الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيتكرر السيناريو السوري في ليبيا !؟

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2020 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال بات يتردد على مسامع كل مراقب يتابع تطورات الأوضاع في المنطقة ، فبعد ان هدأت أصوات المدافع والرشاشات وازيز الطائرات في سوريا وبعد الاستقرار السياسي والعسكري النسبي الذي ساد اجواءها، خصوصا وان ضجيج جائحة كورونا فرض على ما يبدوا هدنة اجبارية على الجميع ، تحولت الأنظار الى ليبيا ، ذلك البلد الافريقي الذي يتملك أكبر احتياطي نفطي في القارة الافريقية وشريطاً ساحلياً على البحر الابيض المتوسط بطول ألفي كيلو متر ولا يفصلها عن أوروبا سوى البحر المتوسط ومساحة من الارض تبلغ 1.8 مليون كليو متر مربع بينما عدد سكانها أقل من سبعة ملايين نسمة، مما جعلها تتمتع بموقع جيواستراتيجي مهم في حوض البحر المتوسط و شمال أفريقيا .
عام 2011 تدخل حلف الشمال الأطلسي وساهم بشكل فاعل في اسقاط نظام القذافي بعد أن لمّح لروسيا بوعود الشراكة في ثروات هذا البلد، فحصل الحلف منها على الضوء الاخضر، الا ان الغرب سيّر الأمور عكس ما كان قد وعد به روسيا فجاء التدخل الروسي المباشر والقوي في سوريا بغية اعادة التوازن بين الطرفين في تأمين المصالح الإقليمية .
تركيا التي لم تجنِ ما كانت تتوقعه في تدخلها في سوريا، بل وباتت من احدى الأطراف الخاسرة في تلك الساحة، ماديا بشريا و سياسيا، وجدت ضالتها في ليبيا خصوصا بعد توقيعها نهاية العام الماضي على اتفاقيات استراتيجية مع (حكومة الوفاق الوطني) بقيادة فائز السراج ، تلك الحكومة المعترف بها دوليا، ومن بنود تلك الاتفاقية حق التنقيب عن النفط شرق البحر المتوسط وبالمقابل مساعدة حكومة السراج في صراعها مع قوات( الجيش الوطني الليبي ) بقيادة خليفة حفتر، تلك القوات التي كانت في تلك الاثناء تقترب من اسقاط حكومة فائز السراج والسيطرة على طرابلس العاصمة، لذا وجد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في ذلك فرصة لاستغلال الوضع بغية تعويض ما خسره في سوريا والتحرك إقليميا صوب أفريقيا من جهة ومحاولة اسكات معارضيه في الداخل من جهة أخرى ، ولا يجب أن ننسى بان الشراكة الفكرية بين الطرفين وتبنيهما لفكر "الاخوان المسلمين " كان أحد العوامل التي ساهمت في تقريب وجهات النظر بينهما و توقيع تلك الاتفاقية .
روسيا ، وفي ظل تململ أمريكا والغرب من الانخراط في شؤون المنطقة عموما وليبيا خصوصا والتخبط في سياسات ترامب إزاء المنطقة ككل، نقلت مواجهتها الخفية تارة والعلنية تارة أخرى مع تركيا، من سوريا الى ليبيا، كون بوتن قد أدرك بانه ربح المعركة تقريبا في سوريا ومن مصلحته الا يترك ليبيا لاردوغان خصوصا وان تدخله في ليبيا لا يكلفه الكثير كما حدث في سوريا ومكاسبه ستكون أكبر. حين ادركت روسيا بان تركيا تدعم فائز السراج بمقاتلين سوريين من المعارضة التي كانت تشرف عليهم هناك ومنهم جبهة النصرة وتنقلهم الى ليبيا وتمد حكومتها بالسلاح والمال ، بادرت هي بدورها بتجنيد المرتزقة السوريين عبر شركاتها الأمنية كشركة ( فاغنر) بحجة حراسة المنشأت النفطية في جنوب ليبيا، أي في المنطقة الواقعة تحت نفوذ (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر العدو اللدود لفائز السراج .
اليوم نرى المقاتلين السوريين الذين انهكتهم الحروب وبات الجوع يهددهم وعوائلهم، ناهيك عن مصيرهم المجهول في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الوخيمة السائدة في سوريا ، هذه الظروف جعلتهم لقمة سائغة لتركيا وروسيا لذا نراهم يتسارعون للتجنيد في القتال في ليبيا مقابل إغراءات مالية تؤمن لقمة العيش لهم ولعوائلهم .
بعد ان كان الصراع بين الميليشيات المتحاربة منذ سقوط القذافي وغياب سلطة مركزية مستقرة هناك منذ عام 2014 هي السمة الأبرز في ليبيا، باتت الصورة الآن تبدوا وكأن الحرب في ليبيا لم تعد بين الليبيين أنفسهم !
من هنا يؤسس الطرفان الروسي والتركي لنفوذهما في ليبيا ومن المحتمل أن يطبق الطرفان نسخة طبق الأصل من الصفقات التي ابرموها في سوريا . ولا ننسى الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى الداعمة لطرفي الصراع، فهناك مصر و السعودية والامارات مع فرنسا تقف الى جانب حفتر و قطر مع إيطاليا تقف الى جانب السراج .
الصراع في ليبيا بات حربا بالوكالة عددا وعدة ، وان روسيا ، وبالرغم عن ما ستؤول اليه التوازنات العسكرية هناك، برزت مجددا كقوة دولية لا يمكن التغاضي عن دورها في الصراعات الدائرة في المنطقة وباتت النوايا الحقيقية المستقبلية لها واضحة وربما ستصبح الرابح الأكبر في هذه المعادلة الإقليمية .
السؤال الذي يجب طرحه وفقا لهذا الواقع وتلك المعطيات هو : اين يكمن الحل ؟
ان الحل الوحيد والجذري لهذه الازمة، والذي يصب في مصلحة عمال وكادحي ليبيا وينهي كل هذه الصراعات ويقف بوجه هذا السيناريو المدمر الذي وضع الجماهير بين مطرقة القوى الدولية وسندان القوى الإقليمية ومعها القوى الرجعية المحلية وأمراء الحرب، مرهون بالإتيان بالإرادة الحرة والمستقلة لتلك الجماهير ونضالها من أجل حسم الأمور وفقا لمصالح غالبية العمال والكادحين والمحرومين والمعدمين الذين هم من يدفع ضريبة هذه الأوضاع ،وافشال كل تلك المخططات، إقليمية كانت أم دولية، وبناء دولة نابعة من الإرادة الحرة لتلك الجماهير وتخدم مصالحها بعيدا عن كل تلك المخططات الرجعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي