الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية نقدية في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية عام 73 الجزء الاول

عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)

2020 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


رؤية نقدية في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية عام 73
الجزء الاول
توطئـــة
ما ان حطت الحرب العالمية الثاية اوزارها حتى انبثق على سطح العلاقات الدولية صراع عقائدي بين الفكر الاشتراكي والراسمالي وتخوف معسكريهما توسع ايا منهما على حساب الاخر والاستقواء بنشوة النصر الذي تشاركا في صنعه ضد النازية وحلفائها فاصبحا قطبان يقود المعسكر الاشتراكي فيه روسيا ( الاتحاد السوفيتي) وقادت امريكا المعسكر الليبرالي الراسمالي فاصبحا الوحيدان القادران على وضع شكل النظام العالمي الجديد فتمحور العالم حولهما بشكل مباشر او غير مباشر، ورغم انبثاق مؤتمر دول عدم الانحيار عام 1955 الذي لم يرتقي ليكن قطبا دوليا مؤثرا في العلاقات الدولية . فاصبحت العالم في مظلتين فمن ساراو عنون نهجة بالاشتراكية احتُسب على المعسكر الاشتراكي ومن ارتبط بالمعسكر الغربي صار امريكي المظلة .
كان موقع العراق المحتل من قبل بريطانيا وبعد تاسيس الدولة الحديثة عام 1921 ضمن القطب الراسمالي بحكم ارتباطه الاستراتيجي مع بريطانيا حتى 14 تموز 1958 حيث نقل اوراقه السياسية الى اطراف ساحة المعسكر الشرقي من خلال اجراءات تقترب من المفهوم الاشتراكي لتوزيع الثروات مثل قانون الاصلاح الزراعي ومصادرة اراضي الاقطاع وتوزيعها على الفلاحين وتفعيل النقابات المهنية وتمكينها والخروج من حلف بغداد وغيرها .
بدأ التشنج والاحتراب في علاقات الاحزاب الوطنية في العراق بعد تموز 58 عندما اقتربوا من السلطة ومغرياتها وسلطانها حيث ساهم الحزب الشيوعي في العمل ضد الاحزاب الاخرى المنافسة القومية وتحريض الاجهزة الامنية وتزويدها بمعلومات لزجهم بالسجون واعدام عدد منهم فرد حزب البعث بمحاولة اغتيال عبدالكريم قاسم فاصبحت الضغينة عنوان العلاقات بين القوى السياسية العراقية حتى تعمقت اثر استلام البعث السلطة عام 1963 وتنكيله بالحزب الشيوعي واستثمار فتوى محسن الحكيم (الشيوعية كفر والحاد) التي توأمت مع الهجوم العالمي ضد الاحزاب الشيوعية الذي قادته امريكا وحلفائها انذاك ، والتي بدأت بانهاء الحزب الشيوعي الامريكي خلال اربعين يوما حيث اصبح السكرتير العام للحزب وثلثي اعضاء اللجنة المركزية عملاء في FBI .
بعد ثمانية اشهر قاد عبدالسلام عارف تحركا عسكريا دفع بالبعث الى خارج السلطة بعد ان ترك جرحا كبيرا بين القوى الوطنية العراقية صعب على اثره لم شمل الحركة الوطنية من اجل احداث تغيير يحقق طموحات الشعب العراقي .لقد قام حزب البعث العربي الاشتراكي بنقد تجربته القصيرة في الحكم بعد ان اصبح خارجها وبالاخص علاقته بالحزب الشيوعي العراقي والقوى الوطنية الاخرى . الا ان ذلك لم يخلق جوا يسمح بالعمل المشترك سياسيا ضد حكم عارف وكان ذلك مصدر ارتياح لاجهزة عارف الامنية ، باستثناء تظاهرات الطلاب بعد نكسة حزيران67 فكانت تظاهرة احتجاجية ساهم بها بقوة اتحاد عام طلبة العراق لتزامنها مع فوزه بالانتخابات الطلابية والتي رفضت الحكومة نتائجها وشارك الاتحاد الوطني لطلبة العراق في التظاهرة .
ونتيجة لقراءة بعض قيادات الحزب الشيوعي نشاط حزب البعث العربي وسعيه للاستحواذ على السلطة من جديد تقدمت مجموعة من اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وكوادره بتحريض الحزب على استلام السلطة لكن اللجنة المركزية رفضت هذا العرض وعلى اثره انشق عزيز الحاج واسس تنظيم القيادة المركزية عام 67 وبدء بالثورة المسلحة في اهوار العراق (الناصرية).
((علما ان عزيز الحاج وبعض رفاقه وقبل الانشاق بقترة وجيزة تحرك للاطلاع على مواقع عسكرية مهمة مثل مدرسة المظليين في معسكر الرشيد واجرى اتصالات مع ضباط صف في صنوف القوة الجوية ومحطة الاذاعة والتلفزيون في الصالحية ، للتحضير للانقلاب العسكري))
وتشير بعض المصادر في حزبي البعث والشيوعي ان حزب البعث العربي الاشتراكي دعا الحزب الشيوعي للاشتراك في تغيير ثوري ضد عارف ( تموز68) وان الحزب الشيوعي بارك ذلك لكنه لم يشارك . ولم تُنشر وقت تلك الدعوة ، لذلك لم نفسر ان تحرك عزيز الحاج جاء بناء على هذه الدعوة او استباقا لتحرك البعث .
استلام البعث السلطة عام 1968
لم تكن أيا من القوى السياسية العراقية مؤهلة لوحدها للاطاحة بنظام عارف لان جميعها تحت ضغط السلطة وتعيش حالة اهتزاز الثقة بالاخر بسبب الممارسات العنيفة ضد بعضها منذ 58 . فبادر البعث للتنسيق مع قيادات عسكرية قريبة منه تمكن من خلالها استلام السلطة وسعى لطمئنة الشارع والقوى السياسية الاخرى على انه جاء بنهج جديد بعيد عن اخطاء الماضي ودعى في بيانه الاول ولقاءات قيادته الصحفية الى العمل المشترك من اجل بناء الوطن وكانت اولى الخطوات هي اعادة المفصولين السياسين الى وظائفهم واطلاق سراح المعتقلين والعفو . وبدأ البعث بارسال رسائل عبر قنواته منها بواسطة عدد من المفصوليين السياسين من الشيوعيين الذين قابلهم المرحوم احمد حسن البكر وبعض الكوادر العاملين في ديوان الرئاسة دعاهم لدراسة العمل المشترك واقامة جبهة وطنية . لكن الملاحقات بحق الحزب الشيوعي وبالاخص تنظيم القيادة المركزية لم تنتظر كثيرا وساهم في موجة العنف ضد المعارضين وجود ناظم كزار على راس مديرية الامن العامة والذي كلف بمهمام حماية النظام السياسي ،فتمت تصفية بالتعذيب عدد من القيادات والكوادر في الحزب الشيوعي بشقيه .
( باحهزة مستوردة من جمهوية المانيا الديمقراطية وبلغاريا وتدريب ضباط الامن والجلادين فيها ) وكان اعتقال عدد من قيادات وكوادر القيادة المركزية وانهيار عزيز الحاج وتعاونه مع الاجهزة الامنية ضد رفاقه ، قد جذر مفهوم عدم امكانية التحالف مع البعث وسط الاعتقال والاغتيال .
(ساد اعتقاد عند كوادر وقواعد وما تبقى من القيادة في تنظيم القيادة المركزية ان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تعاونت مع حزب البعث لتصفية تنظيم القيادة المركزية وهي من اوشت بمكان عزيز الحاج الذي ذهب لزيارة احد اقربائة من اعضاء اللجنة المركزية وما عزز ذلك الاعتقاد ان الحزب لديه خبر اعتقاله وانهياره بعد نصف ساعة وعمم تعليماته لاحتواء كوادر القيادة المركزية ).
في 30 نيسان 1969 أعترف العراق رسميا في جمهورية المانيا الديمقراطية (الشرقية) ويـُعد هذا الاعتراف انحياز الاستراتيجية العراقيه تجاه الكتلة الاشتراكية وبادر الحزب الشيوعي لتأييد هذه الخطوة واعتبارها في المسار السليم الذي يمكن من خلالها تطوير العلاقة مع حزب البعث .
وبدأت لقاءات بين الحزبين بشكل شخصي وحزبي لاثبات حسن النوايا واعادة الثقة وطلب الحزب الشيوعي وقتا لتثقيف اعضاء الحزب حول العمل المشترك واثناء ذلك تم اغتيال عضو اللجنة المركزية ستار خضير في شارع فلسطين ذلك الاستاذ المحبوب والمعروف لدى الكادر الحزبي انه من الرافضين للعمل المشترك مع حزب البعث دون ان تتوقف الاعتقالات ومحاسبة المسببين ، لقد شكل اغتياله حرجا الى اللجنة المركزية امام القاعدة الحزبية حينها كان البعض يساوره الشك ان اللجنة المركزية متواطئه مع حزب البعث في هذا العمل لفرض اراء المجموعة التي ترغب بالعمل الجبهوي .
واصدرت الحكومة قانون الاصلاح الزراعي في ايار 1970 وقانون تاميم نفط العراق في حزيران 1972 . كل هذه الاجراءات اعتبرها الحزب الشيوعي بالاتجاه الصحيح لتطوير العراق مع ذكر ملاحظات لتطوير الانجازات .لقد طور العراق علاقاته الاقتصادية مع عدد من الدول الاشتراكية كبلغاريا التي اصبح اقتتصادها معتمد على الاستثمارات العراقية والمانيا الشرقية وبولندا والاتحاد السوفيتي الذي وقع مع العراق معاهدة صداقة استراتيجية في نيسان 1972 اقتربت من التحالف السياسي .
ان الاجراءات التي قامت بها الدولة العراقية جعلتها ضمن محور المعسكر الاشتراكي واحرجت الحزب الشيوعي العراقي من خلال تلمسه ان الدول الاشتراكية فضلت مصالحها بدل من الوقوف الى جانبه وتركه وحيدا في مواجهة السلطة وكان حزب البعث بحاجة الى اقامة علاقة غير تناحرية مع الحزب الشيوعي لدغدغة مشاعر الحكومات والشعوب في المعسكر الاشتراكي وكان اعتقاد لدى الاتحاد السوفيتي وقيادته ان البعث باتجاه اشتراكي علمي ماركسي وان شخص صدام حسين ثوريا ونموذج اخر لكاسترو وتلقفته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وحاولت تعزيز هذا المفهوم لدى القيادة والكوادر المتقدمة والقواعد في الحزب . فاعلن حزب البعث في 15 تشرين الثاني 1971 الميثاق الوطني الذي كان دعوة لمناقشة برنامج عمل وطني مشترك تنبثق من خلاله جبهة وطنية عراقية تشترك في نظام الحكم وبدء التفاوض الرسمي بين الحزب الشيوعي وحزب البعث حول الجبهة الوطنية . ودام التفاوض سنة ونصف تخللها احداث كثيرة منها الاغتيال والاعتقال لعدد من قيادات وكوادر الحزب الشيوعي .فتم اشراك الحزب الشيوعي في الحكومة في ايار 72 اثناء فترة التفاوض حول الميثاق الوطني بوزارتين شغلا فيها عضوي اللجنة المركزية عامر عبداللة و مكرم الطالباني وزارتي الدولة والري لتعزيز الثقة . وقد تركا منصبيهما في ايار 79 اثر الهجمة التي وجهها حزب البعث ضد الحزب الشيوعي فسافر عامر عبداللة الى كوبا ومن هناك الى موسكو وتقديم مكرم الطالباني استقالته التي عاد وسحبها في ايار 81 وسط ظروف خاصة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف