الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تعولوا كثيرا علي مناعة القطيع

محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق

(Mohamed Ibrahim Bassyouni)

2020 / 6 / 7
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


توهّم بعض أهل الطب وبعض المسئولين الحكوميين وبتحفيز ودافع سياسي إقتصادي بأن السبيل الأنسب في التعامل مع هذا الوباء وتجنبا لإستخدام بعض الإجراءات الصحيّة المطلوبة والمكلفة ماديّا والمضرة إجتماعيّا، هو ترك الوباء يسير في المجتمع كي تتكون المناعة المجتمعية العامة والمصطلح عليها بـ "مناعة القطيع Herd Immunity".
فتركوا الناس في البلد دون رقابة ودون فحص أو تدقيق فأنتشر الوباء بسرعة وحصلت المفاجأة بعد أن تكدست أعداد المرضى على أعتاب المستشفيات فأكتشفوا خطأهم وعرفوا بأن سياسة مناعة القطيع لا تصلح لهذا الوباء الخطير سريع الإنتشار وقوي الأثر، خصوصا في ظل غياب اللقاح الخاص بهذا الوباء.

‏فيروس كورونا تسبب حتى اليوم 6 مايو في: اصابة 6.8 مليون انسان اصابة مؤكدة من هؤلاء مازال ثلاثة مليون شخص مصاب وحالتهم بسيطة ومازال 53 الف شخص مصاب وحالتهم حادة او حرجة وتعافى 3.3 مليون شخص وتوفي 400 الف شخص

الصين حينما اخذت الشدة والحزم في إجراءاتها الصحيّة والوقائية لإحتواء هذا الوباء الصعب، صعّد الإعلام الغربي لهجته وأنتقد بعض السياسيين التصرفات الصينيّة ووصفوها بالفعل الدكتاتوري المحض. فالأجيال الغربية الصاعدة نشأت في ساحات الديمقراطية لم تشهد في تأريخها عزل مدن بكاملها عن بعضها مع ملايين البشر فيها يحظرون من التجوال بسبب مرض، فتبلورت عندهم النغمة الحقيقية التي إعتادوا على سماعها عن الإضطهاد الشيوعي للمواطنين وعن الإسلوب القهري المميز للنظام المستبد. لم يخطر على بالهم بأن الصين تتصرف ضمن قواعد علمية تقتضيها المرحلة والمصلحة العامة من أجل الحفاظ على الأرواح ومنع الكارثة. وهكذا أستقبل الغربيون كوفيد 19 دون تحفظات تضير بمبادىء الديمقراطية كي يعطون صورة لردة فعل مختلفة عما دار في الصين الدكتاتورية.

هجم الوباء علينا ونحن لدينا بعض النقص في وسائل التصدي للوباء من كمامات وقائية وكفوف واقية للأيدي وأدوات تشخيص ومحاليل كشف الى أجهزة تنفس إصطناعية وكادر طبي متدرب ومتأهب للضرورة. كان الأطباء لا يرتدون الكمامات الوقائية في بعض المستشفيات لعدم توفرها أو عدم كفايتها، بحيث فقدت بعض الدول بعض الاطقم الطبية من جيشها الأبيض المتصدي للفايروس وامتلأت ممرات المستشفيات بالأعداد الفائضة من ضحايا كوفيد 19 بسبب تزاحم المرضى وشحة المكان، في أوج حالات الوباء، الى الحد الذي طبقت فيه نظرية البقاء للأقوى، فأنخفضت العناية لكبار السن من أجل الأقل عمرا.

السويد راهنت على وعي المجتمع وبعد شهرين ونصف حصدت علي اعلى نسبة وفيات بين مصابين كورونا بالعالم. واعترفت الحكومة بخطئها في اعتماد سياسة مناعة القطيع في إدارة أزمة كورونا، لزيادة أعداد الوفيات (5 آلاف حالة) نسبة إلى عدد الإصابات (4 أضعاف النسبة في الدول المجاورة).

تستند استراتيجية "مناعة القطيع" ببساطة إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي، اذا تعرض عدد من الناس للعدوى، إذ يكوّنون أجساما مناعية مضادة تكسر شوكة الفيروس، ولن يكون بمقدوره الانتشار على نطاق واسع. بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالفيروس، وبالتالي تتعرف أجهزتهم المناعية على الفيروس، ومن ثم تحاربه إذا ما حاول مهاجمتها مجددا.
ويمكن لمناعة القطيع أن تكتسب أيضا من خلال إعطاء لقاح لعدد كبير من الناس لمكافحة الوباء، مما يصعّب من انتقاله لآخرين، لكن ذلك الحل أيضا غير متوفر في مواجهة فيروس كورونا، إذ تشير تقديرات الخبراء إلى أن لقاحه لن يكون متاحا قبل سنة إلى سنة ونصف السنة من الآن.

اعتقد ان مناعة القطيع قد تكون غير فعالة في مواجهة فيروس كورونا، لتطور الفيروس جينيا وتطوير سلوكه، الأمر الذي قد يحتاج إلى طرق جديدة لمكافحته. ولا يوجد دليل علمي حتى الآن على أنه إذا ما أصيب شخص بفيروس كورونا، فإنه لن يصاب مرة أخرى، الا ان تضافر الجهود من أجل تطوير لقاح ضد الوباء بشكل سريع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين