الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوفي ١٩ جائحة عابرة

غياث الدين نقشبندي

2020 / 6 / 15
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


الكوفيد 19
جائحة عابرة ام منعطف جذري للسلالات البشریة
سواء كان فایروس كرونا سليلا للمختبرات و التلاعب الجیني أم طفرة جينية للتوازن الطبيعي للحد من تكاثر البشر، أو سعالا خفیفا من رئتي الکرة الأرضیة لتنظیف نفسها من أوار وغبار العبث الإنساني فهو في كل الأحوال موجود وفي تزايد مستمر وقد لايبشر بالخير، على الرغم من تفاوت الإصابات بين بقعة جغرافية وأخرى إلا إنە من الغباء عدم الإعتراف بوجوده خصوصا مع عودتە ثانیة کفایروس معدل.
مع عدم توافر الدواء الناجع لحد الآن، یبدو أن ضیافة الفایروس ستطول أکثر مما توقعه العلماء والخبراء بهذه الشٶون، وإن لهذه الضیافة تداعیات خطیرة قد تطال النظام الإقتصادي العالمي وتتسبب بإنهیاره، مهددة بذلك کل مناحي الحیاة کونها مرتبطة بنوع أو بآخر بمنظومة إقتصادیة عالمیة موحدة، وإن إنهیار النظام الأقتصادي العالمي سوف یغیر کافة المفاهیم التي تعلمناها سابقا ومازلنا تابعین لها حتی الیوم فالنظام السیاسي العالمي و النظام الإجتماعي والعلاقات العامة و التعامل مع کل ماهو موجود في الکرة الأرضیة سیتغیر. کذلك النظام العالمي الذي سیتغیر تباعا و لن يعود العالم مثلما كان، اي سيكون هناك مفهوم "الكرة الارضية ماقبل الجائحة و مفهوم ما بعدها"، حیث نعیش الآن في المرحلة الإنتقالية الفاصلة بين المفهومين.
وإذا ما أستمر الحال علی مانحن علیه، ربما سیصاب الناس بحالة عدم إکتراث علی الرغم من خطورتها أخلاقیا لأنها ستنهي الحالة الإنسانیة والتوافق البشري موجهة ضربة قاضیة الی بنود العقد الإجتماعي التي ستشلها تماما، كرد فعل طبيعي للنظام الذي أعتدنا علیه لحد الآن، تداعیات هذا الوباء ستٶدي الی فرط بنود هذا العقد، حینها ستعود البشریة الی الإعتماد علی مفهوم "صحة وسلامة القطیع" أو نظام الطبیعة الذي یعتمد علی تنمیة قدرات الإنسان علی مجابهة هذه التحدیات التي تذکرنا بطرح توماس هوبز في اللیفیاثان ١٦٥١، مع إنه مازلنا في بدایة المرحلة الإنتقالیة و لم نتوصل بعد لما تنبأ به هوبز ، إلا أننا نسیر في هذا الطریق و الجائحة تقودنا نحو منزلق خطیر لانهایة لە، مالم یوجدوا لقائحا ناجعا بسرعة.
سیفرض إنتشار الفایروس واقعا جدیدا في صلب نظریة العلاقات الدولیة، ربما سیطیح بفرصة الولایات المتحدة في التسامي وتنام فکرة الحکومة العالمیة التي تشمل کل الکرة الأرضیة، وهذا لیس مجرد خیال إذا ما تمعننا في معطیات السیاسة الخارجیة بعد إنهیار الأتحاد السوفیتي لأن العالم بدأ یسیر فعلا بخطی سریعة نحو هذا الطرح مع إفتقار الولایات المتحدة لمقومات تلك الفکرة العملاقة التي یتم مواجهتها من قبل ثلة من المحتکرین العالمیین الذین یتحکمون في بولیصات العلاقات الخارجیة و رسم السیاسات، همهم الوحید هو بیع الأسلحة علی الرغم من عدم جدوی العملیة إقتصادیا. أما أنا، فمازلت مع فکرة إنشاء المعامل والمصالح و الأعمال في الدول الفقیرة وإلحاقها برکب الحضارة هي عملیة أنجع من رمي القنابل وتدمیر البنی التحتیة و تحطیم الأنسان فیها ولن أستطیع أستمراء غباء افکرة صرف ملیارات الدولارات لقذف قنابل في مکان خراب لایساوی دخل الفرد فیه بضعة دولارات.
کان حریا بالولایات المتحدة کقطب أوحد أن تسعی لتوحید العالم وإنشاء الحکومة العالمیة الموحدة بدل الأمم المتحدة التي أثبتت فشلها بجدارة لتلغي الحدود الجیوسیاسیة حیث لاوجود للجیوش أو سباقات التسلح أو منافسات حول الأکتشافات العلمیة ولا إحتکار للموارد وإضعاف الناس والأجناس و تحطیم الدول من أجل وصول المحتکرین الی حیاة أفضل لقلة قلیلة وإستعباد بقیة شعوب المعمورة.
ماتفعلە الولایات المتحدة هو أدنی بکثیر من هذه الأهداف الإنسانیة الکبری، لکنها بالمقابل تتصرف في بعض المناحي تصرفات خرقاء لیست بالمستوی المطلوب، مدفوعة من قبل ثلة من الأحتکاریین للهیمنة علی کافة مفاصل الحیاة والموارد في الکرة الأرضیة وحتی خارجها، وهذا الهدف یعتبر لا أخلاقیا سواء کان عقیدة أو فکرة خبیثة لمجموعة من الأشخاص تحت مسمیات مختلفة.
جائحة کرونا وسیاسة الولایات المتحدة وعدم جدارتها لقیادة البشریة نحو مرحلة جدیدة ستغیر العالم وتغیر أنظمته و طبقاتە الأجتماعیة و الرٶی السیاسیة وهذا أمر جید، لأن العالم القدیم لم یکن بالجنة التي نتحسر علی فقدانها، سینقسم العالم فعلیا الی قسمین وستزید الهوة بین العالمین، عالم متطور تکنولوجیا وآخر لایستطیع حتی الحفاظ علی نفسە وسلامة مواطنیە، ستدق هذه الجائحة مسمارا في نعش الطبقات الإجتماعیة محولة الصراعات الطبقیة والعالمیة الی صراعات متطرفة فأما تکون بشریة ضد الآلة و التکنولوجیا وأما تعود بنا الی المربع الأول و الصراع من أجل البقاء والبقاء للأصلح، لتحول العالم الی غابة متطورة لاعلاقة لها بالقیم الإنسانیة. لم یکن هناك منذ بدء الخلیقة تکافئا أو عدالة بین المستعمر والمستعمر(بفتح المیم) بل كانت أغلبیة القوانین الدولیة تضمن سيادة القوي وهیمنته علی حساب تبعیة الشعوب المقهورة التي مافتأت أن تکون وقودا لتلك الأنظمة وأستمر الحال علی هذا المنوال مع هیمنة الولایات المتحدة علی النظام العالمي الجدید وإنهیار تجربة المنظومة الشیوعیة وتحول العالم من ثنائي القطب الی عالم بقوة واحدة الی أن أنتشر ڤایروس کرونا، سیکون الحال مختلفا إذا ما أستمر بهذا المنوال، عالم متطور تكنولوجيا يعتمد على البحوث والدراسات وسيحاول احتواء الجائحة معتمدا على نظم المعلومات لإنقاذ نفسه وعالم مشغول بالخرافات يحاول مواجهة جائحة بهذا الحجم بالثوم والزنجبيل!
لي قناعة ليست بالقليلة بأن الجائحة غير مرتبطة بنظرية المؤامرة إنما العالم المتطور الذي یستطیع الحفاظ علی نفسە هو الذي سینجو منها، لأن الکثیر من المفاهیم تغیرت بتأثیر التفوق الغربي والفراغ الذي أحدثە إنهیار الأتحاد السوڤیتی والکتلة الشرقیة وتحول العالم من ثنائي القطب الی عالم تتفرد بە الولایات المتحدة وتزرع فیه الحروب والویلات بدل النزعة الإنسانیة التي بات جلیا زوالها من السیاسات العالمیة، لاشك إن تطور فلسفة العلم قاد العالم الی نظام جدید مجرد من المثالیة والأخلاقیات الإنسانیة هدفه السیطرة التامة علی الموارد الطبیعیة والبشریة بطرق جدیدة لیس کما کان الأستعمار الکلاسیکي یفکر بها، فحرب النجوم والمجرات سیکون الشغل الشاغل للقوی الجدیدة التي لاتستطیع تحمل أعباء الإنسانیة المکلفة دون التفکیر ب حلول ذرائعیة تحسب الربح والخسارة بدل النزعات الإنسانیة التي تعتبرها مجرد خسارة فحسب.
لم تکن تطلعات إیلون ماسك لتطویر نظم قراءة الأفکار و إنتاج کومبیترات فائقة متقاربة مع الجهود التي یبذلها بل غیتس لإنتاج اللقاحات و زرع الشرائح الألکترونیة في جسم الإنسان وبعدة مراحل محولة الإنسان الی کائن متفوق سوبرمان، إنسان أستطاع التغلب کلیا علی محیطه بفضل التکنولوجیا ولە القدرة علی مقاومة التحدیات المحیطة بە أولا ومن ثم التحدیات التي تنتظر الإنسان خارج محیط الکرة الأرضیة، وهذي التحدیات تحتاج الی إنسان من نوع آخر إنسان یستطیع تخطي العواقب بسرعة تفوق خیالنا البدائي مقارنة بمساحة الکون المعروفة حالیا.
تعتبر الاستراتيجية التي اتبعتها السويد تحديدا ونوهت اليها بريطانيا بخجل وتراجع غير معلن حول (عافیة القطیع) ستسود العالم ویعود الناس لممارسة أمورهم الیومیة غیر آبهین بالضحایا، لایهمهم من سیسقط بجانبهم وهل سیتم نقلە بسیارة الإسعاف أو نعش أو تابوت، بینما یتناول هو سندویجە.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ساهم متابعي برنامج -ماذا لو- بتطوّره؟ • فرانس 24 / FRAN


.. رومانسية خيالية، غرام مأجور... اليابان، مختبر أشكال الحب الج




.. العنف الجنسي ضد القاصرات: -ظاهرة متجذرة- في الـمجتمع الـمصري


.. فوضى ونهب وعنف في كالدونيا الجديدة.. هل استقر الوضع الأمني؟




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. غاية أم وسيلة؟