الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مائة شكر وامتنان للحوار المتمدن

بدر الدين شنن

2006 / 6 / 21
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


ثمة قضايا هامة تجذبني للكتابة عنها في هذه الأيام .. منها ما هو نقابي ومنها ماهو سياسي .. لكنني لما وجدت أن أي منها سوف يحمل رقم المائة في لائحة المقالات التي رأت النور عبر " الحوار المتمدن " .. أزحت جانباً أوراقي التي تحمل خواطر وإحصائيات ومعلومات عن تلك الموضوعات ، وجلست أفكر ماذا يجب علي أن كتب في هذه اللحظة

مائة مقالة .. هي من حيث الكم ، مقارنة مع أرقام بلغتها مقالات زملاء آخرين في " الحوار المتمدن " ليست بذات أهمية ، لكنها بالنسبة إلي ليست مجرد رقم كبر أم صغر .. وإنما هي حياة .. من أهم سنين حياتي التي لم يبق منها سوى القليل .. حياة حرية .. حياة متبادلة بيني وبين " الحوار المتمدن " من أجل الخير والعطاء والضياء

عندما قرأت مقالي الأول في " الحوار المتمدن " وجدته كما أرسلته دون أي تعديل أو تبديل ، رغم أني قد طلبت المساعدة في تصحيح أخطاء قد تكون وقعت سهواً هنا أو هناك .. فقد كتبته وأنا أعاني حالة صحية بالغة السوء .. نشر المقال كما هو حرفياً .. وفوجئت أن " الحوار التمدن " قد نشر قبل عام ماحصل عليه من مصادر أخرى قسماً هاماً من كتابي " الشهادة .. كي لاتتكرر الجريمة " . ومن لحظتها أدركت أن وراء " الحوار المتمدن " أناس متمدنون حقاً .. أناس يحملون بمصداقية عالية شرف الكلمة .. وحرفية الصحافة .. وقلب الإنسان

وإذ أقول ما قلت في " الحوار المتمدن " فأنا أعني ما أقول . وقد كنت في حل من التعليل والتبرير لما قلت ، لو أنني ضمنت تفسير ما ذهبت إليه بإيجابية تامة لدى جميع الزملاء والقراء

قبل أربعين عاماً ونيف كتبت أول مقال لي في جريدة الجماهير بحلب ، عندما كنت دارساً في المعهد النقابي ، رداً على مقال لأحد المحاضرين هاجم فيه النقابيين الملتحقين بالمعهد لعدم حضورهم الكافي وقت محاضرته . لم أكن أعرف أن هذا المحاضر هو أمين فرع حزب البعث في المدينة .. ولم أكن أعرف أن الصراع بين أجنحة البعث على الأبواب .. وأنني يجب أن أحصل على إذن بالكتابة من حزبي العتيد . قامت القيامة حولي .. إنتقدت بقسوة .. أخضعت لرقابة أمنية حزبية وإعلامية ولولا إنقلاب 23 شباط 1966 الذي جرى بعد مدة قصيرة ، لكان الغضب بشكل أشد قد شمل ، من الناحية الأخرى ، رئيس التحرير والصحافي الذي مرر المقال إلى النشر

بعد ذلك تعززت الصداقة بيني وبين جهاز التحرير في تلك الجريدة ، خاصة بسبب علاقاتي النقابية مع العاملين في الجريدة . وفتح لي المجال لإعداد صفحة أسبوعية عن الشؤون النقابية والعمالية . ا ستمرت هذه الصفحة نحو أربع سنوات .. تطور فيها النشر حتى شمل بعضاً من الأدب وأكثر من السياسة . لكنني أخضعت وقتها لرقابة لجنتين ، لجنة من حزبي العتيد وأخرى من حزب البعث على أعلى مستوى .. وبعدها كان يأتي دور رئيس التحرير . الأمر الذي شوه الكثير من النصوص ، وقيد دوري وتطوري . ومنذ هزيمة حزيران 1967 ا شتدت الرقابة أكثر لاختلاف الموقف بين الحزبين حول التعاطي مع المرحلة الجديدة ، إلى أن تمت القطيعة مع الجريدة

بعد ذلك .. في ظروف ما بعد انقسام الحزب .. وقبيل انتقال الحزب إلى موقع المعارضة ، في أواخر السبعينات قرر الحزب إصدار جريدة " الحقيقة " في المنطقة الشمالية من البلاد إضافة إلى جرائد مناطقية أخرى . وكلفت بإعداد موادها وإصدارها .. وقد تم فرض رقابة شديدة من قبل المكتب السياسي عليها .. خاصة مع إحتدام الصراع الدموي بين الأخوان المسلمين والنظام ، حيث كانت مدينة حلب بالذات المسرح الرئيس لذلك الصراع
وبعد تعرض الحزب للملاحقة ا ستمرت " الحقيقة إنما تحت رقابة أسوأ . فعلى الرغم من موافقة المركز على موادها إلا أنها كانت تحرم من توزيعها على مناطق أخرى للإطلاع أسوة بجرائد مناطقية أخرى
وعندما إعتقلت لم يصدر منها سوى عدد واحد كانت مواده معدة من قبلي .. وكما قيل لاحقاً إنها قد إعتقلت معي

وخلف قضبان المنفى .. كانت تجربتي مع النشر هي تجربة مريرة أخرى . قليلة هي المقالات التي نشرت بكاملها في الصحف الورقية .. وكثيرة هي التي لم تنشر ، وذلك لعدم توفر الصداقات ووسائل التعارف المسماة بالمفاتيح لولوج عالم صحافة الخارج ، وذلك أيضاً لأنني أحرص دائماً على ا ستقلالية أعتبرها أساس الحرية والمصداقية في التعبير عن القناعة .. ولأنني ملتزم طبقياً لاأحيد عن ذلك مهما كان الثمن .. أو كما يقال حامل السلم بالعرض .. فإن أبواب النشر التي تؤثر الكتابة باللغات الهوائية والمطاطية والفضائية لاتحبذ لغتي "الخشبية "

ولهذا أراني بهذه المناسبة متألماً وسعيداً في آن .. متألم لأن حياتنا السياسية والإعلامية اليسارية تحكمت بها .. وماتزال إلى حد كبير .. عقليات أسوأ من العقل الإعلامي للنظم الحاكمة .. وقد كلفنا ذلك الكثير من الخسائر والآلام . وسعيد لأن مساحات سياسية وإعلامية يسارية واعدة مضيئة بدأت تأخذ دورها متجاوزة نواقص وعفن الماضي . وهي لاتحمل فقط بشائر تمدنية في النشر وإنما بشائر ممارسة لصناعة المستقبل الإنساني المتمدن أيضاً

وعلى هذا يمكن القمل إن مساهمة " الحوار المتمدن " الحقيقية هي محاولته أن يسد أرقى تجل إنساني للحوار .. وللأمل .. وللحلم

قليل جداً أن أقول .. أنا ممتن ل " الحوار المتمدن " لأنه بالنسبة إلي أكثر من موقع يتيح لي نشر قناعاتي ومساهماتي في رفد نضال شعبي ونضال فقرائه .. ونضال الإنسانية .. ضد كل أشكال الاستبداد والظلم والآستغلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا