الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر-اثيوبيا ... اشكالية الهيمنة ..؟..1

اكرم هواس

2020 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مصر - اثيوبيا ... اشكالية الهيمنة..؟؟...1

عادت هذه الايام قضية سد النهضة الى الواجهة بشكل اكثر وضوحا في بنيتها السياسية بعد ان هيمنت لفترة الامور الفنية و التقنية و سؤال المحكمة و كذلك محاولة ايجاد طرف ثالث ... الولايات المتحدة او فرنسا وفق الرؤية المصرية على الاقل..

مع كل التقدير للزملاء الباحثين ... اود ان ابتعد عن الاشكاليات الفنية و التقنية.. كما اريد ان اعبر بسرعة ايضا موضوع عرض القضية على المحكمة الدولية... ليس فقط بسبب رفض اثيوبيا و انما ايضا لسبب مهم كنت قد تحدث عنه في دراسات سابقة منذ ما يقرب من عقدين بالنسبة الى المشكلة المائية بين العراق و تركيا... و ايضا كررتها في ندوات و مقالات مختلفة و هي ان القوانين الدولية لم تعد فعالة في ايجاد حلول لقضايا تاريخية تدخل فيها عوامل كثيرة و تتقاطع فيها مصالح حياتية و تتغير فيها معالم القضية و تتوسع و تضيق آفاقها هنا و هناك ..

الملاحظة الاولية من تكرار الوساطات و ادخال اطراف ثالثة مختلفة و كذلك جولات المفاوضات غير الجدية و التركيز احيانا على هذا او ذاك من الابعاد الفنية و التاريخية و الدينية و غيرها هي انها تستهدف خلق فجوة زمنية او كسب وقت كما يسمى عادة لتحقيق ترتيبات سياسية و استراتيجية تتخطى قضية السد و حتى موضوع المياه ذاتها و حصصها و مدى توظيف تدفقها في خدمة مشاريع طاقة و زراعة و غيرها...

مع كل الاحترام لدور السودان المتواضع و الذي يقترب كثيرا من فكرة عدم الانحياز الايجابي... فان مستوى تحرك الطرفين الرئيسين و هنا اعني مصر و اثيوبيا ... يظهر ان لدى كل منها مشروعا للهيمنة في منطقة القرن الافريقي ... لكن هذه الهيمنة و ان كانت تهدف الى اعادة بناء شبكة المصالح في المنطقة بشكل يضمن مركزية دور هذه الدولة او تلك اي مصر و اثيوبيا... الا انها لا تشكل طوقا استعمارياً... بل تقترب كثيرا من المفهوم الامريكي اي "القيادة Leadership" و التي تعتمد على آلية Rearticulation of Powers اي اعادة مفصلة القوى الفاعلة تحت قيادة اخلاقية و شرعية ..

اعتقد ان ملاحظة مبسطة لصورة مصر و اثيوبيا في مشهد تطور العلاقات الدولية في السنوات الاخيرة تدعم فرضية مشروع الهيمنة ... حيث ان حضور مصر في الساحة واضح رغم كل الانتقادات التي عادة توجهها المنظمات الدولية و المتعلقة بحقوق الانسان و الافتقار الى الديمقراطية السياسية و الاجتماعية .. الخ... يؤكد لنا ان مصر تحتل اولوية لدى كل القوى الكبرى في العالم رغم تقاطع الصراعات و المصالح بين هذه القوى و اعني الولايات المتحدة و روسيا و الصين و القوى الفاعلة في الاتحاد الاوربي اي المانيا و فرنسا و بريطانيا..

هذه الحالة الامتيازية تنطبق ايضا على اثيوبيا بشكل او اخر .. دعنا فقط نذكر ان جائزة نوبل للسلام يرتبط بشكل مباشر بالمشاريع الدولية الكبرى و ليس باي علاقة محلية كما توحي التاويلات الساذجة احيانا .. هذه الجائزة تهدف بشكلٍ اساسي الى اعادة تاهيل قوى محلية او دولية لكي تلعب دورا اكبر و اكثر تاثيرا على المسرح الدولي او الاقليمي ... لا اريد ان اطيل كثيراً في هذه النقطة لكن فيما يتعلق بالشرق الاوسط فان منح الرئيس السادات و رئيس وزراء اسرائيل و من ثم الناشطة توكل كرمان من اليمن و ضحية الاغتصاب نادية مراد من العراق تظهر بشكل واضح الاهمية العابرة للشأن المحلي و لمفهوم السلام ذاته.... و الامثلة على المستوى الدولي لا يختلف كثيرا فالرئيس اوباما مثلا تفاجأ بمنحه الجائزة لانه لم يحقق شيء سوى التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران... و هو اتفاق كان يهدف الى تغيير النظام في ايران من الداخل (موضوع ربما نكتب عنه مستقبلا).. و على ذات الاساس يمكن ان نفترض ان رئيس الوزراء احمد آبي لم يحصل على الجائزة فقط لانه يحمل نوايا مخلصة لخلق اواصر سلم بين قبائل تحارب بعضها البعض منذ الاف السنوات .. فهل حقق شيئا..ام ان الجائزة العالمية الاهم باتت تمنح على اساس "انما الاعمال بالنيات"..؟؟..

الان اذا عدنا الى فرضية مشاريع الهيمنة لابد ان نطرح تساؤلات جدية... ما هي اهمية مصر و اثيوبيا في النظام الدولي القائم او الزائل او القادم... وما هي التحديات التي تواجهها كل بلد و حدود امكانياتها .. و ما دور سد النهضة و غاز المتوسط و التطورات في ليبيا و التوتر المصري التركي في مشروع الهيمنة..؟؟ ... كل هذه و تساؤلات اخرى سنناقشها في المقالات القادمة ضمن هذه السلسلة...

لكن الخلاصة الاولية هي انه ... لاشك ان هناك تصادم بين مشروعي مصر و اثيوبيا ... لكن هل يعني ذلك هناك "ضرورة" لقيام حرب ... ؟؟.. أشك في ذلك لان منطق التنمية و الحرب لا يلتقيان ... و اعتقد ان الشعار الذي ظهر في الستينات من القرن الماضي "يد تبني و يد تحمل السلاح" لم يكن سوى كلام دوغمائي فاقد لاي قيمة واقعية لان ما تبنيه السواعد في سنة يمكن ان تهدمه قنبلة صغيرة في دقائق قليلة... ثم ان اغلب مراحل تجارب اثيوبيا و مصر الفرعونية التاريخية تعلمنا ان الاولية كانت تدور حول بناء دولة و مجتمع مستقر اكثر من كونها تدعم رؤى امبراطورية توسعية محاربة.... كما انه في المرحلة الحالية يشهد كل من البلدين المئات و ربما الالاف من المشاريع التنموية و عليه فلا يمكن تصور ان العقلانية التاريخية ستودي بكل شيء هكذا كما يتصور البعض ... سأعود الى هذه النقطة لاحقا لانها تحتل اهمية كبرى في مشروع الهيمنة... حبي للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا