الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فيتامين D هو الترياق السحري للوقاية من فيروس كورونا؟

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 6 / 8
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


تفيض وسائل التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الإعلام بتقارير ونصائح بضرورة الاتكاء على فيتامين D لأجل الوقاية من فيروس كورونا نظراً لقدرته الفائقة على تعزيز قدرات الجهاز المناعي للإنسان في وجه ذلك الفيروس المقيت ومفاعيله المهولة على حيوات البشر ومجتمعاتهم.
والحقيقة أنه لا يوجد أي بحث علمي منشور في مجلة علمية محكمة أو في مرجع علمي موثوق تشير إلى ارتباط سببي بين عوز فيتامين D وزيادة معدلات الإصابة بفيروس كورونا، على الرغم من وجود أبحاث علمية جارية بذلك الصدد لم يتم إتمام الحصول على نتائجها وتدقيقها علمياً وإحصائياً نظراً لحداثة عمر الفيروس بين بني البشر التي لا تتجاوز بضعة أشهر، وقد تثبت تلك الدراسات بعد فترة صحة تلك التكهنات أو خطأها بعد إتمامها ونشرها في مجلات علمية محكمة ومراجع طبية معتد بها.
وعلى الرغم من ذلك فلا بد من الإشارة إلى ما يعرفه الأطباء راهناً بشكل مثبت عن علاقة فيتامين D الوثيقة بسلامة عمل الجهاز المناعي للإنسان، وخاصة فيما يتعلق بقدرات الخلايا المناعية القاتلة من فئة T على الإمساك بالخلايا الشاذة التي تتشكل يومياً بمعدل قد يصل إلى 200 خلية سرطانية يومياً، والقيام بابتلاعها وهضمها ومنع أي منها للتحول سرطاناً مفتوحاً. وتلك الحقيقة تجد تمظهرها في زيادة معدلات الإصابة بمختلف أنواع السرطانات وخاصة الدموية والليمفاوية لدى من يعانون من نقص فيتامين D بشكل مزمن.
ومن ناحية أخرى فإن عوز فيتامين D المزمن هو المسؤول الأكبر عن شكايات التعب المزمن والإنهاك وقلة الهمة على العمل، والصعوبات الإنجابية والتناسلية عند الذكور والإناث، وحتى الشكايات النفسية من قبيل صعوبات النوم والأرق المزمن والاكتئاب، والتي يصنفها الأطباء عموماً بمتلازمة الإنهاك المزمن Chronic Fatigue Syndrome.
وبشكل محزن لا بد من التطرق إلى أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن أكثر المجتمعات إصابة بعوز فيتامين D هي في أحد الدول العربية التي حباها المولى شمساً ساطعة صيفاً وشتاءً، ويذهب السياح من كل حدب وصوب لأجل التمتع بدفئها، بينما يتوارى أهلها عن الشمس بطريقة مؤلمة، وهي المصدر الأكبر الذي يُمَكِّنُ الجسد بعيد تعرضه لأشعة الشمس من تصنيع فيتامين D بشكل ذاتي يؤمن حاجة الإنسان منه ويقيه شرور عوزه.
ولقطع دابر الشر باليقين، والعمل بأن درهم وقاية خير من قنطار علاج، ونظراً لحاجة البدن الملحة لفيتامين D للقيام بوظائف عديدة بشكل سليم، فإن النصيحة المثلى هي بالسعي لتعريض أجزاء واسعة من الجسد للشمس لما لا يقل عن 20 دقيقة يومياً في وقت غروب الشمس أو شروقها بحيث تكون حدتها أقل، واحتمالات تسبيبها لأي حروق جلدية جراء التعرض لأشعة الشمس شبه معدومة، وهو الواقع المتاح لكل الناطقين بلسان الضاد بشكل موفور ميسر لا يحلم به الكثير من القابعين في جغرافيا شمال الكرة الأرضية وغربها.
ومن ناحية أخرى فإن النصيحة العلمية بمحاولة الحصول على فيتامين D عبر التعرض المحدود والمدروس للشمس أفضل بكثير من تناول فيتامين D كمكملات غذائية على شكل حبوب أو كبسولات أو شرابات، وذلك ليس لاختلاف في الفائدة التي سوف يحصل عليها الجسد سواء إن حصل على فيتامين D بشكل طبيعي عبر التعرض للشمس، أو عبر استهلاك مشتقات فيتامين D المصنعة بشكل كيميائي والتي بعيد استقلابها في الجهاز الهضمي والكبدي تتحول إلى فيتامين D مشابه لذلك الذي يحصل عليه الجسد عن طريق التعرض للشمس، وإنما لضعف الثقة العلمية و الأخلاقية بكل منظومات تصنيع المكملات الغذائية على المستوى العالمي التي ليس عليها رقابة فعلية سوى تلك التطوعية التي تقوم بها عبر مراقبة نتاجها وجودتها عن طريق عمالها و موظفيها نفسهم، وليس عن طريق أي جهة رقابية خارجية، وذلك هو العرف الساري في صناعة المكملات الغذائية على المستوى العالمي.
بالإضافة إلى الواقع المأساوي الذي فحواه بأن جل مصانع المكملات الغذائية على المستوى الكوني تعمل وفق مبدأ التعليب وصناعة اللمسة الأخيرة، حيث أن الغالبية المطلقة من المواد الفعالة في صناعة المكملات الغذائية على المستوى العالمي سواء في الدول النامية أو المتقدمة يتم تصنيعها في الصين، ومن ثم تحضيرها عبر مزجها بالسواغات التكميلية المطلوبة في الهند قبل تصديرها إلى المعامل الأخرى في جميع دول العالم لتقوم بسكب ما قامت باستيراده في حبوب وكبسولات وشرابات، وتعليبها، و تسويقها، وبيعها على أنها من إنتاج الدول القائمة فيها، بينما هي بالفعل من نتاج الصين أساساً وبشكل أقل الهند، وفي كل منهما تعتبر الرقابة على الصناعات الدوائية شبه معدومة، و هو الواقع البائس الذي أفصح عن نفسه في فضائح متكررة لتلوث المواد الأولية الدوائية المصنعة في الصين و الهند بمواد مسرطنة، فما بالكم بصناعة المكملات الغذائية التي لا تقتضي القوانين في معظم دول العالم و من ضمنها دول العالم الغربي المتقدم أي رقابة عليها سواء رقابة ضمير القائمين عليها والذي قد يستقيم الشك بأنه معدوم في حمأة قوانين اقتصاد السوق الذي يباع ويشترى فيه كل شيء ولا قيمة تعلو فيه على قيمة الربح السريع بغض النظر عن أي خسائر جانبية لا بد منها حتى لو كانت حيوات بعض أو الكثير من البشر.
ولذلك لا بد من العودة إلى مبدأ الاتكاء على الطبيعة في محاولة تعزيز صحة الفرد، والتي قد يكون أسهل أحيازها الحصول على فيتامين D بشكل طبيعي في أرض العرب من شمسهم الساطعة بالشكل الذي أشرنا إليه آنفاً دون الحاجة لالتهامه مصنعاً بشكل كيميائي في مصانع لا رقابة فعلية عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كا?س العالم للرياضات الا?لكترونية مع تركي وعلاء ???? | 1v1 ب


.. فـرنـسـا: أي اسـتـراتـيـجـيـة أمـام الـتـجـمـع الـوطـنـي؟ •




.. إصابة عشرات الركاب بطائرة تعرضت لمطبات هوائية شديدة


.. حزب الله يحرّم الشمال على إسرائيل.. وتوقيت الحرب تحدّد! | #ا




.. أنقرة ودمشق .. أحداث -قيصري- تخلط أوراق التقارب.|#غرفة_الأخب