الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة تشرين/قراءة في مستويات الوعي/جماهير مدينة الثورة انموذجا/الثانية

عبد جاسم الساعدي

2020 / 6 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كنت اميل في ساعات التظاهر في ساحة التحرير لمراقبة وعي جماهير المدينة، وكيف يتصرفون أو يندمجون في شعارات التظاهر، إذ وجت الفاصل مع الأسف لا يبشر بخير ولا يسر المتابع، وان أعدادا منهم يتمتعون بمضغ(المكسرات )، ويرمونها في الشارع. بينما تتعالى شعارات التظاهر وكانت تمس جوهر حياتهم اليومية في مدينة اضناها البؤس والشقاء والعزلة والتسكع والبطالة والأمية التي ضربت عمق الحياة حتى بلغت زهاء ٨٠% وان نسبة المتسربين وصلت إلى ٧٥% في شباب بين أعمار ١٥ و٢٥ عاما حسب احصاءات وزارة التخطيط وكذلك الحال في محافظة النجف. إنها مأساة وطن لم تتحرك ازاءها كل المراجع الدينية على الرغم من وفرة المصادر المالية المتنوعة التي تصلها. يحيلنا الوضع المتردي باننا لا يمكن أن ننتظر من تلك المراجع ما يعالج ولو أزمة واحدة بل تجدها في خصومات مستمرة على بيع وشراء العقارات والنزاعات بين الوقفين الشيعي والسني على بسط السيطرة علي الجوامع والمساجد. فلم نقرأ مبادرة ولا مشروعا يفيد الشباب وينتشل حال فقرهم.
والسؤال الجاد هل الفضاءات والمرجعيات الطائفية لا يهمها سوى التفاخر بالأموال التي تصلها حتى من دون جردة حساب. كما أنها تعنى بدورات دينية لآلاف الشباب وتنفق أموالا طائلة عليهم كل سنة في كربلا، والنجف وهم اصلا عاطلون عن العمل.
فخلخلة الوعي السائد بحاجة الى اقتحام الساكن بصورة سلمية وحوارية لازاحة كواتم الصوت والمراقبة والعزلة وتفكيك هيمنة الميليشيات المسلحة حتى يتسنى للشباب التعبير عن حضورهم وجدوى مشاركتهم في حركة التظاهر.
ومهما يكن وعلى الرغم من الشعارات الطائفية المتجذرة منذ عقود، إلا أننا وجدنا أعدادا كبيرة كانت تتحرك للتعبير عن مشاعرها الحقيقية في المطالبة بالعدالة الإجتماعية وإدانة كل أشكال الفساد المالي والإداري وكأنها أدركت بأنها في الطريق الصحيح الذي يؤدي الى الانتماء الحقيقي للعراق أولا ولمدينة تحتاج لشبابها.
فصرنا نجد أن شعارات التظاهر قد دخلت برفق ومرونة إلى الحياة الإجتماعية هناك والى أفراد العائلة الواحدة وفي مجالسهم الاجتماعية. فانتقلت إلى الحياة اليومية مما شجع على الحوار والتخلص من أسوار العزلة المذهبية الصارمة وستبقى هذه المدينة الباسلة التي واجهت أزمات لا حد لها في مراحلها التاريخية بخاصة إبان النظام البعثي الفاشي والنظام السياسي الحالي، ستكون جديرة بالحياة والعز والحرية والعمل وإطلاق مشروعات اقتصادية وتنموية لتحريرها من عبث الاستحواذ والجوع والفساد وتشرد الاطفال.
مدينة الأربعة ملايين، كان ينبغي أن تكون نموذجا جميلا يوحي بالحياة والزهو وابتسامة الاطفال وفك الاكتظاظ السكاني بإعادة بناء عشرين الف مدرسة جديدة ومتنزهات ورياض أطفال ومستشفيات وإدارات جديدة متحررة من بؤس الانتماء الطائفي وسياسة المحاصصات الرعناء.
لا اظن ابدا بأن تلك المشروعات الإصلاحية بعيدة التحقيق أن توافرت ارادة جماهيرية وقيادات شعبية بوعي إجتماعي جديد .
أكيد ستضاهي مدن العالم أن توافرت حكومة وطنية لا وجود لأمراض المحاصصة والنهب والفساد ويمكن أن تسهم كفاءات العراق في الخارج والداخل بإعادة بناء مدينة تتسع وعيا وحرية ببناء مصانع وتنظيم دورات تأهيل وتدريب الشباب وتشجيع الكفاءات والطاقات.
إننا بصدد الأبعاد الإنسانية الجميلة لبناء مدينة خربتها نزعات الاغتيال والخطف والاغتصاب والتصفيات البشرية وجعلتها مجردة من العوامل الجميلة لوجودها.
ولابد ان تقتنع مصادر التيار الصدري بأن الناس أحرار في اختياراتهم والبحث عن البدائل الممكنة في عصر جديد يبحث الناس فيه عن حياة جديدة لأطفالهم خارج أسوار الضغط وفرض القيود عليهم.
هكذا ننشد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وبناء الإنسان من دون إكراه ولا قيود ولا نزعات المواجهات بالسلاح. لابد أن نقر نحن أحرار وان نتخلص من هرج وقعقعة السلاح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي