الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة أمريكا بإسرائيل، عضوية أم مصلحية!

محمد رياض

2020 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ما سر هذه العلاقة الحميمة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني " إسرائيل " ؟ سؤال مطروح في الشارع العربي منذ تأسيس هذا الكيان !
ولماذا تعتبر الولايات المتحدة الداعم الأكبر والراعي والحامي للدولة العبرية؟ وهل يسيطر الصهاينة على مقاليد السياسة الأمريكية أم أن المؤسسة السياسية الأمريكية هي التي تستخدم الصهاينة ودولتهم كأداة لخدمة مصالحها ؟
وهل يمكن أن تنفك عرى هذه العلاقة ؟

الإجابة مركبة، وليس فيها أبيض أو أسود، والعلاقة بين الولايات المتحدة واسرائيل هي فعلاً أكبر من أن تكون علاقة التقاء مصالح عابرة فقط، ولا يمكن لعرى هذه العلاقة ان تنفك بسهولة ابداً، لماذا؟

علينا في البداية أن نفهم أبعاد هذه العلاقة قبل تقديم الإجابة:

أ. السياق التاريخي :

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية لمساعدة دول الحلفاء ضد دول المحور، وكانت ألمانيا رأس الحربة في دول المحور، وكانت سياسات الحزب النازي تقوم على تفوق العرق الآري . وكان اليهود في ألمانيا من أصول غير آرية وكانوا يعيشون منعزلين في تجمعات مغلقة ثقافياً وشبه منعزلة عن المحيط تسمى ( الغيتو) ، وقد هاجر معظم هؤلاء اليهود على إثر الحرب الى الولايات المتحدة، وقد تعاطف الشعب الأمريكي بقوة مع هؤلاء القادمين اليهود " المضطهدين " من قبل عدوهم النازي، وقاموا باحتضانهم وتوفير الفرص لهم، وكان معظم هؤلاء المهاجرين من المتعلمين الذين سرعان ما انخرطوا في الهيئات الأكاديمية والسياسية والإعلامية الأمريكية ثم اسسوا وجوداً اقتصادياً ملحوظاً لهم في الوطن الجديد .

وقام اليهود بالترويج لمعاناتهم تحت وطأة حكم النازي واتهامه بمحاولة ابادتهم في معسكرات اعتقال ضخمة وحرقهم بأفران الغاز، الخ. ولست هنا في معرض تقييم الهولوكوست ولا حجم الإبادة، وإنما الفكرة أن الشعب الأمريكي تعاطف مع المضطهدين والهاربين من هذا الجحيم النازي وتبنوا رواية اليهود له.

2. لم يكن للعرب حضور يذكر في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، ولم يكن حتى للدول العربية حضور يذكر في المحافل الدولية فقد كان بعضها حديث الاستقلال ومعظمها يرزح تحت وطأة الاستعمار الأوروبي ! ولذلك لم يتح للشعب الأمريكي غير سماع هؤلاء المهاجرين اليهود وتبني أطروحاتهم والتعاطف مع احلامهم!

3. كذاك تعاطف الشعب الأمريكي مع مبدأ قيام وطن آمن لليهود المضطهدين خلف البحار ، حيث اعتبرت الفكرة منطقية جداً في حينها، وخلاصتهاً: شعب تم تهجيره من أوروبا عقب الحرب العالمية وكان حليفاً لنا ضد عدونا ( دول المحور) ويستحق ان يعيش في أمان في أرض بعيدة عن مكان الاضطهاد يصنع منها وطناً قومياً له..

4. لم يجرؤ احد في ذلك الوقت على معارضة هذه الفكرة " الإنسانية " في ظاهرها لانه سيتهم فوراً بالنازية والتعاطف مع "العدو الشرير"

5. لم يسمع الشعب الأمريكي الجانب الآخر من القصة لأنعدام وجود عربي داخلي مؤثر ولكون الدول العربية المستقلة حديثاً جداً جديدة في الساحة الدولية!

ب. السياق السياسي :

1. ارادت الولايات المتحدة التي تحولت الى قوة دولية أولى في العالم بعد الحرب أن يكون لها موطئ قدم في الشرق ، لذلك وجدت في إسرائيل إمكانية لخلق ذلك الوجود .

2. كانت الولايات المتحدة تخشى من تاثير العدو الجديد الناشىء ( الاتحاد السوفييتي ) في المنطقة ومن سعيه نحو الوصول الى المياه الدافئة ( البحر المتوسط ) فوجدت في إسرائيل حليفاً جغرافياً وسياسيًا واستخباراتيًا مهماً في المنطقة .

3. لم تكن الولايات المتحدة المحتاجة للنفط تثق في دوام استقرار الدول النفطية المهمة لاقتصادها ، فوجدت أن إسرائيل يمكن ان تكون قاعدة متقدمة مهمة لها، وثابتة ومستقرة سياسياً في الإقليم .

4. كانت الولايات المتحدة تخشى من تكون دولة عربية واسعة وممتدة وقوية ذات توجهات يسارية في المنطقة تسيطر على موارد النفط وربما تتحالف مع السوفيت، وبذلك تمسك الاقتصاد الأمريكي من خنّاقه، فرأت في إسرائيل ضمانه لأشغال المنطقة في حروب وصراعات ومنع حدوث استقرار ووحدة عربية.

ج. السياق الثقافي:

1. اليهود جاليات شرقية جاءت من أواسط اسيا ومحيط بحر قزوين الى أوروبا في أواخر العصور الوسطى ، وبذلك فهم غربيون من حيث الثقافة وطريقة الحياة والتفكير والعادات والتقاليد مثل الأمريكيين ذوي الأصول الأوروبية أيضاً، أما العرب فهم مسلمون بغالبيتهم وشرقيون وثقافتهم مغايرة تماماً للحضارة الغربية، بالتالي وجدت الولايات المتحدة دولة تشترك معها ثقافياً في محيط من الكيانات الشرقية المسلمة المختلفة او " المتخلفة" كما يحلوا للأمريكيين أن يتخيلوا ، بالتالي من الطبيعي لك ان تدعم الأقرب إليك وابن ثقافتك!

2. كانت الولايات المتحدة تعمل على نشر الثقافة الأمريكية في العالم لأسباب سياسية واقتصادية وثقافية معلومة، بالتالي اعتبرت إسرائيل واجهة ثقافية متقدمة في جبهة مغايرة تماماً من ناحية ثقافية!
د. السياق الديني :

1. هناك مراكز قوى مسيحية أمريكية متنفذة تؤمن بضرورة عودة القدس الى اليهود وبناء الهيكل مجدداً كشرط لرجوع المسيح الى الارض ، بالتالي من الطبيعي ان تدعم مشروع إقامة إسرائيل وتحافظ عليه

ه. السياق الداخلي

1. نجح اليهود كما ذكرنا في تاسيس إمبراطوريات اقتصادية هامة داخل المنظومة الأمريكية وكذلك في بناء قوى ضغط سياسية ( لوبيات) متنفذة وفي تأسيس واجهات إعلامية مؤثرة ومتنفذة داخل المجتمع الأمريكي ، بالتالي فإن السياسي الذي سيعارضهم سيتم تهميشه وحرقة وإخراجه من اللعبة بسهولة!
و. الأكاديميين اليهود الذين تغللوا في النظام التعليمي والمؤسسات القانونية والإعلامية في امريكا نجحوا في تمرير روايتهم وجعلها مادة محل اجماع ومسلمة داخل هذه المؤسسات ولا يمكن اجتثاثها!

الخلاصة :
علاقة امريكا بأسرائيل مركبة من كل هذه العوامل وبالتالي فهي علاقة عضوية او شبه عضوية وليست مجرد علاقة مرحلة عابرة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو