الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد ياسين المتساكن مع الحيوانات الضالة برهان ساطع لهشاشة الطفولة في المغرب

مليكة طيطان

2006 / 6 / 21
حقوق الانسان


كارثة طفل باب دكالة بمراكش الذي عثر عليه متساكنا مع القطط والكلاب الضالة صورة وتطبيق عملي ميداني لهشاشة الطفولة بالمغرب
أحمد ياسين هو اغتصاب البراءة والطفولة وفي نفس الآن وأد المستقبل في واضحة النهار مع سبق الإصرار والترصد
تعددت القراءات وبالتالي تراكمت الاستنتاجات والحلول والضحية يبقى واحدا ...هو المستقبل بكل تلاوينه وأطيافه ...هو الأمل ...في المحصلة النهائية هو الوطن
أمام هذه الكارثة الانسانية وبدلا من استهلاك الكلام المعاد ، وفذلكة الحلول الترقيعية ، وتوجيه الاتهام في اتجاه واحد بفعل القصور الدماغي في أغلب الأحيان ، أؤكد بدل هذا الدخول والخروج في الكلام أليس من الأجدى السير في سياق تحديد المسؤوليات ؟ ...هذه الأخيرة تقود إلى طرح التالي ...ألا يمكن الاستعانة بآليات المساءلة؟.مساءلة كل أركان الدولة ، بكل تأكيد ستساهم الآلية في تحديد المسؤولية توصل وبشكل سريع إلى الأطراف التي تورطت سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في إجهاظ حلم وطن كامل غير منقوص
كارثة استأترت باهتمام الرأي العام الوطني ، بل اخترقت جدران المغرب لكي تدول وتصبح قضية إنسان بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الوطني أو الجنسي ....هو طفل اسمه أحمد ياسين ، يبلغ من العمر 6 سنوات رغم أن بنيته الجسدية تعطيه 3 سنوات وفي أقصى تقدير ...طفل ولج متاهات الحياة دون خارطة مسبقة ، اضطرارا اعتبر من نفايات الجنس البشري
أحمد ياسين وقبل أن يساكن الحيوانات الضالة من كلاب وقطط في سطح منزل خراب نبحث أولا في أسباب ما... قادت هذا البرىء إلى أحضان سيدة هي أصلا في أمس الحاجة إلى الاحتضان والتتبع والمراقبة
أحمد ياسين الطفل ولد خارج شريعة الدين والدنيا أي خارج خارطة طريق المجتمع ...هكذا يقولون ...رمي في أحضان سيدة استيقظت فجأة من سبات عنوسة ممزوجة بتوابل اللآمبالاة ...زاولت وظيفة بسيطة بالمحكمة غطت ثلاثة عقود ...قربتها من سلطة القضاء بالمدينة ...مكنتها وعن قرب من الاطلاع على ضروب الجرائم والحوادث والجنايات ...بكل تأكيد زادها المعرفي يستوعب البعض من الضوابط القانونية والمسطرية للأحكام
لم تنتبه السيدة إلى أن اتجاه الرتابة في الحياة سينكسر يوما ما ...لا أدري هل غادرت الوظيفة طوعا أو تحت طائلة تقاعد حتمي ، المهم أنها غادرت العمل بالمحكمة وغذرت بها هي الأيام ...انتبهت فجأة إلى أنها مجرد جسم موبوء متخلى عنه ...في صحراء ازدرائها هذه اختلطت عليها الأمر ولم تعد تميز الانسان من الحيوان
أحمد ياسين الطفل موضوع اشتغال الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية هذه الأيام ، والنزيل حاليا بمستشفى ابن زهر بمراكش في غرفة عناية مركزة ،لعل الطب يتدارك ما تم تدميره جسديا ونفسيا في هذا الانسان ...تم اكتشاف هذه الأسطورة الحية والملموسة من طرف أحد أبناء الجيران حينما قادته ضرورة إصلاح اللاقط الهوائي (الدش)لمحت عيناه أن كائنا بشريا طفلا بين القطط والكلاب الضالة التي جمعتها سيدة جارة من الحارة ...اعتقد في البدء أن المشكل في عينيه فاستعان بالجيران الذين تأكدوا من أن الأمر يتعلق بالفعل بكائن بشري يأتي بنفس حركات وأصوات من يساكن من الحيوانات ...لم يتردد الجميع في إخبار أصحاب الحال من شرطة وأجهزة إدارية مسؤولة ، وعلى وجه السرعة يتم كشف أحد منعرجات الحياة
يتداخل الكلام ويتشابك لكن صلب القضية واحد ، هو في البدء أن أحمد ياسين يمثل ايراد مهنة او تجارة خارج الوصاية القانونية ...رغم أنها مهنة ضاربة في أعماق تاريخ البشرية ويتم الاعتراف بها كأول تجارة عرفتها البشرية تزامنت مع ظهورها الأول في الكون ، إلا أن الملل والنحل لم تضفي أو تعطيها شرعية الاعتراف ...مهنة لا تحتاج إلى علم أو ثقافة، نعم تحتاج إلى رأسمال واحد ألا وهو الجسد ....مهنة ومهما تكن أسبابها ودواعي اللجوء إليها تبقى مهنة تهين وتبخس الكرامة الانسانية في أول ونهاية الأمر
عوامل متشابكة متداخلة هي حوافز بالفعل بالقوة لممارسة تجارة بدون سند قانوني أو قيمي ...يبدو في مقدمة الأسباب : تدني مستوى العيش ، إنه الفقر في أعتى صوره ...فالوضع الاجتماعي المتردي وتفشي الأمية بشكل خطير ، هو أيضا التفكك الأسري ....هو إهمال البادية افقيا وعموديا حيث غدت مصدرة للأذوات القابلة للتدجين وممارسة كل شيء ...هي الأحياء الهامشية ، هي أحزمة البؤس التي شكلت سواء في الماضي أو الآن الخزان المستفيض للزاد الانتخابي الذي يشتريه ووفق منطق التبادل والمقايضة مختلسوا الديموقراطية سواء القدامى أو الجدد ....هي الآن مشاتل لزرع نبتة التطرف والارهاب باسم الدين ، وما أحداث 16 ماي إلا دليل واضح ولا يحتاج إلى المزيد من الشرح لصحة ما أقول
وما دمنا بصدد الفقر الذي أعلن عن تأنيثه في المغرب فإن البادية نفسها هي المزود الأساسي للمدينة بخادمات البيوت ، وضعيتهن المزرية وظروف اشتغالهن اللاإنسانية يشيب بذكرها الولدان ...هن أجسام موبوءة لأنهن أكثر عرضة للمهانة والاغتصاب والنتيجة هو الانجاب خارج خارطة طريق المجتمع
وقبل أن يستهلك الرأي العام غذاء القضية من الاعلام أرى من الضروري والأكيد تحديد المسؤولية الجماعية والفردية في صناعة هذا العنف والرعب المزدوج ...مرة أخرى من قاد هذا البريء إلى أحضان مليئة بالمسامير الحادة ...؟؟ .سيدة تعاني من عقل أصابه الدمار ...تفككت خلايا الاتزان العقلي عندها لكي تجمع االانسان والحيوان والجماد في صف واحد وهكذا انتهى عندها الأمر
والآن الانطلاقة تبدأمن حيث العقلاء الأسوياء
قضية الطفل أحمد ياسين الآن نعتبرها ظاهرة للعنف والاساءة للطفولة ، أضحت الآن حالة من حالات الطوارىء التي تتطلب التدخل السريع ، مع هذه الكارثة الجريمة لم تعد حماية الطفولة من الاساءة والعنف والاهمال مجرد واجب يفرضه الواجب القيمي أو الأخلاقي الانساني وإنما أضحت مرتبطة بقضية بقاء وطني على اعتبار أن تحصين ورعاية المستقبل تبدأ خطواتها الأولى بحماية ورعاية أبنائه
المغرب صادق بشكل تام على كل الاتفاقيات والعهود الدولية القاضية بتحصين الطفولة وحمايتها ...وبما أنني وضعت في قفص الاتهام كل الأركان تحضر الدولة أساسا وبمختلف مؤسساتها ...صادقت على الاعتراف بأن لكل طفل حقا أصيلا في الحياة ...أيضا تكفل الدولة الطرف وإلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه ...كما تتعهد بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين ...تتطلب أساسا وجود بيئة صالحة وصحية وسليمة وإتاحة الرعاية الطبية وتوفير الحد الأدنى لمستوى الغذاء والكساء والمأوى
ويبدو في طليعة البنود ما تقوله حينما تطالب بتوفير الدولة للطفل المحروم من الوالدين رعاية بديلة ومناسبة كما يتوجب عليها تنظيم عملية التبني تنظيما دقيقا ومضبوطا
بون شاسع بين المسطر المصادق عليه وبين الواقع الملموس ، ولكي لا أنطلق مجحفة في حق من يسكنه طموح التغيير فهذا رئيس الدولة وملك البلاد أعلن جهرا بما ينتظر الوطن من آفات ومآسي اجتماعية لا قدر الله ...خطاب إعلان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جلي حينما جاء فيه الإشارة إلى المعضلة الاجتماعية ....أشار بالبنان إلى تلك المعطيات الموضوعية والاشكالات الاجتماعية في المغرب تلكم المعطيات التي تتجلى في كون فئات ومناطق عريضة تعيش ظروفا صعبة ، بل وتعاني من حالات فقر وتهميش تتنافى مع ما نريده من كرامة ....هكذا صرح ملك البلاد
في نفس السياق تكون كلمة رئيس الدولة وملك البلاد واضحة حينما تشير إلى مصداقية تشخيص الوضعية الاجتماعية رهينة بمدى نبل الدوافع وسمو الطموح الذي يحدونا لتحقيق التقدم الاجتماعي وبهذا المعيار فإن استغلال البؤس الاجتماعي لأغراض سياسوية أو لإذكاء نعرة التطرف أو لإشاعة روح التشاؤم والانهزامية واليأس أمر مرفوض أخلاقيا باعتباره ضربا من التضليل والمغالطة
كم هو تعبير صادق يوجه بالبنان إلى الأطراف التي أعلنت على تحمل مسؤولية النضال اليومي والملموس من أجل القضاء عن منابت الأمراض الاجتماعية ، يبدو في مقدمة الأركان الأحزاب والجمعيات والنقابات وكل من تعهد من مجالس منتخبة محلية وجهوية ووطنية
في البدء نتفهم أحزابنا وما تعانيه من مهام خاصة تغنيها عن الارتباط بالمجتمع ...نتفهم همها اليومي والمتواصل من أجل مناقشة ومطارحة الانتخابات وقانون الانتخابات ، وقانون الأحزاب والتشكيلات المحلية والوطنية والتحالفات ...واللاوائح الوطنية والمحلية ومن يتصدر ، ومن يزكى ومن يسقط من سماء مقاولاتهم وأيضا انتقاء حريم ديكور المقاولات ، والمؤتمرات والندوات التي تتخذ مواضيع اشتغالها أيضا نفس الاهتمامات الانتخاباتية الموصلة إلى البرلمان والاستوزار أو تسيير الشؤون المحلية وقس على ذلك ...نتفهم أن انطلاقتها ووصولها وجولتها من الانتخابات إلى الانتخابات لا تخرج من نفس الدائرة ولا وقت لديها لمطارحة الهموم الاجتماعية اللهم إذا استثنينا توظيفها في أعيادها المعلومة
ولا تفوتني الفرصة دون أن أستحضر كائنات زاحفة نبتت فجأة كالفطر تسمى الجمعيات ، ولأن من لم يتمكن من تحقيق مآرب خاصة داخل المقاولات الأحزاب رأى في تأسيس جمعية تتخذ من المآسي والآفات الاجتماعية مناولات للاشتغال هي فرصة ثمينة تعوض وبالتالي تحقق المنشود ...ولا تستغرب أيها القارىء أن موضوع المقال الضحية البرىء أحمد ياسين هو هدية ثمينة لبعض الجمعيات التي قدمت نفسها كطرف مدني في الموضوع ....المطروح الآن أما حان الوقت الذي توضع فيه هذه الجمعيات التي تتعامل مع الأمراض الاجتماعية بالمنطق التجاري المحض القائم على قاعدة الربح دون الخسارة ..أقول أما حان الوقت لكي تكون موضع مساءلة عن الهبات والعطايا والدعم الداخلي والخارجي وغير ذلك من مسالك الربح الخيالي مستغلة الأمراض الاجتماعية والضحك على دقن الوطن ؟؟ أما حان الوقت لكي يؤسس مرصدا وطنيا خاصا بها فقط من أجل محاسبتها وتتبعها ومراقبتها انسجاما مع ما وضحه وبالمكشوف صاحب الجلالة ملك البلاد و لكي لا نسقط في حبال التضليل والمغالطة كما جاء في سياق الخطاب
وأخيرا فمأساة أحمد ياسين وحدها تضع الجميع في موقع المساءلة فمن أين البدء ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية