الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طَاوِلاَتٌ

فتحي البوزيدي

2020 / 6 / 22
الادب والفن


الكأس
على حافة الطّاولة.
فوبيا الأماكن العالية في عيون الشّراب.
الطّاولات
تصلح لعربدة رأسكَ
أو..
لإضفاء شعريّة
على هندسةِ جسديْن جائعين يتناولان من لحميْهما
وجبةَ عشق.
كتابةُ قصيدة مثل ممارسة الحبّ
لا تحتاج شوكة و سكّينا.
أجمل النصوص..أوجعُها..
تلك التي يغلي حبرها في صدري
مثل قدر حساء لاذع.
أظنّ أنّ بطني سمكة بلا ذاكرة!
هكذا
لا أحفظ لَمْعَة الدِّهان على قطعة
. Steak
لكن
للحنين أنفُ كلب..
أنفُ مدمنِ مخدّراتٍ,
تَعْلَقُ به رائحةُ عطرِ
.Opium
للشّوق أيضا أنفُ قطّ
يرتجف لرائحة الشّواء كلّما صارت بشرتكِ البيضاء
جمرا.
جسدكِ.. كأسٌ على حافة الطّاولة.
فوبيا السقوط إلى هاوية الغياب
بعد الكأس الأخيرة..
بعد ارتعاشة
النّشوةِ,
الشّهوةِ,
ارتخاءِ مجداف خانته ذراعا بحّار مُنْهَكٍ.
الأجسادُ
بلّورٌ كسره جُرْف نَحَتَه دمعُ الرّاحلين.
في قاع الوحدة
ليلٌ لا يستطيع النّومَ على شظايا قلبي
في قاع الوحدة
أدعو الذّاكرة إلى طاولتي..
أصفّف المسامير..
أدقّها في رأسي
مشجبا
مشجبا
أعلّق عليها أَرَقِي:
[هواجسَ,
نحيبَ صراصير في مجاري الصّرف الصحّي لبقايا أحلامٍ,
عويلَ كلاب سائبة لم تجد ما تأكل في سلّة قلبٍ مهمَلٍ]
أرقٌ..
صدأُ اللّيل..
مساميرُ تثبّت أقدامَ طاولة ارتجفت
من الوحدة..
من الصّقيع.
رأسك المقطوع بعطشِ الثّمالة
يعربد على الطّاولة,
يسحب ورقتيه الأخيرتين:
ورقةً للحزن
ورقةً تعضّ أصابع النّدم.
بعض الطّاولات
تصلح لاجتماعات السّادة المتأنّقين.
أمّا عنّي
فأنا لا أصلح
لِشُرْبِ العَرَقِ باردا من أكفٍّ تصفّق لِلِسَانٍ أطْوَلَ من ربطة عنق باريسيّة.
أنا
اعتدت الوقوف:
للكتابة,
لممارسة الحب,
لتناول نخبٍ على منضدةِ البَارِ العاليةِ.
لذلك
أكره
أن تقف كأسُ كريستال على طاولة الاجتماعات
أظن أنّ كؤوسا كسرها السقوط أكثرُ فرحا من كؤوس كسرها
الوقوف..
الانتظار..
ربّما
لأنّ عاشقة واقفةً في انتظار حبيب تأخّر عن موعده جرحت عينيّ.
جرحتني أيضا
كأسُ كريستالٍ على طاولة الاجتماعات
تنتظر رجلا متأنّقا يسوّي بدلة خطاباته بعلامات إشهاريّة مستورَدة.
أنا لا أصلح إذن:
لأن أصير كأس كريستال تقف انتظارا..
لأن أصير ربطةَ عنق يرتديني أحدهُم..
لأن أكتب خطاباتِ الرّؤساء.
لذلك
أتقاضى أجرا زهيدا عن كلّ الدّم الذي أكتب به.
أظنّ أنّ هذا الأجر يشبه كثيرا قطعة حلوى يغيّر بها سكرانُ نكهة خمره الرّخيص.
هكذا
صرت مصابا بمتلازمةِ الدّمع و صخور الجُرْف.
أدفع الكأس من حافة منضدة البار العالية:
أكسر
ممارسةَ الحبّ على طاولة المطبخ بالوداع
أحلم خاصّة
بكسر كلّ كؤوس الكريستال على طاولات الاجتماعات.
أدقّ المسامير
في رأسي..
في أقدام طاولة مترنّحة.
أسحب الورقتين الأخيرتين
ألقيهما في وجه الذّاكرة
أحتفل بخسارة رأسي
على طاولةِ الأَرَقِ,
على طاولةٍ لتناول وجبةِ عشقٍ من لحم جسدين جائعين,
على منضدةِ شرابٍ أعلى من جُرْفٍ صخريّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع