الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية المقنعة

عمر يوسف

2020 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


أبدت المجتمعات العربية وخاصة التي تحسب نفسها على التقدمية والتنور والحقوق المتساوية شماتتها في ماما أمريكا بسبب سم الربيع الذي ذاقه طباخ السم أخيرا.

تضامن المثقفون من كل حدب وصوب مع سود البشرة، فما هكذا يعامل الإنسان، وفخروا باسترجاع حديث شريف يقول لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. أخيرا بدونا أفضل من الغرب في تعاملنا الإنساني، فهل نحن كذلك؟

في دراسة اجتماعية، تم جمع نتائج استبيان حول دمج السود في المجتمع، فكان الجواب الذي يعرفه الجميع. هناك عنصرية ولكننا كما الكنديين، لا نصرح بها، كمن يتقدم لوظيفة فيرفض لأن مؤهلاته غير مناسبة مع أنها مناسبة جدا، ولكن تحفظات تشمل لون البشرة تفرض نفسها.

عند السؤال عن الزواج أو التزويج لأسود البشرة كان الجواب لا قاطعة لا جدال فيها. وفي مناسبة وقع أبيض في حب سوداء وتزوجها فكانت قطيعة العائلة وراجت الشائعة بأن لا بد أن أحدا ما "عمله عمل" بمعنى سحره بطرق المشعوذين فغاب عنه العقل. لا يعرفون أن الأسود لا يرضى الزواج ببيض البشرة أساسا.

في البلاد العربية مختلطة الألوان بأغلبية غير سوداء، ما هو حجم تمثيل أو وجود سود البشرة في البرلمانات العربية أو البرامج العربية على اختلافها أو الإعلانات أو اللافتات المنثورة على جوانب الشوارع؟ ما هو حجم تمثيل أو وجود السود في مناصب قيادية أو رفيعة فيها؟ صفر! حتى تونس التي تعتبر متقدمة في الديمقراطية حتى أن المرأة تحارب دين الله لتكون متساوية مع الرجل، تجد شاعرا فذا مثل أنيس شوشان، يعبر بحرقة في شعره عن دونية لون بشرته في بلاده. كثيرون يستخدمون عمالا سود البشرة وينادونهم بلقب "عبد" كذلك من باب السهولة. كثيرون لا يعلمون بوجود السود في مجتمعاتهم وهم كثر في البلاد العربية ولكنهم غير مرئيين، يتم نبذهم فيقبلون بنبذهم ويختفون بدلا من إثبات وجودهم.

كلمة "عبد" شائعة الاستخدام جدا في بلاد العرب التي تدين بدين يقول لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وليس من يطلقها حرا لكي يسمي الأسود عبدا، بل إن كليهما عبيد أنظمة استبدادية ولكنهما بدلا من التركيز على الحصول على حقوقهم ينشغلون بنبذ بعضهم البعض، فيزيد الانقسام انقساما.

كما هي البطالة المقنعة، حيث يذهب أحدهم إلى العمل ويقضي يومه فيه دونما إنتاجية، كذلك هي العنصرية المقنعة. لا يعترف بوجودها مسؤولو الدول العربية لأن المشكلة تحتاج لحل والحل يحتاج لتفكير والتفكير متعب.

العنصرية في بلادنا متعددة الألوان والأشكال، فاختلاف العرق مشكلة واختلاف اللون مشكلة واختلاف الجنسية مشكلة واختلاف الدين مشكلة واختلاف المذهب مشكلة واختلاف الجنس مشكلة واختلاف التفكير مشكلة واختلاف اسم العائلة مشكلة واختلاف الطبقة الاجتماعية مشكلة واختلاف مستوى التعليم مشكلة وهكذا.

هنا تحضرني بعض سطور من شعر لأنيس شوشان؛

أتدرون لما يهاجر منا السلام ؟؟
أتدرون لما يعمُ فينا الظلام ؟؟
ببساطةٍ لأنَنا مُجتمعٌ يخاف
نحنُ مُجتمعٌ يخاف الإختلاف
إختلاف اللونِ يؤذينا
إختلاف الشكلِ يؤذينا
إختلاف الفكرِ يؤذينا
إختلاف الدين يؤذينا
حتى إختلاف الجنس يؤذينا
لذا نحاول إغتيال كل إختلافٍ فينا

لا تقدم لدولة أيا كانت أفكارها مالم تحتو كافة أطيافها كعناصر فاعلة في المجتمع. يقال أن آدم عليه السلام كان أسود البشرة وليس ذلك مقتصرا على معنى الأدمة، فالتربة السوداء غنية بالمعادن بينما البيضاء فقيرة شحيحة لا ينبت فيها زرع، لذلك كان لا بد لأبي البشر أن يكون أسودا وقد خلق من الأرض وأنبت أعراقا لا حصر لها، ففي مكارم الألوان، للأسود الغلبة دائما وأبدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا