الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفاق المهذب (جورج فلويد)

دينا عبد الحميد
(Dina Iraqi)

2020 / 6 / 2
حقوق الانسان


خرج علينا البعض بمفاهيم ومسميات جديدة في الحياة وأصبحوا هم الأوصياء عليها ويجب ان تتبع قاموسهم (correctly in a sentence) وان تقول الجملة بالشكل الصحيح او المهذب لكى تتجنب اتهامك بالعنصرية والنازية فمثلا لا يجب ان تقول على الرجل ذو البشرة السوداء انه أسود أو نيجر ولكن تقول رجل من ذوى البشرة السمراء او من ذى الأصول الافريقية ... هذا في الحقيقة يسمى نفاقاً مهذباً وعنصرية أكثر بكثير من العهد السابق مهما قالوا غير ذلك .. لماذا تعتبر وصف الرجل بالأسود عنصرية وكلمة غير لائقة رغم انها حقيقته والتى لا يجوز الخجل منها , بينما وصف شخص انه أبيض لا تقلل منه ولاتكون كسابقتها اذا هو احتقار لصاحبى البشرة السوداء ولكن بطريقة مهذبة وهى إنكار لون بشرته اوإعطائها مسميات أخرى..
ولكن مع الأسف الشديد لقد قُتل جورج فلويد وفقد حياته ولم تعد الاسماء مهمة الأن و المهم هو أن نعرف لماذا مات فلويد ومن الذى قتله ؟! لم يكن الظابط الابيض هو قاتله ولكن قتلته تلك العنصرية المهذبة التى تركت فلويد يعيش مع الجهل والمرض والفقر ولم تمد له يد العون مثله مثل بقية جنسه تم تهميشهم واهمالهم وكأن ارض الاحلام (أمريكا) لم تخلق إلا للرجل الابيض ... الاضطرابات التي تلت مقتل الرجل الأسود ما هي إلا نتيجة لحرمان الأمريكان الأفارقة من حق المشاركة في تقرير المصير , وما حدث في مينيابوليس ليس إلا مثالا على ما شهدناه في السنوات الأخيرة وفي العقود الماضية كما حدث في حالات قامت فيها الشرطة بإطلاق النار على أمريكيين سود مدنيين غير مسلحين وتم قتلهم دون معاقبة الشرطة على ذلك، مثل مقتل الشاب ترايفون مارتن في سانفورد بولاية فلوريدا، الذي انتشرت أخباره حول العالم والذي قال عنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما: " أنا نفسي كان من الممكن أن أكون في مكان ترايفون مارتن". ومنذ منتصف يوليو/ حزيران 2014 قتل أربعة أمريكيين من أصول إفريقية برصاص الشرطة، بحسب مجلة ماذار جونس الأمريكية اليسارية.
وفي المقابل لا نسمع عن حالات يتم فيها استهداف شباب أبيض البشرة في الولايات المتحدة، وهناك طبعا من يعتبرون أن الرجال السود يشكلون تهديدا ينبغي ترصده ومراقبته، ولكن في الواقع فإن البيض تكون لهم تجارب مختلفة عن السود لدى الشرطة. ففي مدينة مينيابوليس مثلا بلغت نسبة حالات التفتيش في صفوف السود 92% ووصلت نسبة الاعتقالات في أوساط سائقي السيارات من السود إلى 93%، في العام الماضي ، وذلك رغم أن الشرطة وجدت أن عدد المخالفات التي ارتكبها البيض (نسبتها 34%) أكثر بكثير من تلك التي ارتكبها السود (نسبتها 22 %). وهذا التفاوت في النِّسَب ليس حصريا على مدينة مينيابوليس، بل يتجاوزها إلى مدن أخرى. كما أن عدد حالات تفتيش الأمريكيين السود واللاتينين في شوارع نيويورك أكثر مقارنة بعدد حالات تفتيش الأمريكيين البيض.
إن آباء الأطفال السود وأمهاتهم لا يكونون واثقين دائما من أن الشرطة لن تتعرض لأولادهم بالعنف. وتحاول هذه العائلات تجنب الاحتكاك بين أولادها والشرطة. وتطالب هذه العائلات المحاكم بمنع الشرطة من إجراء أية أعمال تفتيش بناءً على لون البشرة، وتطالب أيضا بتدابير أخرى كتوعية عناصر الشرطة أثناء فترة الدراسة.
معظم الأمريكيين السود يعانون حاليا من سوء الأحوال الاقتصادية أكثر مما كانوا عليه قبل 20 عاما. إنهم مهمشون في جميع مجالات الحياة فنسبة البطالة بينهم زادت خلال عقود إلى ضعف نسبتها بين البيض، كما أن مدخولهم المالي أقل بنسبة الثلث من متوسط دخل الفرد في الولايات المتحدة، ونسبة السود الفقراء أكثر بثلاث مرات من البيض، كما أن الاعتقالات والعقوبات في أوساطهم أكثر منها لدى البيض.
صحيح أنه لم يعد يحرم السود من دخول المطاعم ودور السينما المخصصة للبيض، وصحيح أنه أصبح منهم رؤساء مجلس إدارة شركات كبرى وأساتذة جامعيين وصحفيين لامعين، وأصبح منهم وزيرين للخارجية ومستشارة للأمن القومى ورئيسا للجمهورية. من هنا أعتقد بعض المهتمين بالشأن الأمريكى خطأ أن وصول أوباما لعرش البيت الأبيض عن طريق انتخابات حرة صوت فيها لصالحه ما يقرب من 42 مليون أمريكى أبيض أو ما يُعادل 72% من أجمالى الأصوات التى حصل عليها تعد دليلا كافيا لما وصل إليه المجتمع الأمريكى فى نضج يتجاهل معه لون البشرة وخلفية الشخص، واعتبر البعض أن أمريكا تشهد مرحلة ما بعد العنصرية.
و رغم نجاح الأمريكيين السود فى القضاء على العبودية والفصل العنصرى فإن مجتمعهم ما زال يعانى حتى اليوم من مظاهر متخلفة ومشاكل عديدة بالمعايير الأمريكية, وبعد نصف قرن على خطاب مارتن لوثر كينج التاريخى عندى حلم (Ihave a Dream ) ما زالت الظروف المعيشية الصعبة للسود فى أمريكا قائمة...

ما شهدناه أخيرا فى مينيابوليس وغيرها هو ترجمة دقيقة لما قاله مارتن لوثر كينج، الزعيم التاريخى للسود الأمريكيين من أن «أعمال الشغب هى لغة غير المسموعين». من هنا يصبح كفاح السود وغيرهم من غير المسموعين عملية مستمرة حتى ولو وصل أمريكى أسود لعرش البيت الأبيض. وليقتدى سود أمريكا وكل المهمشين، بما قاله مارتن لوثر كينج من أنه (ليس هنالك شىء اسمه نضال لأجل حق صغير، أو ظرفى أو مؤقت، بل هنالك النضال الدائم لأجل إنسان، خلقه الله حرا وعليه أن يعيش حرا وكريما)..

العنصرية والنفاق المهذب هى أن تهتم بالاشياء السطحية مثل تغيير المسميات لا المضمون وفي الحقيقة ليس مهما أن نقول الرجل الاسود او ذى الاصول الافريقية المهم هو أن ينال كل انسان مهما كان لونه او جنسه او دينه حريته وكرامته الانسانية وان يكون هناك مساواة في العمل والتعليم وكل ما يضمن حياة كريمة للجميع دون تمييز عنصرى واعتقد ان بعد أزمة كورونا (كوفيد19) تعلمنا جميعا اننا مربوطون في سلسلة واحدة وحياتنا تعتمد في الاساس على حياة الآخرين كلنا مصيرنا واحد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما


.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش


.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر




.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..