الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوضات بين الاسراع والتاجيل

عدنان جواد

2020 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


المفاوضات بين الاسراع والتأجيل
المفاوض القوي ليس فقط من يجيد الكلام واللعب بالألفاظ، وانما من يمتلك نقاط القوة التي يستمدها من الشعب الذي يقف خلفه، ومن الحكومة المساندة له في اي قرار يصل اليه مع الجانب الاخر، ونحن نعلم ان المفاوض العراقي ضعيف مقارنة بالمفاوض الامريكي ، لاعتبارات من اهمها عدم اتفاق الاطراف السياسية الحاكمة في العراق بمكوناتها الثلاث على كلام موحد، فالبعض يريد بقاء القوات الامريكية في العراق وهم الاكراد والسنة، والبعض يطالب برحيل القوات الامريكية بدون قيد او شرط، وايضا سوف يجبر المفاوض العراقي التركيز على الجانب الاقتصادي، لان البلد يمر بأزمة خانقة، اما المفاوض الامريكي موحد الصف محترف خاض الكثير من المفاوضات مع العديد من الدول، وهو يعلم ما يريد ، ويمتلك منظومة متخصصة تعمل على هذا الملف منذ سنوات.
ان المكونات المشتركة في العملية السياسية في العراق لها وجهات نظر مختلفة، فالأكراد والسنة يريدون بقاء القوات الامريكية في العراق، ويصرحون بذلك بصورة علنية بل ويصرون ان من يحميهم هي القوات الامريكية وانها دولة عظمى وتمتلك الاموال والاسلحة، وهي تتحكم بقرارات المنظمات الدولية ، وانهم يقولون مللنا من الحروب والحصار، وكما في معنى المثل(ان اليد التي تستطيع ان تلاويها بوسها لاباس)، بينما يتكلم الشيعة او البعض منهم وخاصة الفصائل المقاومة المسلحة بان الولايات المتحدة الامريكية عدو وليس صديق، وان العراق ليس له معها اي مصلحة وانها سبب دمار الشعوب والدول، وانها من دمرت العراق بعد احتلاله، ويقولون نحن الاغلبية ونحن من حرر الارض من داعش، بعد ان سمح الامريكان بدخوله للعراق ، وانهم غالبا ما يتعرضون لقوات الحشد الشعبي بالقصف الجوي واستهداف قادته كما حدث باستهداف الشهيد المهندس والحاج قاسم سليماني وهما قادة الانتصار على داعش، وان امريكا هي من جعلت للاكراد دولة داخل الدولة العراقية، وهي من اضعفت الدولة العراقية وفككتها.
وبالنتيجة ان الاطراف العراقية غير موحدة في اتخاذ القرار بشان التفاوض مع الامريكان، فالبعض يقول ينبغي الاسراع في التفاوض مع الامريكان في الحصول على المكتسبات في ظل التظاهرات الشعبية ضد قتل المواطن الامريكي من اصل افريقي جورج فلويد من قبل الشرطة الامريكية، وبحث الحكومة الامريكية الحالية بقيادة ترامب عن منجز تتحدث عنه في هذه الفترة العصيبة، والبعض الاخر يقول ينبغي تأجيل التفاوض لمجيء رئيس ديمقراطي اقل تشدد من الرئيس الحالي، خاصة وان التفاوض بحقيقته هو بين طهران وواشنطن، وان الاتفاق النووي تم في حكم الديمقراطيين ، ويبدو ان هذا الامر كان سائدا طوال فترات التاريخ القديم والحديث فقد قيلت الامثال في ذلك( بين العجم والروم بلوى ابتلينا) ، وان الولايات المتحدة الامريكية تدرك ان انسحابها من العراق يهدد الامن القومي الامريكي والاسرائيلي بصورة خاصة، وهذا منهج السياسة الامريكية بحزبيها الديمقراطي والجمهوري، فهم يعلمون ان الجانب الايراني والروسي والصيني سيشغل الفراغ، وهذا الامر سوف يفقدها نفوذها السياسي والاقتصادي في العراق، بل تفقد حلفائها الاخرين ، بعد ان تشعر دول المنطقة بانها صديق لا يمكن الوثوق والتعويل عليه.
ان الوضع في العراق معقد، وعندما نقول نحن نعيش في دولة ذات سيادة نجانب الحقيقة، ولا نحمل القادة الحاليين المشاكل كلها، وانما هي متوارثة من نظام صدام الذي ادخل البلد في حروب خاسرة افقدته سلطته والعراق هيبته فاصبح محتلا مديونا ، تتدخل فيه الدول وتتصارع على ارضه، وغالبا ما يكون الحطب لذلك الصراع المواطن العراقي، والمشكلة الكبيرة في قادة اليوم انهم ممثلين لتلك الدول ينفذون تعليماتها فبقى بلدا مفككا ضعيفا مستهلكا، والحكومة اليوم لا تستطيع ان توفر رواتب الموظفين بعد ان وجدت الخزينة فارغة، والنفط انخفض سعره، وجائحة كورونا، وليس هناك صناعة ولا زراعة، واغلب من في السلطة خدم نفسه وحزبه ومكونه بدل خدمة وطنه.
وخلاصة المفاوضات ان امريكا تريد سلامة سفارتها وقنصلياتها وشركاتها العاملة في العراق، والحفاظ على مصالحها في العراق، فهل تستطيع الحكومة ذلك بان تمنع انطلاق الصواريخ او تمنع قيادي في الفصائل المقاومة من التحرك او المرور عبر السيطرات الامنية؟، وبالمقابل يبحث الطرف الايراني عن مصالحة في العراق، خصوصا وانه يملك حدود طويلة وبعد شعبي واجتماعي وسياسي في العراق، والمفاوض العراقي هل يستطيع ان يفرض شروطه ويبحث عن مصالحه ايضا من خلال الطلب منهما عدم التدخل في شؤونه والسماح له بعقد الاتفاقيات مع الدول الاخرى كروسيا والصين وغيرها، وابعاد الارض العراقية عن صدامهما فيه، والمساعدة في محاسبة الفاسدين الذين تحميهم تلك الدول لان البعض منهم يمتلك جنسية تلك الدول، والتمسك بالحشد الشعبي كقوة رادعة وعدم حله، وتزويد العراق بمكائن صناعية، واخرى زراعية، والسماح بدخول شركات رصينة في مجال الطاقة لتوفير الكهرباء، واخرى في مجال الطرق والجسور والاسكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر