الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( عالم بلا وجود )

كمال انمار احمد
كاتب على سبيل النجاة

(Kamal Anmar Ahmed)

2020 / 6 / 4
الادب والفن


كان حينها الوقت متأخرا انه منتصف الليل،حاولت ان انام لكن لم يكن هناك فائدة من المحاولة،فمحاولاتي التعيسة كلها باءت بالفشل.فأين اذهب في هذا الرعب،وسط كل هذا الظلام.هل افكر في شيء ما،او افعل شيء ما،لا ادري،كل شيء كان غير مستقرا،حتى قدح الماء الذي كان بقربي،شعرت في لحظة ما انه يرتجف،حتى الشباك شعرت انه في حالة من الرعب.ان الظلام حين يحل لا يجلب معه راحة النوم،بل و الكثير مما لم نتوقع حلوله؛ انه رعب العالم،و ظلامه الدامس.

فالظلام يجعل تلك البقايا النائمة من الخوف في داخلنا يجعلها تتأهب.انني أعتقد ان هذا التأهب قد يكون لخطر ما،لكن لا يوجد خطر؛فكرتُ في هذا الامر.فهل هناك شيء غير صحيح،لربما، لكن لا؛ فكل شيء كان في وقتها يسير على ما يرام.فيقظتي كانت لشيء ما شيء لا يمكن ان ندركه حتى يدركنا هو .و بعد محاولات و محاولات في الرجوع الى نومي لكن لكن لم تكن مجدية.

فلا نوم و لا حيلة،اصبحتُ كالأعمى الذي قُطعت ساقه،او لأقل كالطير الذي فقد جناحه.فلا يمكنني ان ارى،و لا يمكنني ان أتقدم،و لا يمكنني ان أطير فكل مافي الحال كان مجرد ان أقاوم ما أنا عليه؛مقاومة ان اكون على ما انا عليه.فالحزن خيبة الأرواح التي تتوق الى السعادة،و القلق ضلال الفرحة وسط الابتهاج.

و بما اننا غارقون لا ندري اين،فقد داهمنا الحزن و القلق،ليس من كل جانب و حسب،بل و من كل جانب موجود في كل هذه الحياة.انه لأمر بائس ان يصل المرء الى هذه الدرجات من التعفن،لكن لا بأس،فمقدار كل الاحزان و القلق،قد تعلم المرء اكثر مما يمكن ان يتعلمه طيلة حياته من الآخرين.

هذا ما كنتُ أُفكر فيه و بما ان النوم قد رفض ان يراودني،فلابد و ان استدعي شبح الصوت في داخلي ليوقظ لهب اي شيء غير الخوف و القلق.و بالفعل نجحت نجاح العسكري في الرماية،نجاح السرية في اجتياز خطوط دفاع العدو الأولية،فلقد فكرتُ في أشياء عديدة جعلتني اجنح مؤقتاََ عن الشعور بالرعب.

هل هذا يدعو الى البهجة،كلا انه لمن المبكر اعلان البهجة،فالبهجة في النهاية لا تحل حين نرى انه من المناسب ان تحل،بل ان يكون ما يحيط بها من ظروف و احوال مناسبة لكي تفعل ذلك، و هذا كل ما تتطلبه البهجة.

فجأة و أنا على سريري المُنهك،بزغ نور ساطع من الباب،لم أتمالك نفسي،شعرتُ بالرعب الشديد.تحركت ببطئ لاستكشف هذا النور؛الذي كان ساطعا بلا مراء،سطوع الشمس عند الظهيرة الحمراء،و ببطئ فتحت الباب،و عرفت ان مصدر النور هذا كان خارج المنزل،يا للهول.فالظلام الذي حولي كان مفزعا،فضيعاََ لكن اردت ان استكشف الأمر،فخرجت الى الباحة،فإختفى الضوء فجأة يا للعنة؛كما يختفي الشبح حين يأتي احدهم.اوه،ماذا يحصل هل جننت،هل انا على ضفة الهلاك.كلا…ان الأمر لم ينتهي،فالهلاك الذي يصاب به من لا يعرف دربه لا ينتهي عند مجرد الألم بل عند استنزاف كل شيء فيه.

و بهذا العذاب المتكرر،المتجهم،الكالح البغيض،عدت الى غرفتي فوجدت شيءََفيها،فلتحل لعنة الوجود،لقد كنتُ انا !

كانت أجزائي في رعب و رعشة بلا توقف،و قلبي ينبض بأقوى ما عنده،هل يعقل ما كل هذا؟ هل هذا انا،و لكن ما هذا الشيء الذي اشعر فيه بانه أنا.هل هذا وهم،هل هذا حلم،انه نهاية العالم الكئيب،ام ماذا.

حاولتُ لمس هذا الشيء،لكنه كان يختفي باستمرار،و في النهاية اختفى،لكنني صرختُ صراخاََ لا يمكن تصوره،صراخ مجنون،او صراخ أم فقدت ابنها الوحيد.

و حين إتكأت على سريري من شدة التعب و الألم،شعرت بطعنات الارواح الميتة تجتاح كامني،ليست كأي طعنات انها اغتيال بطيء.و مع كل هذه الطعنات المتتالية شعرتُ بالراحة؛آه لم اشعر بهذا الشعور منذ سنين طويلة،آه،لأول مرة شعرتُ بانني سأنام بهدوء…سأنام بهدوء.

و حين استيقظت؛و ايضا لأول مرة،كنتُ مسافراََ الى مكان رائع،لم اشعر بالتعب او الإنهاك مثل كل مرة.بالفعل كان هذا يحصل لأول مرة،لكن لابد ان يدرك الإنسان اين هو قبل ان يبحث عن اي شيء.فبحثتُ في هذا المكان،فلم يكن هناك بشر،كانت الحياة مزدهرة و كل شيء فيها،عدا البشر.بحثتُ لعدة ساعات عن اي شخص،لم افلح و لكنني عرفتُ شيءََ مهماََ…و هو انني قد غادرت الارض و البشر إلى الأبد.كم هو عظيم هذا الشعور……








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-