الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي الريحان

علي دريوسي

2020 / 6 / 2
الادب والفن


في زمن مضى كان جدي الأكبر علي الآس مختاراً لقرية الهويّة الواقعة أعلى جبال العلويين تحت مقام النبي يونس والقريبة من بلدة صلنفة، وملّاكاً لقطيع من الأغنام والبقر، كان يقضي جميع مشاويره وتحركاته على فرس أبيض يملكها، في أحد أيام الشتاء هطل الثلج في منطقته حتى أصبح علوه أكثر من متر، كان قطيعه والرعيان المسؤولين عنه خارج القرية، يومها ركب علي الآس فرسه وخرج باتجاه الجبال للبحث عن رزقه وهو ينادي بأعلى صوته "يا سيدي يا نبي الله يونس لك مني سبعة عجول بقر إذا أعدت لي قطيعي سالماً". بعد ساعات قليلة اِنقشعت السّحُب فعلاً، صارت السماء مفتوحة وخفّ تساقط الثلوج، وعاد المختار علي إلى القرية سالماً غانماً مع كامل قطيعه دون خسارات. في اليوم التالي ذبح عجلاً واحداً، وحين سُئل من شيخ القرية وبعض الفضوليين عن السبب الذي منعه من ذبح العجول السبعة كما وعد، ردّ عليهم قائلاً: "أعتقد أن النبي يونس سيكون راضياً بعجل واحد مخصيّ". منذ ذلك الوقت لقبّه أهل القرية باسم علي المخيصي.
**
كانت نجيبة معروفة بإجادتها للغة التَشْبِير وتفوهها العفوي بعبارات لا معنى لها، ذات يوم ذهبت مشياً على قدميها أكثر من ساعة، من بيتها إلى قرية مجاورة، لتقديم التعزية بوفاة أحد الأقارب، بعد مكوث قصير في غرفة العزاء والمواساة قامت نجيبة عن قعدتها على البساط راغبةً بالذهاب، نهضت بقية النسوة معها لوداعها وشكرها على قيامها بالواجب، نظرت إليهن بحرجٍ، رفعت يديها مُلوِّحة في الهواء أمام الوجوه الحزينة وقالت بصوتها القروي: "اِقعدن، اِقعدن، الله لا جعلكن تقمن!". (لعلها ودَّت أن تقول: لا تعذبن أنفسكن بالنهوض لأجلي!). لم تكن عفويتها هذه نادرة الحدوث، فقد حصل أن راحت إلى تعزية أخرى قبل ذلك، وحين شربت القهوة وجدت نفسها تقلب الفنجان لتبصِّر! وآن نهضت لتغادر قالت للنسوة: "عقبى لأولادكم إن شاء الله". (ولعلها أرادت القول: العمر لأولادكم).
**
نعلم أن هناك من يفرح لموت زوجته، لكن هل ثمة من يفرح لموت أمه!؟ من يجرؤ على الاعتراف بأن موت أمه أفرحه أو يفرحه أو سيفرحه؟ حتى في المسلسلات التلفزيونية لا يجرؤ الممثل على تبَنِّي مثل هذا الدور، سيغضب منه المشاهد حتماً وسيلعن السيناريست وكاتب القصة على فكرته الرديئة وقد يمتعض ممتنعاً عن متابعة ما سيأتي لاحقاً، لكن ومع هذا قد يحصل أن يكره الولد أمه وأن يفرح لموتها، حين لا يشعر أنّ حنانها يفيء عليه وحبها وأمانها يظلّلانه أو حين لا يسمع صدى صوتها يرنّ في أذنيه ولا يذكر إن كان ناعماً أو قاسياً أو دافئاً أو شفوقاً عطوفاً.
**
حدث التخريب الثاني عندما اِقتلع صديقي الأشتر شجرة التوت الوارفة من جذورها، بعد أن كان قد ردم بالاتفاق مع أخيه البئر الذي امتلكاه مناصفة، سَقَف باحة الدار التي كانت وحدها مصدراً للتهوية والإنارة، وأشاد فوق السقف غرفة رابعة، كما نصحه المعمرجي، صار بيته مُعتماً لا تدخله أشعة الشمس، صار جافاً لا يتسرب إليه مطر الشتاء، حتى تلك الفتحة التي كان يرى منها المارّة في الشارع أغصان شجرة التوت أغلقها الأشتر بحائط رماديّ دون أن يعي ما صنعت يداه. صار بيته مثله، مثل مُكَعَّب هندسي جميل بعين واحدة.
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطل الفنون القتالية حبيب نورمحمدوف يطالب ترمب بوقف الحرب في


.. حريق في شقة الفنانة سمية الا?لفي بـ الجيزة وتعرضها للاختناق




.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة