الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم -الغرفة 212-: تأملات فانتازية في الزواج والحب والخيانة

كلكامش نبيل

2020 / 6 / 18
الادب والفن


كانت سهرة البارحة مع الفيلم الكوميدي الفرنسي "في ليلة سحرية" أو "الغرفة 212" Chambre 212 بالفرنسية. الفيلم من إخراج كريستوف أونوريه عام 2019 وبطولة كيارا ماستروياني (بدور الأستاذة والزوجة ماريا) وبنجامين بيولاي (بدور الزوج في سنّه الحالي) وفينسنت لاكوست (بدور الزوج قبل 20 عام) وكاميل كوتان (بدور معلمة البيانو إيرين هافنر قبل 20 عام) وماري-كريستين آدم (بدور معلمة البيانو بعد 20 عام) وهاريسون أريفالو (بدور الطالب والعشيق أسدروبال). حصد الفيلم تقييم بنسبة 6.1 من 10 على موقع قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت IMDb. عُرض الفيلم في مهرجان كان عام 2019.

تدور أحداث الفيلم في ليلة واحدة فقط من تأملات زوجة – تعمل أستاذة للقانون ومؤرخة – تترك منزلها وتقيم في غرفة في فندق يقع قبالة منزلها وتبدأ في التفكير في زواجها الذي استمر لمدّة 20 عام وإن كان قرارها صحيحًا أو لا. تبدأ المشكلة الزوجية عندما يكتشف الزوج أن ماريا قد خانته مع أحد طلابها "أسدروبال" وتصرّ على أن الأمر مجرد نزوة وأنه لا بدّ أن يكون قد خانها أيضًا.

تتحول الأحداث إلى نوع غريب من فانتازيا كوميدية جادّة، حيث أن الأحداث غير معقولة ولكن المشاهد لن يضحك لأنّها تناقش قضايا جادّة. تلتقي الشخصيات جميعها بذاتها في أعمارِ أصغر – فيما عدا الزوجة ماريا. سنكتشف كيف أن الشخص يمكن أن يدين عملاً قام به الآخرون ولكنه يقوم بتكراره بدون أن يعي ذلك، حيث تلوم ماريا زوجها لأنه أحب مدرسة البيانو عندما كان مراهقا ولكنها وقعت في غرام عدد لا يحصى من طلابها – بنصف عمرها من فرنسيين ومغاربة وأفارقة – وبرّرت ذلك على أنه نزوات عابرة. سنلاحظ أيضًا فكرة تغيّر أفكار المرء، حيث تكتشف مدرسة البيانو – التي تأتي أولاً بعمرها عندما تعرفت على تلميذها وتشعر بالأسى على تركه لامرأة أخرى – أنها لم تعد نادمة على ذلك الرجل عندما تلتقي بذاتها بعد 20 عام. في حوارِ ذاتي بين الشخصيتين – في عمرين مختلفين – ستقول المرأة الأكبر أنها غير نادمة على ما حصل وأن ترك فرصة يعني إيجاد أخرى وأن مفهوم الحب قد تغيّر بالنسبة لها. في تلك اللحظة، تسأل ماريا الشخصيتين "من هي الأسعد بينهما الآن؟" وكانت إيرين الأكبر هي الأسعد بوضوح مقابل إيرين الأصغر سنا التي تحمل دمية طفل تتصورها الطفل الذي لم تلده من حبيبها وتلميذها السابق.

يناقش الفيلم أيضًا محاولة تجاهل الزوجة لكل الرجال الذين تعرفت عليهم – والتركيز على حبها ابن عمّها الصغير – وإصرارها على محاكمة زوجها على قصّة حبه لمدرّسة البيانو قبل زواجه منها. ربما يكون ذلك هو سبب تركه لعزف البيانو مع أنه سيعزف من جديد مع لقائه بذاته الأصغر من دون أن يتعرف على نفسه. يحاول الرجل التركيز على أهمية الاخلاص في العلاقة الزوجية ويذكرها بأن رقم الغرفة 212 يشابهة مادة في القانون المدني تنص على اخلاص الزوجين لبعضهما البعض. يحاول الفيلم تصوير اخلاص الزوج – واعتقد ان هذا مبالغ فيه – عندما يرفض ترك زوجته أو فكرة انفصاله عنها ويرفض عودة مدرسة البيانو إلى حياته. في الفيلم الكثير من المقاطع الموسيقية الكلاسيكية والأغاني الفرنسية والإنجليزية أيضًا، ومن المفارقات لقاء ماريا بإرادتها متمثلة في شخص يشبه المغني الفرنسي-الأرمني شارل أزنافور وتدور حوارات تتضمّن إشارات من أغانيه لن تكون مفهومة لأشخاص غير متابعين لأعمال أزنافور الفنية، منها مثلا تغزله بزوج ماريا في شبابه لتتساءل إن كان أزنافور مثليا؟ فيرد الرجل المسن – الذي يمثل الإرادة – بترديد مقطع من أغنية أزنافور عن المثلية Comme ils dissent، قائلا "أعيش وحدي مع والدتي". استغربتُ قليلا من وجود عدد بارز من الأغاني الإنجليزية في فيلم فرنسي.

الفيلم رائع من ناحية الفكرة ويتضمن حوارات عن معنى الزواج والحب والنزوات والاخلاص والتقدم بالسن والرضا عن الذات واختلاف عقلية الأجيال (حيث تلوم الأم والجدة حفيدتهما ماريا عن علاقاتها الغرامية الكثيرة التي تماثل علاقات خمس أجيال من نساء الأسرة بحسب تعبير الجدة) واختلاف رؤى الشخص ذاته عندما يتقدم بالسن وغيرها الكثير. اخراج الفيلم لطيف للغاية مع أجواء ساحرة وانتقاءات موسيقية مذهلة. أتمنى أن يروق لكم هذا الفيلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا