الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة سريعة على إيقاع جائحة بطيئة !

محمد بلمزيان

2020 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في متاهة الحجر الصحي يطرح المرء على نفسه أحيانا أسئلة مهووسة بالبحث عن الحقيقة أي حقيقة لما يجري ليشفي غليله من فضول لا ينتهي وذات طابع استثنائي لم يتعود على طرحها من قبل، من قبيل اقتراب نهاية الإنسان والعالم و الحضارة وحتى نهاية الكون...، وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة التي يشهدها العالم مع هذا الوباء كرونا فيروس، تتفاعل أكثر أسئلة أحيانا دقيقة تنصب أساسا حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء انوجاء هذا الوباء واكتساح العالم وإصابته بهذا الشكل المروع لقارات الأرض الخمس في سرعة قياسية وتهديده بنهاية الجنس البشري من على وجه البسيطة ولعل وجاهة طرح هذه الأسئلة ترتبط بدقة المرحلة التاريخية التي يمر بها الجنس البشري وهو يجد نفسه وحيدا يواجه مصيرا محتوما وهو الموت أو الإصابة بهذا المرض الخبيث في أي وقت وحين، وهو الإحساس الذي تغذيه أكثر وبشكل لا يخلو من مبالغة مفرطة من قبل وسائل الإعلام المختلفة، والتي بقدرما تقدم نشرات إخبارية و متابعات لهذا الوباء فهي تلعب من حيث لا تدري أو تشتغل على إيقاع منهجي مقصود للرفع من حالة الهلع في النفوس والتأهب الدائم لمصير لا يعرف أحد نهايته بما يجعل المرء أحيانا يخاف من أقرب الناس إليه، وهو الهوس النفسي الذي يؤدي به الى الخوف من محيطه بما يشبه حالة البارانويا، وهو شعور خطير يزعزع النفس البشرية ويجعلها رهيفة الى درجة لا تتصور يترتب عنها أمراضا أصبحت شائعة من قبيل الإكتئاب والبارانويا والتي من شأنها أن تؤدي ببعض الحالات البشرية الضعيفة الى الإقدام على محاولات الإنتحار خاصة وأن بعض منظمة الصحة العالمية سبق لها أن دقت ناقوس الخطر من جراء مضاعفات سلبية على صحة البشر بعد استدامة الحجر، وهي أمراض أخرى لا تقل أهمية لها مضاعفات صحية ونفسية واقتصادية كبيرة، أكد خبراء وأخصائيون في الطب النفسي والإقتصاد العالمي بأن ثمة انعكاسات كبيرة ستعمر في الزمن بالرغم من انتهاء الجائحة الحالية والتي ستتلوها بلا شك جائحات أخرى كما شهدها التاريخ في منعطفاته المختلفة، إذا لم تشحذ التجارب العلمية والإكتشافات الدوائية الكفيلة بالقضاء ليس فقط على الأوبئة بل وأيضا تطويق الأسباب المختلفة لانبعاثها وبواعث انتشارها بين المرحلة التاريخية والأخرى .
لقد حاولت أن أعتصر ذهني وأنا أواكب قراءة ما يجري بالإستماع تارة والمتابعة تارة أخرى على قدر استطاعتي فألفيت بأن العالم منشطر أو قاب قوسين أو أدنى من الإنقسام بين تصورين كبيرين، وشحذ الهمم لصراع سيكون طويلا وعلى جميع الجبهات، تصور مشحون بنظرة تشاؤمية وبمصير سوداوي والتوقع بنهاية وشيكة للعالم، وهو التصور الذي يؤسس موقفه بناءا على جملة من المعطيات لعل أهمها هو الأزمة العميقة للنظام الرأسمالي وبداية نهايته بعد فقدان الأمل في استمرار الطبيعة في الإشتغال كما يجب بعد الإستنزاف الشرس من قبل البشر أرضا وبحرا وجوا، بما ينذر حسب جمهرة من المؤيدين لهذا الطرح بأن العالم وصل الى حافة الإنهياروالذين أصبحوا يلقبون بالإنهياريون أو مفكري الإنهيار الذي ما فتئوا ينذرون باقتراب نهاية العالم ! وهم يتفرجون على اللحظات الأخيرة لإسدال ستار مسرحية اسمها الحياة وشاهدون على بعض التفاصيل والمؤشرات الدالة على هذه النهاية من قبيل الإحتباس الحراري واختلال البيئة الطبيعية، في حين أن أصحاب الطرح المضاد لا ينفي هذه الصورة القاتمة بل تتغذى بأفكار ليست غارقة في التشاؤم والحزن رغم أنها تتوقع بأزمات جوهرية شاملة قد تعصف بالصورة النمطية لجميع مناحي الحياة البشرية. لقد خلصت الى نتيجة ضمن نتائج أخرى ضمن مونولوغ مع نفسي ومن خلال قراءتي لهذا الحدث مفاده أن العالم يعيش أزمة حقيقية في كل شيء، بدءا بأزمة النظام الإقتصادي وأزمة المنظومة الصحية وضعف مستوى الوعي الثقافي وانهيار القيم النبيلة وغيرها من الحقائق التي تشكل جوهر الكينونة البشرية والقيم التاريخية التي كافح من أجلها الكثيرون لتجسيدها على الأرض وناضلت من أجلها البشرية من أجل تحقيق ما يمكن تسميته برفاه الإنسانية، ولعل أحد المداخل للخروج من هذه الأزمة أو الأزمات المتعاقبة هو انكباب المجتمع الدولي على حل المشكلات المطروحة عبر سن التزامات دولية حقيقية تهم قضايا البيئة والتسلم والإنبعاثات المختلفة عبر تفعيل دور الهيئات الدولية في مراقبة مدى احترام هذه الضوابط العامة، وهذا لم يتأتى إلا عبر البحث عن اجتثاث أسباب الفقر والمرض والتوزيع العادل للثروة ونشر تعليم مجاني وتوفير الشغل الذي يحفظ الكرامة لكل من هو قادر على ذلك، دون أن يغفل المجتمع الدولي أهم خلاصة من هذا الدرس القاسي، وهو الخصاص المهول في أبسط مقومات الحماية الصحية في ظروف انتشار هذه الأوبئة، وهو الدرس الذي يجب أن يستلهم في القريب العاجل من أجل استنفار البحوث والتجارب العلمية وتخصيص ميزانيات كافية لهذا الغرض بما في ذلك تشجيع المبادرات لتفقيس الطاقات وصقل المواهب والبحث عن المهارات في مختلف الحقوق والمجالات بما يفيد البشرية للقضاء ليس فقط على أسباب وجود الأوبئة الصحية بل وعلى أسباب الفقر وتدهور المنظومة البيئية والقيم الثقافية وغيرها من تجليات الأزمة الحالية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال