الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الرأسمالي في وعكة صحية

حسين القطبي

2020 / 6 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لماذا يحاول الإعلام الامريكي إقحام تهمة "العنصرية" في احداث وفاة جورج فلويد رغم إن كل مطلع على الوضع الامريكي يعرف إن لا علاقة للأمر بالعنصرية؟
تكنيك إستخدام الركبة على مؤخرة عنق المتهم هو من ضمن التعليمات والأساليب التي تتدرب عليها الشرطة الامريكية، وهذا "التكنيك" مستخدم بشكل شائع منذ زمن، يلجأ له الشرطي "حسب التعاليم والتدريبات التي تلقاها" في حالة مقاومة المتهم لأوامر الاعتقال.
تسمى هذه الطريقة (Knee-On-Neck) وقد استخدمت في هذه المدينة وحدها حسب التقارير المكتوبة في مراكز الشرطة 237 مرة في السنين الخمس الاخيرة ضد متهمين بيض وسود، وقام بها شرطة بيض وسود كذلك.. وكان من نتائج ذلك ان 16% من المعتقلين بهذه الطريقة يفقدون الوعي وينقلون للمستشفى.
هي إذاً قضية "قوة مفرطة" وليست إعتداءاً عنصرياً.
بالعودة الى جورج فلويد فكل التقارير تؤكد ان المتهم كان تحت تأثير تعاطي جرعة من المخدرات في حينها، بالأضافة الى انه كان مصاباً بفايروس كورونا ويعاني من مشاكل بالجهاز التنفسي بالاساس.
قانونيا، كل الدلائل تشير الى عدم أي وجود دافع عنصري، وشعبياً لم تحدث اي مشادات عنصرية عقب الحادث بين البيض والسود، الاَ ان الاعلام الامريكي يصر على اضفاء طابع العنصرية على الحادث؟ وكأنه يريد أن يحرف الإنتباه عن مشكلة غير مرئية تواجه المجتمع الأمريكي وهي أكبر من المشاعر العنصرية.
بعيدا عن ذلك، نحن نعرف إن المؤسسات الاعلامية في امريكا، خصوصا كبرياتها، هي صوت رأس المال، وهي الوسيلة التي تستخدمها طبقة الأثرياء في التأثير على الشارع وتوجيهه بالشكل الذي يخدم مصالح تلك الطبقة..
وليس الإعلام وحده من يحاول إشاعة العنصرية، ففضلا عن ذلك، أخذت بعض الشخصيات النخبوية تبالغ في موضوع "الممارسات العنصرية" ضد السود وعلى رأسهم الرئيس السابق باراك اوباما. وهذا دليل على انها ليست مشكلة اعلامية طارئة بقدر ما هي توجهات اعلى من الاعلام نفسه.
نعم، من يلحظ الاحداث ما بعد وفاة فلويد لا يلمح أي إشارة لوجود تطرف عنصري في الشارع الأمريكي وانما فقط وجود جوع جماهيري كامن، ليس بداعي الفقر، وإنما بسبب الفارق الطبقي الكبير بين طبقة المليارديرات من جهة، وعموم الشعب، من بيض وسود، من جهة اخرى.
تمثل هذا "الجوع" في نهب المحال التجارية الكبرى، وبضائع الشركات المعروفة التي تجني مليارات الدولارات من المواطن الامريكي، الابيض والأسود على حد سواء. حتى إن من يدخل الى متجر كبير وينهب براحة ضمير بضاعة ما، يبدو وكأنه يسترد حاجة من حاجياته، مسروقه منه شخصيا، وعادت اليه، قد يرميها بالشارع ولا يتركها لهم، وكمثال على ذلك ما انتشر من فيديو لشاب نهب اموال من احد المصارف ثم صعد على سقف حافلة لينثر الاوراق النقدية بالهواء، فرحاً.
هذا يعني إن ما يجري في أمريكا اليوم هو ليس "شد عنصري" بين لونين من البشر، وانما "شد طبقي" بين اثرياء يمتلكون حصة الأسد من الثروة، وعموم الشعب، الذي لا يذوق طعمها سوى على صفحات المجلات نصف الخلاعية وبرامج الترفيه المرئية، ويعيش في احلام يعرف انها لن تتحقق.
وهذا "الجوع" النسبي، هو نوع من المشاعر الجماهيرية، تخلقها الهوة الطبقية، المستمرة بالاتساع، بين أثرياء المجتمع من جهة والعامة من جهة ثانية، وهي من أصعب وأهم أعراض أمراض الرأسمالية.
لذلك أرى إن ما يجري في أمريكا اليوم ليس له علاقة بالعنصرية، وانما هو حالة مرضية، او فايروس اقتصادي يصيب النظام الرأسمالي، يحاول المريض ان يتلافاه عن طريق عقار إسمه "العنصرية" (وأحياناً التدين) يعالج به هذه الوعكة الصحية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟