الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاركة المرأة في الحياة العامة

حسن الشامي

2020 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة :
إن قضايا تحرر المرأة ومساهمتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ونيلها حقوقها كاملة تعتبر جزء من قضايا المجتمع المعين بأكمله، وتتأثر بطبيعة النظام الاقتصادي- الاجتماعي وبنوع العلاقات السائدة في ذلك المجتمع.
وبالنظر إلي أوضاع المرأة في مختلف التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية، عبر التاريخ باعتبارها جزء من القوي العاملة في تلك المجتمعات، نجد أن دورها في المجتمع العبودي والإقطاعي اقتصر علي العمل الرعوي والزراعي واعتبرت عنصرا تابعا للرجل من الناحية الاقتصادية وذلك في إطار أساليب الإنتاج التي كانت قائمة آنذاك والتي اتسمت بانخفاض إنتاجية العمل. ان انتقال المجتمعات إلي المرحلة الرأسمالية عبر الثورة الصناعية التي قادت إلي توفير فرص عمل أكبر واستخدام أكثر لليد العاملة، ساعد علي ولوج المرأة لمجالات العمل المختلفة.
وأدت سيادة علاقات الإنتاج الرأسمالية وانهيار علاقات الإنتاج الإقطاعية إلي إحداث تغيير أساسي في القيم والتقاليد وأشكال وأنماط العيش التي كانت مسيطرة خلال المرحلة الإقطاعية. كما ترافق مع هذا التغيير تحرر نسبي للمرأة ساعد علي زيادة مشاركتها للرجل في النشاط الإنتاجي.
وإثناء الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789م جرت المحاولة الأولي للاعتراف بحقوق المرأة السياسية والمدنية ومساواتها بالرجل، لكن الثورة الفرنسية البرجوازية لم تستطع أن تطرح قضية المرأة طرحا صحيحا وجذريا، بحكم الطبيعة الاستغلالية لنظام علاقات الإنتاج الرأسمالية السائدة.
ولاشك أن الجهود الدولية المبذولة من أجل إلغاء التمييز ضد المرأة، والمؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة، وإصدار الوثائق وعقد الاتفاقيات الدولية قد انتصرت لحقوق المرأة، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولائحة القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما أن الاهتمام الذي تحوزه قضايا المرأة، سواء من جانب المؤسسات الأهلية والمدنية في المجتمع، ومن جانب الحكومات وأجهزتها المختلفة، قد وضع قضايا المرأة في اهتماماته الأولى.

الوضع الراهن لمشاركة المرأة :
وإذا كان الاهتمام بموضوعات المرأة، جزءا من سياق الإصلاح السياسي والمجتمعي، فمن المهم ربط الأنشطة الجاري القيام بها ومتابعتها بالإصلاح وإبرازها وتمكين المرأة من المشاركة في الحياة العامة، وخصوصاً المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وتصفية الطابع التمييزي بين النساء والرجال في هذا المجال، وان تكون المشاركة حقيقية وفاعلة، لا مجرد مشاركة شكلية، هدفها تجميل وجه النظام السياسي، والإيحاء بمعالجة قضايا المرأة وتمكينها.

عقبات تحول دون اشتراك المرأة في الحياة العامة :
1- الالتزام بتحديد هدف التوازن بين الجنسين في الهيئات واللجان الحكومية والإدارية العامة، وفي النظام القضائي.
2- حماية وتعزيز حقوق المرأة والرجل علي قدم المساواة في ممارسة العمل السياسي وفي حرية تكوين الجمعيات بما في ذلك العضوية قي الأحزاب السياسية والنقابات.
3- دعم المنظمات غير الحكومية ومعاهد البحوث التي تجري دراسات عن مشاركة المرأة في عملية اتخاذ القرار والبيئة التي يتم فيها، وعن اثر هذه المشاركة.
4 ـ لابد من تبني السلطات الرسمية موقفا يدعو إلي مشاركة المرأة في الحياة العامة، ومعالجة المشاكل التي تحد من مشاركة النساء، عبر سلسلة من الإجراءات القانونية والإدارية، التي توفر الإطار القانوني والإداري للمشاركة.
5 ـ تصفية سياسة التمييز بين النساء والرجال، وتعديل قوانين وأنظمة العمل وظروفه، وإصدار التوجيهات إلي ضرورة إدخال العنصر النسائي في الوظيفة العامة، وتولي المناصب السياسية والإدارية علي قدم المساواة.

6 ـ دور المجتمع بمؤسساته الأهلية والمدنية، والاجتماعية والثقافية، ينبغي القيام به في دعم ومساندة عملية إنهاض المرأة وتعديل المفاهيم التقليدية، وخلق نماذج وتجارب واقعية لنجاحات النساء في الحياة العامة، والتي سوف تعكس نجاح عملية الإصلاح.

دور المرأة في عملية التنمية :
إن قضية المرأة لا يمكن أن تبحث بمعزل عن قضايا المجتمع، باعتبار أن قضية المرأة جزء من قضايا المجتمع، فأن النهوض بالمرأة العرابية لا يمكن أن يتم إلا في إطار مشروع تنموي وطني متكامل يضمن المساواة والعدالة الاجتماعية مما يؤمن التوظيف الأمثل للموارد البشرية.
وتقوم التنمية علي المواطنين رجالا ونساء ، فهم صناع التنمية وغايتها، ومن هنا تتأتي ضرورة إتاحة الفرصة لمشاركة جماهيرية واسعة من أجل التصدي للهيمنة الرأسمالية، كما أن المشاركة الجماهيرية تشترط أجواء من الحريات والديمقراطية.
ويتضمن مفهوم مشاركة المرأة في التنمية : مساهمتها في قوة العمل، ومساهمتها السياسية، وتعليم المرأة ومحو الأمية، وتعديل القوانين المنظمة للحياة الاجتماعية، وزيادة الوعي الاجتماعي، وتعديل العادات والتقاليد والأعراف وأنماط السلوك.

مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية :
ويبدأ تحرر المرأة من تحررها الاقتصادي باعتباره مدخلا يسمح لها بحرية الاختيار، ويجب أن تضمنه قوانين وتشريعات تسمح لها أن تحيى حياة مستقلة، وان تحقق ذاتها.
إن عمل المرأة ضرورة وطنية لان حرمان نصف المجتمع من العمل وجعلها غير منتجة ومستهلكة فقط معناه شل الاقتصاد الوطني وعرقلة نموه.
كما أن الإقرار بحق المرأة بالعمل لا يكفي ولابد من إزالة العوائق من أمامها من قبل الدولة والجهات الفاعلة بالدرجة الأولى.
ولكي تتم التنمية الاقتصادية لابد من حل مشكلة البطالة والتخفيف من وطأة الإجراءات والإصلاح عن كاهل محدودي الدخل رجالا ونساء.

المشاركة السياسية للمرأة :
نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي حق كل فرد في أن يشترك في حكومة بلده، وتمكين المرأة من أداء دورها وتحسين مركزها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، أمر ضروري لتحقيق الحكم والإدارة والتنمية المستدامة علي أساس الوضوح والمساءلة في جميع جوانب الحياة.
إن علاقات القوة التي تعوق تحقيق المرأة لذاتها، تؤثر علي عدة مستويات في المجتمع من المستوي الشخصي للغاية إلي اعلي مستوي في الحياة العامة، لذلك فأن تحقيق إشراك المرأة علي قدم المساواة في صنع القرار من شأنه أن يؤدي إلي توازن يعكس بصورة أدق تكوين المجتمع، ويعد شرطا للأداء الديمقراطي السليم.
كما تؤدي المساواة في عملية صنع القرار السياسي وظيفة نفوذ يتعذر بدونها تحقيق الإدماج الفعلي والمساواة، ويؤدي دورا بالغ الأهمية للنهوض بالمرأة.
إن اشتراك المرأة في عملية صنع القرار علي قدم المساواة، لا يعد مطلبا من مطالب العدالة والديمقراطية البسيطة فحسب وإنما شرطا ضروريا مراعاة مصالح المرأة.
وعلي الرغم من الحركة الواسعة النطاق نحو إقرار الديمقراطية في معظم البلدان لا تزال المرأة إلي حد كبير ممثلة تمثيلا ناقصا في معظم مستويات الحكم لاسيما في المناصب الوزارية والقضاء، ولم تحرز المـرأة سوي قدر ضئيل في الهيئات التشريعية لا تتعدي 15% وتقل عن ذلك في المناصب الوزارية.
ورغم أن المرأة تمثل نصف الناخبين في جميع البلدان تقريبا وقد حصلت علي حق التصويت وفي شغل المناصب في كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريبا. فأنها لا تزال ممثلة تمثيلا ناقصا فيما يتعلق بالمرشحين للمناصب العامة.

رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا