الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية العجائب:وزير الدفاع يتعهد بالقضاء على احد احزاب حكومته المنتخبة

صائب خليل

2006 / 6 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قرأت في الأسبوع الماضي خبراً مفاده ان وزير دفاعنا العراقي الجديد قد تعهد بـ "القضاء على الشيوعية"!(*)
لم اكتب مباشرة عن الخبر بل انتظرت اسبوعاً لأني لم اصدق ما قرأته, خاصة وان ردود الفعل كانت في غاية الهدوء والدعة, فلم اجد سوى مقالة يتيمة معاتبة في طريق الشعب, ولولا تلك المقالة لما عرف احد بما جرى!

مر ببالي وزراء الدفاع العراقيون السابقون منذ الإحتلال الأمريكي: حين قالوا ان وزير الدفاع حازم الشعلان سيكون اول وزير دفاع عراقي مدني استبشرنا خيراً. لكنه سرعان مااثبت تخلفه الأخلاقي باختلاسه مبلغاً هائلاً في وقت يموت فيه العراقيون من الجوع وسؤ التغذية. ثم اثبت تخلفه العقلي بتصريحه حين وصف ايران بـ"تلك الدولة التي حاربت بلادي ثمان سنوات" ملقياً اللوم في الحرب على ايران وليس بلاده التي لم ير ضيراً في ان يسرق منها ملياراً وهي تتضور جوعاً وليجعل من سفاحها السابق بطلاً قومياً كان يدافع عن بلاده.

ثم حين جاء وزير الدفاع العراقي التالي سعدون الدليمي سارع بالتوعد بهدم كل منزل يؤوي أي "إرهابي"، على رؤوس نسائه وأطفاله!

واخيراً جاءت الحكومة الحالية بدون وزير دفاع لأنه على ما يبدوا منصب هام ويجب اخضاعه لشروط قاسية تضمن حسن الإختيار, فكان الشرط العجيب الذي ينطبق على وزير الداخلية ايضاً: ان يكون الوزير مستقلاً من اي انتماء حزبي! ويبدو لي ان احدا غيري لم يجد غرابة في هذا الشرط فلم اقرأ عنه رأياً سلبياً, فيبدو ان الجميع متفقين, بضمنهم الحزبيين, ان الحزبيين ليسوا اهلاً للثقة لمثل تلك المناصب الحساسة وان المستقلين الذين لا رأي سياسي لهم, أو لهم رأي غير معروف, وليس لهم حزب يحاسبهم ويحرص على موقفه من ناخبيه واعضائه, هم الأفضل هذا المنصب!

ألا يكون مفيدا لكل حزب في بلادنا ان يضع لنفسه عضواً "مستقلاً" للإحتياط لمثل هذه الحالات, ولا بأس ان يختار اشد اعضائه تطرفاً ويفصله من الحزب في انتظار الوزارة القادمة, ليزيد فرصته في الوزارات الخطيرة.

وبالفعل, ففي اول خطاب له قال وزيرنا الجديد بأنه "غير مرتبط بأي تنظيم سياسي عراقي" بفخر كمن يقول ان ليس له ملف اجرامي سابق و قوبل الخطاب بتصفيق من الحضور "غير الأبرياء" الذين استبشروا خيراً بهذا القديس المرتفع عن " التسييس والتحزب والولاءات الفئوية العنصرية والطائفية الضيقة" كما اسماها, والتي عجزوا هم عن الإرتفاع فوقها فصاروا حزبيين.

لكن الوزير البعيد عن التسييس والتحزب لم يكن على ما يبدوا بعيداً جداً, بل له رأي سياسي واضح وينوي فرضه بالقوة بالقضاء على احد الأحزاب السياسية المشاركة في البرلمان الذي انتخبه والحكومة التي رشحته وصار وزيراً فيها!
التأريخ يعلمنا ان المتآمرين لم يصرحوا بخططهم مسبقاً, إذن لعلها زلة لسان وتخلف سيساسي. ورغم ذلك فالـ "زلة" لا تخلو من خطر حتى ان كانت غير مقصودة اطلاقاً. فلو حصل انفجار في مقر للحزب الشيوعي غداً فمن سيستبعد ان تكون وزارة الدفاع مسؤولة عنه؟ ثم الا يمكن ان يستغل الإرهاب هذه الحالة غير الطبيعية للقيام بمثل هذه العملية لإتهام الدفاع بها؟
استغرب كذلك موقف الحزب الشيوعي والذي ينتظر منه على الأقل بعض الدفاع عن نفسه واعضائه, والمطالبة بحجب الثقة عن الوزير ورفض المشاركة عدا ذلك, بل ويفترض بعد ذلك محاكمته كشخص اعتيادي بتهمة التحريض على القتل والإرهاب.لكنه اكتفى بمقالة عتاب في جريدته ولم يطالب حسب علمي حتى بإعتذار. ورغم ان ذلك لن يصلح الخطأ لكن من شأن اعتذار علني حميم ان يزيل مثل تلك المقالق ومثل ذلك الجو المفعم بالخطر قبل ان يستغله من يتربص الفرص.

اود اختتم مقالتي بالعودة الى موضوع الشرط العجيب الذي اتفقت عليه جميع الأطراف السياسية, وهو ان يكون وزير الدفاع مستقلاً, كأن ذلك يضمن او يحسن فرص اختيار وزير معقول وغير متحيز بشكل خطر. أقول ان هذا الوزير خير برهان على ان ذلك كان شرطاً ابلهاً, شأنه شأن الحديث المتزايد عن "حكومة تكنوقراط". اقول ان ندع تلك الخرافات ونقبل بنتائج الإنتخابات كما هي, فهي تبقى أكثر اماناً ومسؤولية من كل تحوير تفرضه تلك الكلمات الكبيرة الغامضة على نتائج الديمقراطية, وإلا فإن الشروط الحمقاء ستعطينا دائماً نتائج حمقاء وخطيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي تداعيات إبطال محكمة العدل الأوروبية اتفاقيين تجاريين م


.. إسرائيل تستعد لشن هجوم -قوي وكبير- على إيران.. هل تستهدف الم




.. واشنطن بوست: تساؤلات بشأن مدى تضرر القواعد العسكرية الإسرائي


.. مسيرات تجوب مدنا يابانية تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة




.. رقعة | كيف أبدل إعصار هيلين ملامح بلدات نورث كارولينا في أمر