الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دبلوماسية الكمامات

جونا صبحي جميل

2020 / 6 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


بعد تسجيل أول حالة إصابة بفايروس كورونا يوم 12ديسمبر 2019 في مدينة ووهان في الصين، ليتوسّع بعدها بشكل تدريجي في اغلب الدول، إلى أن أعلنته منظمة الصحة الدولية وباءً عالمياً يوم 11 آذار/مارس 2020. لتواجه الدول الغنية كما الفقيرة نقص كبير في التجهيزات للقطاع الصحي حول العالم، ويُشبه هذا النقص في طبيعته ما تواجهه الدول التي تتعرض لكوارث طبيعية، حيث تقوم الدول الأخرى عادة بمد يد المساعدة بشتى الطرق، و مما لا شك فيه، إنّ الظروف الاستثنائية التي فرضها فايروس كورونا على العالم، أوجد بيئة مناسبة للعديد من الدول للتحرك إقليمياً أو دولياً لإعادة التموضع السياسي والاقتصادي، أو لفرض وقائع على الأرض، في ظل انشغال المجتمع الدولي بمواجهة الجائحة. لذا سنحاول في هذه المقالة تسليط الضوء على دور دبلوماسية المساعدات الانسانية( دبلوماسية الكمامات) على الدول.
في زمن كورونا أصبحت الكمامات و غيرها من المعدات الطبية إحدى أهم الوسائل نهجاً و طريقاً لبعض الدول، سواء لتثبيت مواقف الأصدقاء و الحلفاء، أو لتخفيف حدة الخلافات مع المنافسين و الأعداء، فإلى أي مدى يمكن أن تلعب دبلوماسية الكمامات دوراً كبيراً في تعزيز الحضور السياسي للدول او لتغيير المواقف السياسية والتحالفات القائمة؟. برزت العديد من الدول التي توالت على تقديمها، أبرزها:
1-تركيا: حرصت على إبراز هذه المساعدات من الكمامات و غيرها من المعدات الطبية، و وصولها إلى أكبر عدد من الدول، سعياً لإبراز دورها المحلي والدولي. و تأتي دول البلقان و الاتّحاد الأوروبي و القوقاز، في طليعة البلدان التي قدّمت تركيا مساعدات طبية لها، إضافة إلى البلدان العربية و إسرائيل وغيرها.
2-الصين: و قد طالت مساعدات الصين الإنسانية الطارئة دول في آسيا و أوروبا و إفريقيا، و أمريكا وتعد هذه المساعدات هي الأوسع منذ تأسيس الجمهورية الشعبية عام 1949، و تشكّل نقطة تحول في دور الصين على الصعيد الدولي. الى جانب العديد من الدول التي قدمت مساعداتها الانسانية كالولايات المتحدة الامريكية و روسيا و المانيا و فرنسا و السعودية و قطر و غيرها من الدول، تشكل هذه المساعدات معطيات للتساؤل عن الدوافع الدبلوماسية للمساعدات الإنسانية ( الكمامات) لدى المانحين في فترات وقوع الكوارث و النزاعات عنها في ظل جائحة كورونا، هل من الممكن ان تحمل أبعاداً متعدّدة على المدى الطويل؟ في الحقيقة لابد من ان تحمل دبلوماسية الكمامات دوافعها و التي يمكن اجمالها بــ: اولا، تعمل على تحقيق عدد من الأهداف على الأقل لفترة من الزمن، فعلى سبيل المثال، فإنّ المساعدات التي قدمتها تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال الأزمة ساهمت في الحد من الخطاب السلبي الموجه ضدها في دول الاتحاد، و سمح لها بإنتاج صورة أوروبية مختلفة عن تركيا، و التي تعرّضت للكثير من الاستهداف الأوروبي في السنوات الماضية على خلفية سياساتها الخارجية و الداخلية. كما يندرج في هذا الإطار رغبة الصين في معالجة الصورة السلبية العالمية التي تربط بين الصين و فايروس كورونا، خاصة مع قيام عدد من الدول، و على رأسها الولايات المتحدة، بتحميل الصين مسؤولية انتشاره بعد أن تأخرت في الإفصاح عنه، و لم تقم بمشاركة المعلومات المتوفرة لديها بشفافية. كما تترك آثاراً أكثر أهمية على المستويات الداخلية، حيث تُعزّز هذه التحركات من الشعور بالاعتزاز الوطني، و بانتماء المواطنين إلى دولة قوية قادرة على مدّ يد العون للآخرين. ثانيا: تحمل دبلوماسية الكمامات في ظل جائحة كورونا بُعداً اقتصادياً لدى الدول المانحة، فعلى سبيل المثال: رفع مستوى الطلب على منتجات الدول المانحة أو الحيلولة دون انخفاضه؛ باعتبار أنّ جودة المساعدات الطبية و إظهار التفوّق في عملية الإنتاج و الكفاءة في الاستجابة العالمية لمكافحة الوباء قد يساهم مستقبلاً في دعم الصادرات على مستوى القطاع الطبي أو حتى غيره. و ربّما ينطبق ذلك على تركيا و الصين.
يمكننا القول، رغم أن شكل و حجم التغيرات التي ستتركها كورونا على النظام السياسي و الاقتصادي الدولي، و على هياكل الدول نفسها، ما زال غير واضح حتى الآن، و ربما يحتاج إلى فترة طويلة بعد انتهاء الجائحة حتى تظهر ملامحه، إلا أن دبلوماسية الكمامات التي تقوم بها بعض الدول من الممكن تمنحها دفعاً إيجابياً نحو تموضعٍ أكثر فاعلية في مرحلة ما بعد الوباء على الدول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ستؤثر شهادة مايكل كوهين في مسار قضية ترامب؟| #أميركا_الي


.. العضو المنتدب في شركة ألفا أدفايسوري: طرح ألف للتعليم في سو




.. بعد مجزرة رفح.. محللون إسرائيليون يحددون ثلاث سيناريوهات محت


.. شركة تركية للطاقة تبيع حصصها في إسرائيل تحت ضغط شعبي




.. الأهم منذ 30 عاما.. بدء عملية الاقتراع في الانتخابات البرلما