الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية كلمة...غالية الثمن

فاضل فضة

2006 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لا يكفي ان تمنع الحريات ولا يكفي ان يدمّر مستوى معيشة الشعب ولا يكفي ان تمتلئ السجون بابناء سوريا. بل يمنع على الجميع حتى العمل، لمن وقع على إعلان. إعلان دمشق بيروت، في موسم الربيع لعام 2006. الإعلان النص العادي الذي تعاطف معه مجموعة من المثقفين السوريين واللبنانيين ووقعوه سوية في تمنيات لا يمكن تحقيقها إلا في ظروف حكومات وطنية للشعبين الشقيقين.

قد يستغرب المواطن السوري الذي تربّى في حضن ثقافة القمع والخوف والرعب أننا نستهجن مثل هذا الإعتقال العشوائي، "وما بتزبط" على أي مقاس في عقول جيل جديد من السوريين الذين لايعرفون معنى الحرية ولم يسمعوا بها إلا عبر تعاريف خادعة وكاذبة، كشعارات النظام البالونية في كل شئ سام وحضاري. نعم قد يستغرب أي فرد من الشعب السوري دهشتنا الجريحة حول سجن الناس لرأي فقط، ولسنوات اطول بحكمها من سجن قاتل أو اكبر مهرب مخدّرات في بلد مثل كندا، نعم قد يستغرب اي سوري إندهاشنا وحزننا وقرفنا من فصل رب عائلة من وظيفته، او سجن إنسان لعشرة سنوات بشكل مماثل لأحكام سجن الباستيل الذي دمرّه الفرنسيون في ثورتهم الدامغة في تاريخ البشرية.

إلى اين يسير اصحاب نعش النظام السوري، إلى أي من مقابر الأحياء يرغبون بإيصال هذا الوطن.
ألا يكفي الفساد الذي تطور ليصبح حوتا اكبر من حجم الأرض والشعب كله؟
ألا يكفي الظلم الذي وقع على كاهل الشعب المسكين الذي لاحق له بالحياة كأي شعب آخر على وجه الأرض؟
ألا تكفي سياسة التخلف والأمن والمخابرات المحاصرة لهمس المواطنين في حياتهم صبحاً ومساءً وليلاً؟

إلى أين يسير النظام السوري في سياساته العشوائية، إلى أين تسير هذه المدحلة البدائية في علاقة الدولة بمواطنيها، وإلى متى يمكن لسياسة القمع والأستبداد ان يستمرا؟

أشك في أن الشعب السوري تغير بقيمه، واشك في ان الشعب السوري غير قادر على محاكاة التطور البشري ليبنى بلداّ يسمو بسمعته بشكل مماثل لتاريخه العظيم.
لكنني لا أشك في ان المافيات وعقلية القرون الوسطى مازالت هي الحاكم الأول والأخير في دولة لم تتحمل في تاريخها مثل ماتحملته خلال العقود الأربعة الماضية.

قد يشوّه الضغط النفسي وظروف الحياة القاسية سمعة الشعب السوري ونفسية إنسانه الطيب، لكن الحقيقة تبقى ان هذا الشعب يحمل في داخله حسّ اقوى من كل آثار آلة الفساد التي سادت في حياته نتيجة حكم ديكتاتوري لا يرغب أن يفهم ان الزمن تغير وأن الحياة لم تعد كما كانت عليه في الماضي. ظاهرياً شوّهت قيم الإنسان السوري تحت وطئة الجوع والفقر وحق العيال والأطفال في عيش أقل من إنساني. شوّه نفسياً واخلاقياً وقيماً، كما شوه جسدياً كل من ذاق طعم "القهر" والعهر المخابراتي الخارج عن تاريخ العصر والارض في القرن الواحد والعشرين.

هل يعقل ان يتطور الأستبداد إلى هذا المستوى، وهل يعقل أنه في عام 2006، يمكن لنظام يسمي نفسه وطنياً أن يمارس الحكم بعقلية ماقبل التاريخ البشري.

لا أفهم ان معظم الذين نلتقي معهم خارج سورية، هم ضد النظام، لكنهم ولظروفهم المعيشية ولعدم تنظيمهم غير قادرين على فعل أي شئ. لذا أشك في ان السلطة المدنية حتى في أعلى المناصب وقرب رأسها، هي مع سياسة التخلف والقمع والإرهاب.
كلهم يرسلون رسائل سرية تقول انهم مرغمون على المسايرة والمداهنة واستمرار العيش، لكنهم لا يستطيعون ان يفعلوا أي شئ؟ تناقض غريب وعجيب، يرتبط بمقولة التدليس أو الحقيقة المتناقضة مع الذات في اكتساء اكثر من شخصية.

عن ماذا يدافع كل من يعمل مع النظام، أليس الحكم في سورية تحكّم مجموعة المصالح العسكرية والمخابرات وبعض الحيتان والمافيات الإقتصادية بشعب بأكمله كأنه في حظيرة خارجة عن تاريخ الأرض. لن يفهم النظام حق الشعب السوري لإنه لم يكن يوماً مهتماً بشعبه. ولن يفهم الشعب السوري ان النظام الحالي لا يستطيع بتركيبته الحالية ان يقدم له حقه في الحياة وحريته التي احرق معانيها.

فالحرية كلمة، كلمة فقط، ثمنها غال جدّاً لمن أرادها. والحرية لن تأتي على طبق من فضة او ذهب. الحرية للشعب السوري هي البحث عنها بكل الوسائل، أولها التحرر من الخوف والمطالبة بها، والخروج عن طاعة النظام. وحرية الشعب السوري ستبقى حبيسة اقبيته السوداء، إلى أن يفيق ماردها في ضمير الشعب السوري كله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الذكرى الثانية لرحيلها.. شيرين أبو عاقة تترك إرثا ما يزال


.. بحضور رئيس البلاد.. الآلاف يهتفون لفلسطين على مسرح جامعة أيس




.. سفن قوات خفر السواحل الصينية تبحر بالقرب من جزيرة تايوانية


.. الشفق القطبي ينير سماء سويسرا بألوان زاهية




.. مصر تلوّح بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل إن استمرت في عملية