الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان بين مفهومي الخير والشّر

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2020 / 6 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


منذ طفولته و نشأته في بيئته يتربى الإنسان مع فكرة الصراع بين الخير و الشر ، فيخوض وفق فهمه حربا مستمرة مع قوى الشر كل يوم و ذلك لأنه لقن و غرس في وعيه ان هناك قوى و سلوكيات شريرة في الحياة عليه ان يحترس منها .. فكرة جعلت العالم مكانا مخيفا و غير آمنا أمام طفل في بدايات خطواته في الحياة .
لكن ، يبقى السؤال دائما قائما ، ما هو الشر و ما هو الخير ، من هو الخيّر و من هو الشرير ؟ ويبقى استنتاج الجواب على هذا السؤال يتعلق بمن يمتلك السلطة و النفوذ و بالتالي تأثيره على قناعات الآخرين ممن تربوا على فكرة الصراع الأزلي بين الخير و الشر .
الأديان منذ بداياتها ( سماوية و أرضية) تبنت هذه الفكرة و رسختها منهاجا ايمانيا ثابتا لها و استثمرتها وسيلة مباركة لحشد الأتباع و المريدين والسيطرة عليهم استنادا لمبدأ الثواب و العقاب ( في الدنيا و الآخرة ) وفق معايير الخير و الشر التي لايمكن المس بها بموجب شرائع التحريم والتكفير المقدسة ..!
و قد اقتبست العديد من القوى و نظم الحكم ( خصوصا الأستبدادية ) هذه الفكرة من الأديان و تعاملت و تتعامل برؤيتها مع مفهومي الخير و الشر
( حسب متطلبات مصالحها و أهدافها ) و تعزيزا لهيمنتها و قبضتها على مجتمعاتها و على الآخرين ايضا فيما اذا سنحت لها الفرص المواتية
( مستغلة و بشراهة شرسة تدني الوعي العام للآخرين و درجات تخلفهم الحضاري و عدم استيعابهم لجوهر و مضمون واجباتهم و حقوقهم الإنسانية ) .
هذه القوى ونظم الحكم و باتجاه بسط نفوذها و مد هيمنتها لا مانع يردعها من ان تقلب الخير شرا و الشر خيرا كلما دعت حاجاتها الآستبدادية و تبرير سياساتها ذلك ، جاعلة من نفسها وكيلة لله على الأرض تمنح صكوك الغفران و مفاتيح الجنة لمن تشاء و تحجبها عن المغضوب
عليهم ..
أجل ، فالأنسانية عبر تأريخها الطويل عانت و لا تزال تعاني بشدة من اشكال منوعة من انظمة الأستبداد و من حكام طغاة منحوا انفسهم حقوق الحكم الالهي أو صفاة الملك الصالح أو الحاكم بأمر الله أو الخليفة العادل أو القائد المجاهد و المؤمن ...الخ فجلبوا على أممهم و شعوبهم بل و على الأنسانية كل ألوان الشر و البلاء ..!
و هكذا فليس من العجب ان نرى الشر و الشرير بمقاييس مجتمع ما ، خيرا و خيّرا في مجتمع ما و بالعكس ايضا ..
و أقولها متهكما ، إنّ فكرة الخير و الشر كواحدة من بدايات الفكر الفلسفي للإنسان ، فكرة زاوَجَها و هجّنها ( الشيطان ) بمكره ..! لتصير منهجا راسخا و متبعا لغسل الإدمغة والعقول و وضع الغشاوات أمام العيون، ليس على مستوى الإفراد فقط بل لتعمية مجتمعات برمتها و سوقها حسب مرام و نوايا الخيرين و الأشرار ، و كأنهم ( أي الخيرين و الأشرار ) في كفة واحدة من ميزان الخير و الشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة