الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أميركا اللاتينية: يساران

محمد سيد رصاص

2006 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


- كان انحسارالموجة اليسارية في أميركا اللاتينية,أواخر السبعينيات,مترافقاً مع صعود موجة ليبرالية عمَت القارة بالتزامن مع موجة الدمقرطة التي أزاحت الحكومات العسكرية التي شجعتها الولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة وصعود اليسار,وهو ماكان متوازياً مع ميلان الكفة لصالح واشنطن ضد السوفييت وبداية انتهاء عهد الثنائية القطبية.
خلال العقدين الأخيرين,شهدت القارة الأميركية الجنوبية تطبيقاً ليبرالياًمتطرفاً لوصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي,وقدأدى هذا إلى وصول 43% من السكان هناك إلى عتبة الفقر في عام 2001, أي مامجموعه 240مليوناً من سكان القارة بعد أن كان مجموع فقرائها في عام 1980 لايتجاوز (120مليوناً),كماأن نمو دخل الفرد قد تناقص خلال العقدين الأخيرين من القرن بنسبة 9%بالمقارنة مع نموه,في الستينيات والسبعينيات,بنسبة82%,وفي هذا الإطار يلاحظ بأن فقراء الأرجنتين قد قفز عددهم من المليون في 1990 إلى 14مليوناً في عام2001,وتناقص دخل الفرد الفنزويلي,بين عامي1970-1998,بنسبة 35%.
أتت الموجة اليسارية الحالية,التي تشهدها أميركا الجنوبية منذ عام 1998 مع صعود شافيز للرئاسة في فنزويلا,على خلفية وصول الموجة الليبرالية إلى الطريق المسدود,ليعقب شافيز يساريون آخرون وصلوا إلى السلطة هناك عبر الإنتخابات, من داسيلفا البرازيلي(2003),والبيروني العمالي كيرتشنر(2003) في الأرجنتين,وتاباري فاسكيز,ذوالميول الاشتراكية الديموقراطية,في الأوروغواي(2004),وصولاً إلى القائد الفلاحي من أصول هندية إيفو موراليس في بوليفيا(كانون أول2005),ثم الرئيسة التشيلية ميتشيل باتشيليت في الشهر الأول من هذا العام وهي الآتية من حزب سلفادور أليندي القديم.
خلال الأحد الأخير من شهر أيار الماضي مع فوز اليميني المحافظ أوريبي في كولومبيا,ومع هزيمة مرشح اليسار القومي في البيرو(أومالا) في الأحد الأول من حزيران الحالي أمام اشتراكي ديموقراطي يميل إلى الليبراليةعلى طراز توني بلير-حصل توقف بارز لهذه الموجة اليسارية التي استغرقت حوالي العقد من الزمن.
يلفت النظر أن الموجة اليسارية الحالية في أميركا اللاتينية لايحكمها توحد ايديولوجي مثل موجة الستينيات والسبعينيات,التي كان يسودها الماركسيون ولوتباينت ميولهم بين موالين للسوفييت(الأحزاب الشيوعية),وغيفاريين,وتروتسكيين, ويسار جديد مال إلى العمل المسلح في المدن مثل التوباماروس في الأوروغواي.
في الموجة اليسارية الراهنة,من الممكن الإشارة إلى يسار يمكن تسميته بالشعبي,لايملك ايديولوجية محددة,وحدوده غير واضحة المعالم على الصعيد الفكري,ولايمكن تأطيره ضمن التخوم المحددة التي كانت لليسار واليمين في الزمن الفاصل بين لينين وغورباتشوف.هنا يمكن وضع الفنزويلي شافيز والبوليفي موراليس والبيروفي أومالا(وهوعسكري سابق ساهم في قمع المنظمة الماوية اليسارية"الدرب المضيء" في الثمانينيات) في هذا الإطار,حيث يلاحظ استنادهم إلى فقراء وإلى فئات وسطى نزلت إلى ماتحت خط الفقر,يلفت النظر أن غالبيتهم الكاسحة آتية من الخلاسيين أومن أصول هندية,وأنه يوحدهم العداء والافتراق الطبقي والعرقي والمناطقي عن بيض أوروبيين(هم أقلية في البلدان المذكورة)تركزَت السلطة والثروة بأيديهم خلال القرنين الماضيين في الفترة التي أعقبت حكم الاسبان,ليجتمع ذلك عندهم مع ميول إلى الغاء أوتعديل الوضع القائم ,بالتوازي مع عداء للولايات المتحدة والشركات الأجنبية الآتية من الشمال.
يلاحظ أن ذلك لايوجد عند اليسار في الأرجنتين,حيث ذوي الأصول الأوروبية هم أغلبية كاسحة من السكان تبلغ97%,ولافي تشيلي التي لاتعاني من مشكلة اندماج بين الخلاسيين(66%) والإسبان(25%)والهنود(5%),ولافي الأوروغواي حيث المنحدرون من أصول اسبانية وايطالية يمثلون 90% من السكان:يلفت النظر في البلدان الثلاث المذكورة,أن اليسارهناك,وبرغم ماضٍ شعبوي عاشته الحركة البيرونية في الأرجنتين خلال الخمسينيات,يسوده الإتجاه الاشتراكي الديموقراطي,مع أقلية شيوعية,وأنه بخلاف اتجاهات وجدناها عند شخصيات اشتراكية ديموقراطية أوروبية نحت نحو الليبرالية,مثل بلير وشرودر,فإن الإشتراكيون الديموقراطيون في أميركا الجنوبية يسودهم-بخلاف حالة ألان غارسيا في البيرو الفائز في الانتخابات الأخيرة-الكثير من الحذر حيال الوصفات الليبرالية للاقتصاد وللسياسات الاجتماعية,ويميلون وينحون نحو المركزة والتخطيط الاقتصاديين وينظرون بكثير من الريبة إلى التحرير الليبرالي المفرط للاقتصاد.
يبدو أن الطريق اليساري,خارج الغرب الأوروبي,لم يكن على مسار خطِي واحد:فكما كان,خلال القرن العشرين العربي,هناك يسار ماركسي استند إلى بنى مدينية.من عمال وطلاب ومثقفين وافتقد إلى امتدادات في الريف,فقد وجد أيضاً عند العرب يسار قومي شعبوي وجد امتدادات اجتماعية قوية في الريف وفي البلدات الصغيرة والمناطق الجغرافية المهمشة,وكان عداؤه السياسي للغرب يجتمع مع ميول فكرية قوية معادية للحداثة والثقافة كماأنتجهما الغرب الحديث.
يمكن تلمس الكثير من النزعة"الطبيعية",والعديد من الاتجاهات التي تنحوا منحى لاعقلانياً في تفسير ظواهر الطبيعة والسلوك البشري,في روايات اليساري الكولومبي ماركيز:هنا,ألايذكِر شافيز في فنزويلا,حيث كان هناك يسار قوي تداعى في الستينيات بين الاتجاهين السوفياتي والغيفاري, بالكثير من ملامح صدام حسين,الذي أتت يساريته الصاعدة للسلطة على خلفية انهزام الاشتراكي الديموقراطي كامل الجادرجي في14تموز1958,وهزيمة الشيوعي سلام عادل في 8شباط1963؟..............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات