الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج الأعلى لليبرالية

محمد باليزيد

2020 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


>>وفاة جورج فلوريد يعاد توصيفها ب جريمة قتل وتوجيه الاتهام إلى 4 من الشرطة.>> عن فرانس 24، يوم 03/06/2020
لقد حدث مرارا ان قتل اسود على يد الشرطة وحوكم شرطي واحد ب"القتل غير العمد" رغم أن هذا "القتل غير العمد" نادرا، او لم يحدث أن كان من حظ أمريكي ابيض كما أنه كل دورية شرطة يكون فيها 3 او 4 رجال شرطة وليس من المعقول أن يموت مواطن على يد الدورية ويكون الكل، سوى واحد، بعيدا عن أي مسؤولية.
حادثة قتل جورج فلوريد وتطوراتها تنسف تماما مقولة الليبرالية الزائفة بان العدالة مستقلة. فتوجيه القتل غير العمد ولشرطي واحد ثم تغيير رأي العدالة بعد أن عمت الاحتجاجات امريكا، كل هذا يعطينا درسا بأن "عدالة كل المواطنين" لم تبن بعد في هذه الدول الليبرالية، على درجات متفاوتة، وأن على الفئات الهامشية، سواء بمعيار اقتصادي أو ثقافي أو غيره أن تستخدم حقها في الضغط، بكل الوسائل المتاحة، على هذه العدالة كي تعرف أنهم لم يموتوا بعد وترجع إلى الاتجاه الصحيح.
لقد وصلت الليبرالية حقا أوجها/قمتها في الولايات المتحدة الأمريكية على مستويين:
- المستوى التكنولوجي العالي جدا. ومن أوجه هذا المستوى مثلا الأنترنيت بكل جوانبه ومنها وسائل التواصل الاجتماعي.
- البنيوي/القانوني/... ومن مظاهر هذا مثلا، لا حصرا، لبرلة الاقتصاد، ليس فقط الداخلي، وإنما العالمي حيث أن الدولار الأمريكي لم يعد أمريكيا فقط كما أن و.م.أ من أهم القوى العالمية التي دفعت كي تحرر التجارة عالميا ويصير العالم "قرية صغيرة" فعليا.
لكن يبدو أن هذا البلد الذي تزعم البشرية نحو منجزات الليبرالية هذه هو الذي سيجر العالم للتخلي عنها وإنها لمفارقة أن يصطدم زعيم هذه الدولة مع أكبر منجزات الحضارة البشرية في عهد الليبرالية. فترامب، كأي رجل أمي من العالم الثالث، لم يعد يفهم قوانين النشر في وسائل التواصل الاجتماعي ويتجاوز حدوده إلى درجة أن تويتر وسناب تشات تقرران حذف بعض منشوراته. كما أن إدارة هذا الأخير بدأت تشعر منذ مدة أن التجارة العالمية الحرة، كما نظروا لها، لم تعد صالحة(لم تعد في صالحهم) وبدأوا يشتكون من أن الصين "تستفيد"؟!

وإذا امكننا أن نقول بأن هناك ليبرالية غير همجية، فالليبرالية الأمريكية همجية بكل معنى الكلمة، ذلك أنها تضيف إلى وصفة الليبرالية الحقة ، الليبرالية التي تعني أنه لكل مواطن حقوقا بمقدار ما له من مال، [لست مختصا في الاقتصاد لكن اعتقد أن هذه الجملة قريبة من تعريف الليبرالية]، ليبرالية الولايات المتحدة تضيف إلى تلك الوصفة وصفة العنصرية وربما أشياء أخرى. فإذا كان المواطن الأمريكي لا تضمن له مواطنته، أيا من الحقوق الأساسية، التعليم والشغل والسكن والصحة ،(1) فإنه بالإضافة إلى ذلك تعاني الأقليات من حيف أكبر حيث أن لونهم أو ثقافتهم يضيف نقطا سلبية إلى ميزان مؤهلاتهم في سوق الشغل والمناصب والمصالح فيسبقهم البيض إلى ذلك رغم قلة مؤهلاتهم. تقول بعض الإحصائيات مثلا أن معدل الثروة لدى البيض الذين لم يتمموا الدراسة الثانوية يساوي مثيله لدى الملونين الحاصلين على الإجازة(الرابط فيديو للدكتور محمد ربيع ).
ليس هناك من شك أن الأمة الأمريكية أمة متحضرة(2)، لكن وصول مثل ترامب، رجل يقيم دعايته الانتخابية على أن أمريكا أهم من كل العالم وأن البيض الأمريكان أهم من السود، وصول مثل هذا الشخص إلى البيت الأبيض يعطينا درسا هاما ويوضح لنا بما لا يدع مجالا للشك بانه حين يتحكم لوبي المال في السياسة تموت السياسة والديمقراطية معا. يعلمنا أنه، حين تنضج الليبرالية نضوجا كاملا، ستؤول النتيجة حتما في كل دول العالم إلى نفس النتيجة كما في الولايات المتحدة، تحكم لوبي المال والأعمال في السياسة وموت جميع الأفكار الطوباوية [لا أقصد بطوباوية هنا علو السقف، ولكن تلك المطالب صارت طوباوية لأن البرجوازية عجزت عن تحقيقها فهي إذن مجرد حلم.] الأفكار الطوباوية التي نادت بها البرجوازية كي تهزم الإقطاع مثل: حقوق المواطنة المتساوية، تعدد الأحزاب ، دفاع الأحزاب عن رؤى مختلفة وتمثيلها لفئات اجتماعية مختلفة، حق التحزب والرأي و... كل ذلك صار مجرد حلم في أمريكا حيث حزبان ليبراليان عظيمان استطاعا تهميش كل الرؤى الأخرى وحصر تداول السلطة بينهما بماكينة دعاية وإعلام يتحكم فيها المال ولا شيء غير المال.
أليس من أكبر المفارقات أن تفشل الدولة الأمريكية في مواجهة فيروس كورونا حيث ما يزال المئات من الأمريكيين يموتون بالفيروس؟ ولا يجد ترامب ما يقوله بصدد كورونا سوى جملته الرديئة "الصين مسؤولة"(3).الليبرالية الترامبية لا تهمها أرواح الأمريكيين ولا فرق بين أن تترك الدولة الشعب لحاله مع الوباء ويفسح المجال للوبيات صناعة الأدوية كي تبتز الشعب وتستنزفه بلقاحاتها وأدويتها وأن يضغط جهاز القمع على رقاب الشعب فوق الإسفلت حتى الموت كالحشرات.
1) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
المادة23: 1 ) لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة.
المادة25: 1 ) لكلّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.
المادة26: 1 ) لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم. ويجب أن يُوفَّر التعليمُ مجَّانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزاميٍّا. ويكون التعليمُ الفنِّي والمهني متاحًا للعموم. ويكون التعليمُ العالي مُتاحًا للجميع تبعًا لكفاءتهم.
2) يجب أن لا يفهم القارئ قولي هذا على أساس أنه مجرد مجاملة. فإذا كنا لا نجهل مثلا أن سياسة الو.م.أ الإمبريالية الطبع هي سبب كثير من مشاكل العالم الثالث. وقبل ذلك نعلم كيف بنيت هذه "الحضارة" على أجساد السكان الأصليين، لكن مع كل هذا، يجب التمييز بين الأنظمة والشعوب. وهل نآخذ نحن في العالم الثالث بوزر أنظمتنا؟ قد يرد قائل: لكن نحن في العالم الثالث "صامتون" قهرا وقمعا، أما مواطني الدول المتقدمة فهامش حريتهم كبير وعليهم بهذا فضح سياسة دولهم ومعارضتها. نعم مواطنو الدول المتقدمة لهم هامش من الحرية نتوهم أنه كبير. لكن حدود هذا الهامش لا تتضح إلا حين يجد الجد. وها نحن نرى أنه حين أراد مواطنو الو.م.أ أن يمسوا بنية أساسية لنظامهم، العنصرية، توقفت اللعب! وصلت الوقاحة بالبرجوازية العفنة إلى حدود التهديد بإدخال الجيش ضد الشعب والإنجيل بيدها!؟!. ليبرالية القرن الواحد والعشرين تأخذ عصا الجيش باليد اليمنى، وباليسرى دعم "إلهها" ضد الفقراء والمشردين والمهمشين. لقد جر وصلت الليبرالية فعلا الحضيض.
3) اين الخلل: فوجئت الصين بفيروس لم يسبق لهم التعامل معه وادى هذا الى تفشي الفيروس بشكل كبير وحصد ارواح كثيرة واضعاف الاقتصاد. قد تكون هناك اخطاء فعلا لكن كل ذلك مبرر في حالة الصين، اول بلد فوجئ بالفيروس. الدول الغربية الان تحاول ان ترمي بعجزها عن حماية نفسها، ترمي به على عاتق الصين،. نعرف ان الفيروس لم يصل أوربا ولا امريكا الا بعد حوالي شهر على الاقل، ان لم تخني ذاكرتي، بعد التصريح الصيني بتفشيه هناك. الدول الغربية اذن لم يأخذها الفيروس على حين غرة. ان مستواها العلمي والاقتصادي يسمح لها، بعد ان سمعت بتفشيه في الصين، يسمح لها ان تستعد. ولنفترض ان الصين، حتى هذه اللحظة، لم تصرح بان لديها فيروس وتكتمت 1000000 في 100 عن المسالة ، هذا الافتراض يسمح لنا ان نعتبر الصينيين مجرد خفافيش او فئران ليسوا مسؤولين عن اي تصريح ونعتبر الدول الغربية هي المجال الانساني الاول الذي فوجئ بالفيروس. اليس من حق مواطني هذه الدول ان ينتظروا من دولهم ان تنجح في التعامل مع الفيروس اكثر مما نجحت الصين؟ وهل نجحت فعلا اكثر من الصين؟ القادة الرأسماليون يفرطون في حياة مواطنيهم و"يمسحون" ذلك في الصين لأنها "لا تحترم حقوق الانسان حسب المعايير الدولية"! سقطت الطائرة. هذا الهامش نشرته بالفيس بتاريخ 17/04/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة