الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أينما يكون الفقر والقمع تكون الانتفاضات والثورات

جلال الصباغ

2020 / 6 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


رغم الاختلاف في الزمان والمكان والظروف، يبقى المحرك الأول لأي احتجاج او اعتراض هو الواقع الموضوعي الذي يؤثر على حياة الناس ومعيشتهم، وهذا الواقع تفرضه السلطة المسيطرة، وينتج عنه صراع دائمي بين الطبقة المسيطرة والطبقة المسيطر عليها، ويؤدي في النهاية إلى تفجر الوضع بأنتفاصة او ثورة او احتجاج.

يحلو للكثيرين في العراق المقارنة بين انتفاضة أكتوبر وما يحصل في الولايات المتحدة الأمريكية بفعل قتل شرطي لمواطن من ذوي البشرة السوداء، وهذه مقارنات مشروعة وفيها الكثير من المنطقية اذا استثنينا من يعتقدون أن التظاهرات في المدن الأمريكية جاءت واستمرت، فقط نتيجة قتل جورج فلويد الشاب من أصل افريقي، صحيح أن من فجرها هو مقتل فلويد، لكن هذا ليس إلا العامل المساعد على إشعال فتيل الاحتجاجات، كما احدث البوعزيزي ثورة تونس التي امتدت لمختلف بلدان المنطقة التي تعاني ذات ظروف القهر والقمع والفقر وانعدام الحريات.

ان الظروف البائسة والتمييز العنصري الذي يتعرض له السود في امريكا جعل هذه الشريحة المهمة تقوم بالعديد من الانتفاضات والاحتجاجات في العصر الحديث وقد حققت منجزات مهمة، لكنها لم تحقق المساواة التامة بين جميع المواطنين، واضطهاد السود والتمييز ضدهم امر مدروس ومتعمد من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فهذا النظام يحاول أن يجعل الصراع داخل المجتمع الأمريكي صراعا عنصريا عرقيا بينما هو في حقيقته صراع طبقي يلبس ثياب العرق.

ليس السود لوحدهم ضحايا الملاّك وأصحاب المليارات بل إن غالبية البيض واللاتينيين وبقية الأقليات في الولايات المتحدة هم ضحايا لأبشع نظام عرفه تاريخ الرأسمالية، وجميع هذه الفئات ناقمة على هذا النظام الذي يبيح لشرطي قتل مواطن خنقا وهو يتوسل أمام أنظار الكاميرات والمارة دون رحمة، او قانون يحاسب هذا الشرطي وغيره من الذين يقتلون العشرات سنويا دون ذنب فقط لأنهم سود او لأنهم يطالبون بعيش كريم.
قد يكون البعض مخدوعين بأكاذيب الحرية وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة التي يروج لها النظام هناك، ان لم يكونوا من المنتفعين من النظام الرأسمالي الاستغلالي في الولايات المتحدة أو في جميع أنحاء العالم.

هنالك الكثير من التعتيم حول نمط المعيشة والحياة والخدمات في الولايات المتحدة، فمن يصدق ان أربعين مليون مواطن أمريكي يتلقى مساعدات غذائية في بلد يصرف الترليونات على الحروب والتسلح، امريكا التي تتغنى بالحريات وحقوق الإنسان، ربع سجناء العالم موجودين فيها، والمواطن الذي يمرض أثناء عمله يتم طرده من العمل، اذا لم يواصل الدوام دون اي قانون يحميه، من يصدق ان كل من لا يمتلك ثمنا لدفع الإيجار فأن الشرطة تأتي لترميه في الشارع دون اي ضمان!

هذه هي الصورة الحقيقية عن الحياة في الولايات المتحدة والتي قد تكون غائبة عن الكثيرين بفعل الإعلام الرهيب وإنتاج هوليود الضخم وكل وسائل الترهيب والترغيب المستخدمة مع الدول والشعوب المختلفة.

المشترك بين انتفاضة أكتوبر في العراق والاحتجاجات الأمريكية هو الفوارق الطبقية الرهيبة التي جعلت الملايين من المواطنين تحت رحمة الشركات وأصحاب البنوك ورؤوس الأموال وإشغال المجتمع بصارعات مختلقة وغير حقيقية مثل الصراعات العرقية العنصرية او الصراعات القومية والطائفية والدينية.

هكذا تحصل الصراعات وهكذا تتحول إلى احتجاجات وانتفاضات وثورات لكنها في جميع أشكالها بحاجة ماسة لأحزاب وقوى ثورية منظمة تقود الجماهير نحو التحرر والاشتراكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية