الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع السياسي في تونس

فوزي النوري
مناضل يساري تونسي

(Ennouri Fawzi)

2020 / 6 / 3
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


تتجّه الأوضاع نحو مزيد من التعفّن بعد أن ساهمت الحكومات المتعاقبة في تعميق القائم من الأزمات و وفّرت تربة خصبة لظهور معضلات جديدة خاصّة فيما هوّ اجتماعي ممّا يلقي بالمسؤولية على المجتمع السياسي "وحده لا شريك له".
في اعتقادي هنالك مجتمع سياسي شكلي بمعنى أنّ هنالك تنظيمات قائمة و تأطير قانوني و عمليّة انتخابية ... و لكن لا وجود لفعل سياسي بالمعنى العلمي للكلمة.
هنالك كيانات سياسية هجينة تطرح عناوين كبرى متناثرة على امتداد كامل المجال القيمي يمينا أو يسارا.
فتكون القيم التي يتأسّس عليها التنظيم أشبه بالديماغوجيا في اطار سوسيولوجيا حزبية تحوم حول الطائفية و ثقافة الزعيم .
قد أختلف مع البعض في اعتبار هذه الأحزاب معزولة عن الوسط الاجتماعي الذي تربّت داخله و أعتبر هذه التنظيمات امتدادا طبيعيّا للنسيج الاجتماعي بكلّ تمزّقه و سلبياته و هذه البؤر المنتشرة داخل النسيج الاجتماعي لا تبلغ مداها الاّ حينما تتحوّل الى ظاهرة سياسية سواءا كانت خطابا أو ممارسة.
العمل السياسي لا يتحقّق خارج احدى المنظومتين (يمين/يسار) و كلا المنظومتين لا يمكن اختراقها لأنّهما يتأسّسان على بناء نظري متماسك و كلّ يتأسّس لا فقط كمعادل موضوعي للآخر بل كنقيض بأتمّ معنى الكلمة .
هذه المنظومات تختزل ورائها نسيجا نظريا كاملا اقتصاديّا و اجتماعيا و سياسيا و ثقافيا .
في تونس التنظيمات السياسية تعوّل على تدنّي الوعي الجماعي و ارث الديكتاتورية و تتقدّم بأطروحات من خارج المنظومتين أو من داخلهما تصل حدّ التناقض من ذلك أنّ رئيس الحكومة الجبالي استشهد في ندوة صحفية بمقولة في عمق الماركسية التي تهدف الى اقتلاع الاحزاب الدينية لا فقط من جذورها بل بجذورها.
لكي لا نطيل عندما تقرأ العناوين الكبرى و التي لطالما اكتفت بها هذه الاحزاب نستنتج أنّها لا يمكن أن تكون حاملة لمشاريع حقيقية لأنّ المسألة استحالة نظريّة وهي تحمل " جرثومة سقوطها في ذاتها" لأنّه في لحظة التأسيس تتخلّى هذه التنظيمات عن الأسس النظريّة التي تمثّل الرافد الموضوعي الذي تتحدّد من خلاله المسارات و الوجهة و المضامين و تبحث عن تعويم الخطاب لتوسيع القاعدة التي تتجه اليها .
هذا حال أغلب التنظيمات التي تعتبر نفسها وسطية و أبرزها الاحزاب الدستورية.
يستثنى من هذه القاعدة اليسار و الاسلام السياسي .
بالنسبة لليسار فهو يعاني معيقات أخرى لا علاقة لها بما ذكرنا سابقا و عموما يمكن تلخيصها في الستالينية على المستوى التنظيم و غياب مراجعات في العمق تأخذ بعين التحوّلات الكبرى و التحرّر من البحث عن لعب دور احتجاجي أو موقع يسمح لها بأن تكون قوّة ظغط أو تعديل و في المحصّلة يبقى لليسار مشروعا واضح المعالم من داخل منظومته التي ولد من رحمها و ان كان أداءه يحمل بصمة الارادوية التي لا علاقة لها بالماركسية جملة و تفصيلا.
الاسلام السياسي لا يمكن تصنيفه الى جانب التنظيمات السياسية أو التعبيرات السياسية لأنّ الظاهرة السياسية هيّ نسبية ترتبط بالبنى الاجتماعية و الاقتصادية في ظرفية تاريخية ما في حين أنّ المرجعيّة العقائديّة أو الاستناد الى المطلق تكسر هذه القاعدة و تتجه نحو تطويع المعطى الاجتماعي الثقافي لقاعدة ثابتة وهي المعتقد نفسه. من الناحية التنظيمية فهي تنظيمات مفيوزية بامتياز تشتغل ضد مفهوم الدّولة الحديثة و ضد مبدأ سيادة الدّول و تتبنّى العنف كإحدى الخيارات الكبرى لتحقيق أهداف ميتا- سياسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل