الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا لها من فتوى

جعفر المظفر

2020 / 6 / 3
حقوق الانسان


صديق قديم (كاد) أن يكون من ضحايا مجزرة الخلد عام 1979 وخرج من مقصلتها بإعجوبة فاجئني قوله وهو يحاول تبرير تلك الجريمة في أثناء مقابلة تلفزيونية له (المؤتمرات الحزبية والحياة الحزبية الداخلية لها تقاليد وقواعد إنضباطية وأحكام في كثير من الأحيان تختلف عن القوانين السارية ... وليست هذه هي الحالة الوحيدة والغريبة, الحزب الشيوعي العراقي بكل تفصيلاته ومراحل إنشقاقه كتب في هذا الموضوع, عزيز الحاج أنه لمن يخرج عن إرادة الحزب ويؤذي الحزب سننفذ فيه حكم الإعدام).
صدام حسين بدوره أيضا وحينما سأله المحقق عن سر قتله لعبدالخالق السامرائي رد على المحقق متعجبا: لقد كان ذلك الأمر شأنا داخليا حزبيا فما هي علاقتكم به.
حينما إرتكب صدام حسين (خريج كلية الحقوق) تلك الجريمة كان قد باشر قبلها بأيام وظيفته كرئيس للجمهورية بالإضافة إلى وظيفته كرئيس للحزب, أما أولئك الذين أعدمهم فقد كانوا, وقبل صفتهم كحزبيين, مواطنيين عراقيين تقع عليه بشكل رئيسي مسؤولية حماية حقوقهم.
لقد نسي صديقي ان حزب البعث كان حينها يقود دولة ولا يقود حرب عصابات ضدها لكي يطبق على مقاتليه قوانينه الخاصة. لو كان البعث خارج السلطة ومتمردا ضد الدولة وفي حالة حرب ضدها لجاز له حينها تطبيق قوانينه الخاصة على مقاتليه, ولكن حينما يكون الحزب قائدا للدولة ذاتها فإن قوانين الحالة الحزبية الإستثنائية لا بد وأن تتراجع لصالح حقوق المواطنة المكلف أساسا بترسيخها.
إن كل الحق الذي كان يملكه صدام حسين (رئيس الحزب) ضد الحزبيين المتمردين على حزبه هو أن يحاكمهم حزبيا لتكون عقوبتهم في أسوء حالة هي فصلهم من الحزب. بعدها فقط كان ممكنا لصدام بصفته (رئسيا للدولة) أن يحاكم (المتآمرين) أمام محكمة عامة وبموجب قانون الدولة التي يترأسها ويحمي حقوق مواطنيها.
وسأسأل صديقي العزيز السؤال التالي : هل يجوز الآن لمقتدى الصدر أو للحكيم أو للبرزاني أن يفعل ما يشاء دون أن يلتزم بالقانون العام الذي يحمي الجميع ويساويه من حيث حقوق المواطنة مع أصغر أعضاء حزبه. أو لم ندجج المقالات في ذم الأحزاب الميليشياوية التي تحاول أن تنفذ قوانينها بشكل يتخطى قوانين الدولة, وماذا كان القائد الإنجاب سيفعل فيما لو كان حليفه الحزب الشيوعي في منتصف السبعينات قد نفذ قوانينه الخاصة بشأن أحد أعضائه بما يتقاطع مع حقه كمواطن عراقي ومع حق مؤسسة الدولة لفرض قوانينها على الجميع بمساواة وعدالة..
وحتى أن الإستشهاد بعزيز الحاج جاء في غير محله تماما لأن الحاج نفسه كان يتحدث عن فصيله المتمرد ضد الدولة, ولهذا فهو أعطى لحزبه الشرعية القانونية الإستثنائية, أما وقد تصالح بعدها فلم يكن متوقعا للدولة البعثية أن تسكت عليه فيما لو أقدم على محاسبة أحد أعضاء حزبه وفق قانونه الإستثنائي.
ودعني اذكر صديقي العزيز بالواقعة الأخرى التي كان بطلها صدام حسين أيضا, فهذا الزعيم كان قد أقدم على تقليد أب قتل أبنه وساما رفيعا تقديرا لموقفه (الوطني).
لن أناقش الحالة على أساس أن القاتل لم يكن صادقا حينما إدعى أنه قتل إبنه الجندي لإنه رفض الإلتحاق بوحدته أثناء الحرب مع إيران. حتى لو أن الرجل كان صادقا في روايته, وأنه كان ينضح وطنية من كل مكان من جسده, هل كان من حقه أن يعين نفسه شرطيا في تلك اللحظة ثم يقوم بقتل إبنه بنفسه.
هل كان من الحق أن يمنح الأب نفسه حقا لا يمكن أن يكون له حتى في حالة تعامله مع جندي اسير معادي. وأنا لا أناقش الأمر هنا من ناحية العاطفة الأبوية التي لا يجوز تخطيها بهذا الشكل المقرف, إذ كان بإمكان هذا الوطني الجامح أن يذهب إلى أقرب وحدة عسكرية ليخبرهم عن الإبن الضال ثم يطلب منهم مساعدته بتخفيف الحكم عليه وحتى بإعفائه تحت عنوان مثل الرحمة والعفو والتسامح.
القصة بطبيعة الحال لم تقف عند هذا الحد بل لعلها لم تكن قد بدأت إلا حينما تدخل القائد الملهم والفذ ليزيدها عارا, فالرئيس نفسه الذي كان يمكن أن (يخليها سكتة) هو الذي يجعل من القضية درسا يجب أن لا تنساه الأمة. فهو يستدعي القاتل ليقلده بنفسه وسام تجاوزه الخطير على قانون الدولة التي يقودها.
بدون تردد سأقول أن صدام حسين كان قد قدم نفسه في الحالتين كرئيس عصابة ولم يقدمها كرئيس دولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدام رئيس عصابة مجرم هذا الامر مفروغ منه
سيد تنويري ( 2020 / 6 / 4 - 01:01 )
لا اضن ان هناك شخص حتى اقرب المقربين له لا يعتقد ان صدام هو مجرم قاتل ، المسأله لا تحتاج الى مقالة ، و لو ان المقالة حلوة ، تحياتي للاستاذ المظفر

اخر الافلام

.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق


.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا




.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي