الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة في الواقع الفلسطيني في الضفة والقطاع

يوسف فخر الدين

2006 / 6 / 22
القضية الفلسطينية


في ضجيج النهايات لا يبدو لي من مكان للصوت الفلسطيني، بل ارتدادات لمكنة التحولات الدولية الإقليمية. ويبدو الأكثر بروزاً في هذه المنازعات طموح غير مشروع* تستعيده القوى الإسلامية بالهيمنة. والمثير للسخرية أنها تتقدم في سعيها هذا بلغة البدايات الثورية، ولكن محملة بإدراك النهايات وبيقينية مدى الهيمنة الأمريكية وباستعداد التفاوض المثقلة به الحركة الوطنية الفلسطينية، والذي كان تتويجاً لمسارها الطويل والمتعرج. وهو ما قد يبدو لجمهور حماس كالسقوط من الشجرة، ولكنه للمراقب إنكشاف لرؤية سياسية رافقت الإخوان المسلمين طويلاً ومن قبل تشكيلهم لحركة حماس.


لا أعتقد أن في هذا القول تجني على حركة سياسية لطالما أعلنت في الأوساط الضيقة استعدادها للتفاوض والقبول بالحل المطروح دولياً**، وأقصد حل الدولتين، ولكن فقط كطرف مهيمن. والمستجد استعدادها للتفاوضً من خلال وسيط يدفع هو الثمن وتحصل هي على النتيجة دون إثم. وإذا كانت القوى الفلسطينية غير جاهزة لهكذا دور وظيفي، وتحديداً فتح، فإن كلٍ من مركز العملية السياسية، الولايات المتحدة، والشريك المفترض فيها إسرائيل غير قابلين لهكذا ألاعيب تفتح الباب على المجهول بدل أن تغلقه مرة وللأبد كما تخططان. مما يدفع الجميع لدعوة حماس للتورط بكليتها في المصير المحتوم (حسب الإله المعولم). ويبدو أن الدفع وإن أتى لغاية واحدة أساسية إلا أن أطرافه ترتكز على غايات جزئية تشكل كل منها لحاملها مبرراً محورياً، ومن ضمنها أنها تشكل لقيادة فتح قضية مصيرية، كيف لا والاستقطاب السابق من قبل حماس لقواعد وكادر فتح كما للجمهور كاد أن يودي بالحركة للتفتت والضياع(وهو المصير الذي لازال مرفوعاً فوق رأسها). وتراجع هذا الاستقطاب كان المكسب السريع الذي حصلت عليه فتح من اللحظة الأولى للفوز الحماسوي، والذي لم يرتضي جمهورها بأقل من نزع العلم الوطني ككأس التتويج له، وهي الحركة العفوية التي حملت إيديولوجيا حماس والتعبئة اللاوطنية داخلها للعلن، مما قدم لفتح ما تشتهيه: إعلان نفسها الحامي الوطني، وهو الدور الذي سيزداد إدراك فتح لأهميته الاستخدامية يوماً بعد يوم بالترابط مع ظهور القيد الإيديولوجي لحماس، وبتعاظم إعلان قطاعات من جمهورها تعاطفها مع الجهادية الإسلامية الدولية، الخطر الذي لن يرتضيه الجمهور الفلسطيني. ولتتضح الصورة أكثر علينا أن ندرك أن ظهور استعداد قيادة حماس للتسوية والتبريرات التي ستحاول إشاعتها ستساعد في ابتعاد هذا القطاع الراديكالي والمعبأ دينياً وطائفياً(للمرة الأولى بفضل حماس) مقترباً من جهادية أكثر جذرية سبق أن انشقت عن حركة الإخوان المسلمين. وفي إدراك حماس لهذا الخطر يزداد تعلقها بخطابها الجذري، ويزداد استعدادها لثنائية التنازل لقيادة فتح عن صلاحيات وربما عن الحكومة بجانب، والحرب الأهلية بجانب أخر، نتيجة عجزها عن المضي في مسار لا تستطيع توحيد قواعدها وجمهورها كاملاً عليه. وفي كلتا الحالتين سيتحول إنهاك الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وتراجع كفاحيته لمطلب حماسوي، ويتأكد أن التنوع والديمقراطية الحاملة لإمكانية نشاط منافسيها المستفيدين من تخبطها هو مما لا طاقة لها به، فحماس التي استفادت من أزمة التسوية والتناقض الحاصل من انتفاضة الجمهور وانقسام القيادة على الموقف من االمشروع الإسرائيلي، لن تجد حالها أفضل في قيادة الجمهور نفسه في الطريق نفسه الذي سبق واستقطبت على رفضه، والذي يتحين منافسيها الفرصة لاستقطاب القطاعات الأكثر جذرية علي رفضه. وإذا كانت القيادة التاريخية قد خاضت حروبها الداخلية اعتمادا على إيهام مناطقي بالمصلحة في الحل القائم على دولتين، فإن حماس لن تستطيع في هذا التنوع في داخلها المضي دون تقديم محاكاة مصلحية أو نفي إيديولوجي للتنوع العام، وبالتالي نفي للخصم الراديكالي الذي يسبب الإحراج الأكثر خطراً أو كل منهما معا.ً وإذا لم تمتلك قيادة الحركة المركزية الكافية بالمضي في أحد خياراتها فستجد نفسها أمام استحقاقات لا يكفيها الخطاب الديماوغوجي لتأمين التماسك الداخلي لخوضها.


وأمام حقيقة الاستعصاء في التسوية، سيراهن البعض في حماس على تغييرات إقليمية مساعدة، وهو ما سيدفعها بعيداً في صراعات النظام العربي، مما يشكل داعماً إضافياً لطرح فتح مرة أخرى نفسها كضامنة للقرار الفلسطيني المستقل، ولكن هذه المرة بتأكيد التعريف الجديد للفلسطيني كما للمصلحة الفلسطينية الخاصة به.


وأمام الحرب الأهلية، إن تقدمت أو إن بقيت كخطر داهم، ستظهر هشاشة البدائل السياسية، وستكرس مقولاتِ إنهاء الحرب أو تفاديها وحدةٌ وطنية لوطنية جديدة يستبدل بها الشعب بجزئه. كما تستكمل الاستعاضة عن فلسطين بالضفة والقطاع (فلسطين الجديدة)، وستكون الصعوبة الأكبر بصنع حلي على شكل الوطن الجديد وكيفية ربط الجزأين المنفصلين فيها.





-----------------------------------------------------------------------


* غير مشروع لأنه سعي للهيمنة على سلطة كما جزء من شعب تحت الاحتلال.





** ناهيك عن طروحات الأخوان المسلمين قبل تشكيلهم لحماس وتحديدهم للعدو الأساسي الذي دفع بهم لقبول الاحتلال لزمن ومشاركتهم باقي الإخوان المسلمين في العالم نظرتهم للولايات المتحدة وسعيهم لتقبلها دورهم السياسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب أوكرانيا.. معركة خاركيف وتقهقر الجيش الأوكراني |#غرفة_ال


.. حماس تفتح جبهة جباليا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعمليته في ر




.. قوات فاغنر على الحدود المالية الموريتانية . |#غرفة_الأخبار


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في




.. غزة.. ماذا بعد؟| خلافات بين المستويين العسكري والسياسي واتها