الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ حافل من الاحتجاجات على العنصرية في الولايات المتحدة

حسن الشامي

2020 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أمس 3 يونيو 2020 م فتح سكان العاصمة الأمريكية واشنطن، أبوابهم أمام مئات المتظاهرين حتى لا يتم القبض عليهم لخرقهم قرار حظر التجول في المدينة. وسمح أحد أصحاب المنازل، يُدعى راهول دوبي (44 عاما)، لعشرات المتظاهرين الشباب باللجوء إلى منزله بعد أن حاصرتهم الشرطة في شارع بحي دوبونت سيركل بالمدينة.

وساعد مع بعض جيرانه، في تقديم المساعدة الطبية للمتضررين من الغاز المسيل للدموع قبل إيواء المتظاهرين عندما لاحظوا أن قوات الشرطة تعتقل كل من يتصادف وجودهم في الشارع. وتفرق عشرات المتظاهرين في أدوار منزل دوبي، وظلوا عالقين هناك حتى رفع حظر التجول بواشنطن عند الساعة السادسة صباحًا.

ليس هذا فحسب؛ بل إن عمال توصيل الطلبات للمنازل كانوا يمدون الشباب بالبيتزا والماء طوال الليل، وفي صباح اليوم التالي تجمعت مجموعة من النشطاء خارج منزل دوبي لضمان خروج المتظاهرين بأمان وألا يتم القبض عليهم عند مغادرتهم.

وفال دوبي للمتظاهرين لدى مغادرتهم : "عودوا إلى منازلكم بأمان، واحصلوا على قسط من الراحة.. سنتحدث إلى بعضنا البعض".

يأتي هذا في الوقت الذي كثفت فيه الشرطة تواجدها في حي دوبونت سيركل؛ حيث قال المتظاهرون إن الجنود حاولوا مراراً إقناعهم بالخروج من المنازل التي كانوا يحتمون فيها.

وقالت أليسون لين، التي كانت من بين المتظاهرين الذين دخلوا إلى المنزل، على حسابها بتويتر: "يوجد حوالى 100 شخصا في منزل محاط بالشرطة.. فتح جميع الجيران في الشارع أبوابهم وهم يدعمون المتظاهرين. حاصرنا رجال الشرطة في هذا الشارع ورشونا برذاذ الفلفل".

في المقابل، نزعت الشرطة في نورث كارولاينا فتيل المواجهة المتوترة مع المتظاهرين بالركوع أمامهم دعما لمطالبهم بتحقيق العدالة في قضية جورج فلويد.

وفوجئ المتظاهرون بحوالي 60 ضابطا يركعون سويا لمدة 30 ثانية تقريبا ليبدون رفضهم لما حدث لفلويد.
وقال مركز الشرطة في تغريدة : "في محاولة لإظهار مدى فهمنا للألم الذي يعاني منه مجتمعنا وأمتنا بشأن المساواة، ركع الضباط ليثبتوا أننا ندافع أيضًا عن هذا المبدأ". وأضاف: "نحن ملتزمون بالاستماع ومعاملة الجميع بكرامة واحترام".

ولفظ فلويد أنفاسه بعد أن بقي شرطي أبيض جاثما بركبته على رقبته لما يقرب من تسع دقائق يوم 25 مايو الماضي في مدينة مينيا بوليس ليشعل ذلك من جديد قضية وحشية الشرطة ضد الأمريكيين من أصل أفريقي قبل 5 أشهر من انتخابات الرئاسة.

ووجهت لضابط الشرطة الذي جثم بركبته على رقبة فلويد تهمة القتل من الدرجة الثالثة وتهمة القتل غير العمد من الدرجة الثانية. وأقيل ثلاثة ضباط آخرون متورطون لكن لم توجه لهم اتهامات.

وقد أثارت قضية مقتل الأمريكي جورج فلويد اضطرابات في الولايات المتحدة، تحاكي تلك التي شهدتها بلدان الثورات الملونة والميدان والربيع العربي، وحملت المراقبين على تسميتها بالربيع الأمريكي.

وقضية فلويد لم تكن الأولى من نوعها خلال العقد الأخير في الولايات المتحدة، حيث خرج في يونيو 2010 م مئات المتظاهرين من أصول إفريقية إلى الشوارع في مدينة أوكلاند بكاليفورنيا احتجاجا على الحكم الصادر بالسجن عامين بحق الشرطي الأبيض جوهانس ميزيرل، الذي أدين بالقتل غير المتعمد.

وسوّغ ميزيل في إفادته أمام المحكمة إطلاق النار على ضحيته من أصول إفريقية، بأنه خلال فض عراك في إحدى محطات القطار، "أخطأ" في استخدام الأسلحة التي في حوزته، وعوضا عن مسدس الصدمات الكهربائية، أشهر سلاحه الفردي وأطلق منه الرصاص ليصيب أحد الفارّين من العراك، ويرديه قتيلا... رصاص جوهانس أدرك الفارّ في ظهره.

وعمّت الاضطرابات والمواجهات بين الشرطة والمحتجين في يوليو 2013 م لوس أنجلوس، وشيكاغو، ونيويورك، وسان فرانسيسكو، وأوكلاند، إثر تبرئة المحكمة جورج تسيميرمان، أحد أفراد مجموعة من المتطوعين المدنيين لحفظ النظام في أحد أحياء سانفورد بفلوريدا، من جريمة قتل الشاب الأمريكي من أصل إفريقي تريفون مارتين.

المتطوع تسيميرمان، بعد أن اتصل بالشرطة، لم ينتظر وصولها، وبادر إلى اعتقال الفتى البالغ 17 عاما. وخلال محاولة الاعتقال، أطلق النار عليه فأرداه قتيلا، وذلك "دفاعا عن النفس"، حسب قوله.

وعمّت مسيرات الاحتجاج التي حظيت بمشاركة بيضاء واسعة عددا من المدن، واتسمت في معظمها بالسلمية، باستثناء أعمال تخريب وسطو وشغب وإضرام للنار في أوكلاند.

وفي أغسطس 2014 م وفي مدينة فيرغيوسون بولاية ميسوري، قتل الشرطي الأبيض دارين ويلسون الشاب الأسمر مايكل براون البالغ 18 عاما "دفاعا عن النفس"، رغم إفادات الشهود بأن الشرطي أطلق النار على الشاب ويداه مرفوعتان للأعلى وخاليتان من أي سلاح أو أداة.

وأثار مقتل براون غضبا شعبيا كبيرا في المدينة، التي استمرت الاحتجاجات والمواجهات فيها بضعة أشهر بين المتظاهرين الذين أمعنوا في عنفهم وأعمال التخريب التي مارسوها، والشرطة التي استخدمت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.

واحتدمت الاضطرابات في نوفمبر، بعد تبرئة ويلسون لـ"ضعف الأدلة"، كما جاء في حكم القضاء، الذي أطلق يد الحرس الوطني في المدينة ليخمد الاحتجاج. موجة العنف آن ذاك امتدت إلى شيكاغو وفلادلفيا وأطلانطا ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وطالت خمسين ولاية.

وفي أبريل 2015 م، قتل الشاب الأسمر فريدي غري البالغ 18 عاما خلال محاولة اعتقاله في بالتيمور بولاية ميرلاند متأثرا بكسر عنقه، حيث انهال عليه ستة من رجال الشرطة لمنعه من الحركة والفرار. المحكمة برّأت الشرطة، وأثارت بحكمها هذا موجة عارمة من الاضطرابات في المدينة تخللتها مواجهات عنيفة أحرق خلالها المخربون 150 سيارة وهاجموا المحال والأماكن العامة والخاصة، فيما أصيب 15 من رجال الأمن والشرطة. الاضطرابات أخمدها الحرس الوطني الذي استدعي إلى المدينة لإعادة الحياة الطبيعية إليها.

وفي 5 يوليو 2016 م اندلعت الاحتجاجات في مدينة باتون-روج في ولاية لويزيانا إثر مقتل غيلتون ستيرلينغ البالغ 37 عاما، حيث جثم عليه شرطي أبيض بكل ثقله وأطلق عليه النار بضع مرات.

وفي 7 يوليو 2016 م، وفي مدينة فولكن هايتس بولاية مينيسوتا، أطلق شرطي أبيض النار على مواطنه من أصول إفريقية فيلاندو كاستيليه الذي طلب منه إظهار أوراقه. وفيما الضحية مدّ يده ليبرز الأوراق، سارع الشرطي إلى إطلاق النار عليه ليقتله على مرأى من زوجته وطفله اللذين كانا في السيارة، ظنا منه بأنه أراد "إشهار مسدسه" عوضا عن الأوراق.

وخلال المواجهات التي أعقبت الحادثين، أصيب في مدينة دالاس في ولاية تكساس 11 شرطيا، توفي خمسة منهم متأثرين بجروحهم. وطوت النيابة العامة الأمريكية القضيتين في مارس 2018 م، وأعلنت أن إجراءات رجال الشرطة في الحادثين، كانت "عقلانية ومبررة".

وأثار حادث مقتل المطلوب من أصول إفريقية سيلفيل كي سميث البالغ 23 عاما على أيدي الشرطة غضب الشارع في مدينة ميلوكي بولاية فيسكونسين في أغسطس 2016 م، حيث أحرق المحتجون بنكا، ومعرضا للسيارات ومحطة وقود في المدينة، التي فرض فيها حظر التجول لإخماد الاحتجاج.

وأقيل الشرطي سميث المتهم بقتل المطلوب من عمله، بعد إدانته بالقتل غير المتعمد، إلا أن المحكمة عادت عن قرارها، وبرّأته صيف 2017 م.

وأعلن في الولايات المتحدة سنة 1865 م عن تحرير العبيد، إلا أن ظاهرة جديدة برزت في المجتمع الأمريكي في أعقاب ذلك تمثلت في نظام الفصل العنصري، الذي أسس له البيض بعزل أنفسهم وأماكنهم عن مواطنيهم من أصول إفريقية.

كما تجلّت مظاهر الفصل في ظهور قاعات انتظار ومقاهي ومراحيض عامة خاصة بالبيض وأخرى بالسود، كما افتتحت جامعات ومدارس مفصولة، وخصصت في حافلات ووسائل النقل أماكن خاصة للّونين.

وفي الثلاثينات من القرن الماضي، حظرت الحكومة الأمريكية على المواطنين من أصول إفريقية السكن في مناطق وأحياء معينة في البلاد، سميت بمناطق الخط الأحمر، الأمر الذي مهد لظهور أحياء ومناطق للسود وأخرى للبيض، واستمر هذا الفصل حتى سنة 1960 م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد مخرجات اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي


.. غالانت: إسرائيل تتعامل مع عدد من البدائل كي يتمكن سكان الشما




.. صوتوا ضده واتهموه بالتجسس.. مشرعون أميركيون يحتفظون بحسابات


.. حصانة الرؤساء السابقين أمام المحكمة العليا الأميركية وترقب ك




.. انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض