأمريكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء عسكري تركي - سوري برعاية روسية في قاعدة حميميم


.. لأول مرة.. حزب -الإصلاح- البريطاني يتفوق على -المحافظين- في




.. لحظات انتشال 9 شهداء بينهم 5 أطفال بقصف منزل بالبريج


.. غريفيث: الأسلحة استمرت بالتدفق لإسرائيل من واشنطن ودول أخرى




.. فرقة غزة حصلت على وثيقة تشرح بالتفصيل عملية احتجاز الرهائن و