الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيصر قانون لاستكمال الإجهاز على الشعب في سوريا

جلال الصباغ

2020 / 6 / 19
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


عندما تعيش او تتجول في بغداد او بيروت او اسطنبول وغيرها من المدن القريبة جغرافيا الى سوريا، ستشاهد العشرات من الاطفال والنساء من حلب او حمص او دمشق او مدن سوريا المنكوبة الاخرى، ستشاهدهم وهم في أفقر الاحياء وقد احرقت وجوههم الشمس، ليمارسوا التسول في تقاطعات الطرق او قد تدفع البعض منهم الظروف للقيام بأعمال لا يقوم بها غيرهم.
عشرة ملايين لاجئ سوري حول العالم... مخيمات في العراق والاردن ولبنان وتركيا وداخل سوريا، وفي كل بقعة من بقاع الأرض... فقر ومرض وحرمان من التعليم والخدمات، جوع وحر قائض في الصيف وبرد قارص في الشتاء.
من بقي في مناطق الصراع عليه ان يتحمل وكلاء كل القوى المتوحشة الفاعلة من جميع انحاء العالم ، عليه ان يتحمل براميل الاسد المتفجرة والطائرات الروسية التي تهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها، عليه ان يتعايش مع مليشيات إيران وتركيا وهي تخطف وتقتل وتغتصب، من بقي هناك عليه تحمل العيش في مناطق داعش والنصرة وزينبيون وحزب الله، كل له منطقته التي يسيطر عليها، ويمارس ارهابه وتكفيره كيفما يشاء دون رقيب او قانون فسوريا غابة، كل شيء فيها مباح!.
ترامب يهاتف أردغان ليتقاسمو الادوار وبوتن يلتقي روحاني ليقرروا تقاسم المناطق والحصص، اما الأطفال والنساء في سوريا فيتقاسمون الصواريخ التي تسقط على رؤوسهم من هنا وهنالك والمهجرون قسريا من سوريا فيقتسمون الذل والمهانة والتمييز والاستغلال أينما حلوا او ارتحلوا.
الكل يبكي على اللاجئين السوريين، والكل يتاجر بقضيتهم، فها هي امريكا تتباكى على الشعب السوري وتتوعد النظام بأقسى العقوبات، وهي من تسيطر على ابار النفط وتحاصر وترسل قواتها لتقيم القواعد وتحتفظ بمقاتلي داعش تحت رعايتها من اجل استخدامهم في الوقت المناسب، وها هي تركيا تندد بقتل المدنيين لتقوم بعدها بقصف المدن والقرى الكوردية، وتقتل ساكنيها وتهجرهم. وتأخذ بعد ذلك المهجرين من مختلف المناطق ليقاتلوا كمليشيات في سوريا وفي ليبيا وغيرها من مناطق الصراع وغالبية هؤلاء المقاتلين من الأطفال الذين اجبرتهم الحرب على الانخراط في هذه الاعمال. روسيا هي الأخرى تبكي على سوريا التي استباحها الارهاب وتقدم المساعدات وتسعى لإعادة اللاجئين السوريين، لكن براميلها المتفجرة لا تميز بين طفل وامرأة وبين مسلح واعزل. إيران المدافعة عن "محور المقاومة" وعن النظام ترسل ميليشياتها التي تقتل وتهجر على مزاجها. هؤلاء وغيرهم جميعهم قتلة يساهمون بقسط من الخراب والقتل المجاني في سوريا، يظهرون عبر الاعلام ليتباكوا على سوريا ومستقبلها الضائع، وهم الذين ساهموا ويساهمون بضياع مستقبل ملايين السوريين!
ليس الانسان في سوريا وحده يعاني من القتل والتهجير والفقر وكل اشكال الامتهان البشري، فها هو الشعب في اليمن يقع تحت رحمة الطيران السعودي الأمريكي، وعلى الارض تحت رحمة الاطراف المتصارعة في الداخل المدعومة من ايران والامارات والسعودية وغيرها من الدول المستفيدة، وتلك هي ليبيا التي تحولت الى ساحة للمعارك، بين حفتر والسراج وخلف كل منهما دول وجيوش ودعم بالمليارات. يقومون بتهجير الملايين ومسح المدن والاحياء وتسويتها بالأرض، لكن الكل قلق على ليبيا كما هم قلقون على اليمن ومن قبله سوريا والعراق، نعم انهم قلقون للغاية لكن ليس على الشعب هنا وهناك بل قلقون على نفوذهم وحصتهم ومستقبل سياستهم في الشرق الاوسط وشمال افريقيا!
الناس في هذه البلدان ليسوا سوى أرقاما بالنسبة لتجار الحروب واقطاب المال، قد يرسلون لهم بعض المساعدات من خيم وادوية ليظهروا بمظهر الانسانيين، لكنهم قبل إعطاء هذه المساعدات، قاموا بهدم المستشفى الذي يوفر العلاج للمرضى وتحويل المدرسة التي يتعلم فيها الأطفال الى ثكنة عسكرية، كما قاموا بهدم المنازل التي تسكن فيها العوائل ونهبوا المصنع الذي يعمل فيه الكادحين، واحرقوا الارض التي توفر الغذاء للجميع.
الناس أدرى في العراق بما تنتجه العقوبات، فالحصار الاقتصادي الذي فرض في تسعينيات القرن الماضي لم يؤثر على النظام، بل ان صدام حسين كان يبني القصور، بينما يموت الاطفال بسبب نقص الادوية والطعام.
قبل فرض قانون قيصر على سوريا من قبل الادارة الامريكية، تشير الاحصاءات الى ان ثمانين بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، والان ومع فرض هذا القانون فلن يكون أحد بمنجى من اثاراه سوى عائلات النظام وبعض تجار الحروب.
ان قانون قيصر الأخير سيضاعف من أزمات الشعب في سوريا وسيزيد من الفقر والجوع والمرض، وعلى كل القوى التحررية في العالم ان تقف بوجه ترامب الفاشي وقانونه الجديد الذي يستهدف من خلاله المزيد من التجويع والافقار للشعب السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا