الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا وقضم جغرافيات الجوار!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 6 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


إننا لسنا بصدد قضية أن الأتراك جاؤوا من أواسط آسيا والقفقاس ليستولوا على جغرافيات شعوب المنطقة وتأسيس خلافتهم العثمانية من خلال ركوب موجة الدين، كما يحاول أردوغان اليوم من خلال الإخوان المسلمين، بالرغم من أن تلك إحدى الحقائق التاريخية؛ أي مجيء الأتراك للمنطقة والاستيلاء على جغرافية الآخرين وخلافتهم الدينية، بل نناقش قضية قضم تركيا (الحديثة الكمالية) لجغرافية دول الجوار وذلك من بعد انهيار الخلافة ومحاولة أتاتورك انقاذ ما يمكن إنقاذه مرة من خلال الضحك على الكرد وجعل بعضهم شركاء في محاربة باقي المكونات الغير مسلمة مثل الأرمن والآشوريين ومن ثم إنقلابه عليهم وحرمانهم من أي حقوق سياسية، بل وارتكاب العديد من المجازر بحقهم والتي هي مستمرة لليوم، أو من خلال عقد عدد من التحالفات مع حلفاء/أعداء حيث تحالف أتاتورك في البداية مع السوفييت لافشال الكرد والمشروع الغربي في تقسيم تركيا لعدد من الدول بين شعوبها؛ الكرد والأتراك والأرمن ومن ثم انقلب أتاتورك على السوفيت ليتحالف مع أعداء الأمس ونقصد دول التحالف بقيادة أمريكا وذلك بعد الحرب العالمية الثانية، بالرغم إنها كانت قد أعلنت “الحياد موقفاً رسمياً للدولة رغبة منهم في الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي الدولة، وللمناورة ما بين الكتلتين المتصارعتين، وهو ما صرح به شكري أوغلو وزير الخارجية التركي آنذاك قائلاً: نحن مع جبهة السلام، وسوف نحافظ على علاقات اعتيادية مع الجميع بما فيهم ألمانيا وإيطاليا”(1).

لكن وبعد أن تأكدت تركيا من خسارة الألمان للحرب فقد أعلنت الحرب على دول المحور بالرغم من أنها كانت على علاقة قوية مع ألمانيا النازية وبالأخص في الجانب الاقتصادي، كما إنها كانت حليفتها في الحرب العالمية الأولى وتقول الدكتورة سعاد حسن جواد بهذا الخصوص في كتابها المعنون؛ بـ(تركيا في سنوات الحرب العالمية الثانية 1939-1945) ما يلي: “..ومع استمرار مجريات الحرب لصالح الحلفاء واستمرار الهزائم الألمانية على يد السوفييت أدركت تركيا أنها أمام الفرصة الأخيرة لكي تحتل موقعاً دولياً في مرحلة ما بعد الحرب عن طريق اشتراكها في منظمة الأمم المتحدة إذا ما أعلنت خروجها عن خط الحياد”. وتضيف الكاتبة أيضاً؛ “بحث الرئيس التركي عصمت إينونو مع كبار مساعديه مسألة إعلان الحرب على المحور، وهو ما تمت الموافقة عليه من قبل المجلس الوطني وبالإجماع وذلك في 23 من مارس عام 1945 وكان ذلك قبل نهاية العمليات العسكرية بحوالي عشرة أسابيع وانتصار الحلفاء رسمياً في الحرب العالمية الثانية”(2). وهكذا نلاحظ انتهازية الأتراك في قنص المواقف دون أي اعتبار للقيم الأخلاقية وذلك على مبدأ المكيافيلية السياسية، مما ساعدها في توطيد اركان حكمها بعد أن كانت تركيا نفسها مهددة بالتقسيم بين ثلاث دول وكيانات سياسية بحسب التنوع الثقافي الاثني.

طبعاً وقبل أن تصبح تركيا دولة إقليمية فاعلة بمساعدة الأمريكان والإسرائيليين -تركيا ثاني دولة بالعالم أعترفت بإسرائيل- كانت قد ناورت مع الفرنسيين والإنكليز في افشال معاهدة سيفر وذلك بعد أن سخرت بعض (الأكراد الجيدين) مثل “حسن خيري” ومثلت بهم مسرحية سخيفة في البرلمان التركي وذلك عندما جعله يرسل صورة له بالزي الكردي للمتفاوضين في لوزان؛ بأن (تركيا تمثل الأكراد والأتراك)، لكن وبعد أن أنتهى دوره الهزلي ذاك تم التخلص منه وذلك كأي عميل مرتزق يتم تصفيته ولم تكتفي تركيا بإفشال مساعي الكرد والأرمن الوطنيين في الحصول على استقلالهم الوطني، بل قضمت المزيد من جغرافيات دول الجوار حيث “في 8 . 12 . 1936 ارسلت الحكومة التركية الى سكريتر العام لعصبة الامم مذكرة تطلب فيها تسجيل خلاف بين فرنسا وتركيا على مصير لواء اسكندرونة بعد استقلال سوريا .. (و) في 10 . 12 . 1936 نظر المجلس في الخلاف التركي الفرنسي وعرضت تركيا اقتراحها بانشاء دولة مستقلة في لواء اسكندرونة وانشاء اتحاد فيدرالي بينها وبين كل من سوريا ولبنان وقد صرح وزير الخارجية التركي في تلك الجلسة بان ليس لتركيا اي مطمع سياسي في بسط سيادتها على اللواء !! .. فقط نحن نريد حماية ابناء جنسنا والمحافظة على حياتهم وحرياتهم!!!”(3)

لكن وعوضاً من أن تبقى لواء اسكنرونة جزء من سوريا أو تصبح دولة مستقلة بحسب اقتراح تركيا نفسها في ذاك الحين فها هي اليوم قد باتت جزء من تركيا وتناست هذه الأخيرة لكل تلك القضايا وبأنها نفسها كانت تقول؛ بأن إقليم اللواء منطقة تنازع وخلاف -بحسب زعمها- لكن مع السنوات طوت كل تلك الصفحات لتدعي اليوم بأن تلك الجغرافيا هي جزء أساسي من جغرافية الدولة التركية وها هي اليوم لا تكتفي بذلك فقط، بل تحاول قضم كل الشمال السوري وعلى طول حدودها مع الدولة السورية وليس فقط المناطق الكردية وهي فعلياً قد سيطرت على مناطق واسعة من تلك الجغرافيا وذلك بعد عدة احتلالات بمساعدة كل من الروس والأمريكان وبذلك فهي ستعيد سيناريو لواء اسكندرونة إن لم نشهد تحركاً سورياً رسمياً في الأمم المتحدة ضد الاحتلالات التركية وخاصةً في ظل معارضة خانعة خاضعة للأجندات التركية وتجد فيها حليفاً سياسياً، بل الكثير منهم يجدون فيها البديل السياسي وربما الوطني أيضاً وبذلك يقدمون الغطاء السياسي لتركيا في احتلالاتها لجغرافية جديدة من البلد.

إن تركيا -كما إسرائيل- لها باع طويل في قضم أراضي الآخرين حيث سبق وأن احتلت تركيا شمال قبرص بحجة حماية الأتراك هناك، كما تدعي اليوم قضية حماية التركمان في كل من سوريا والعراق وبذاك الاحتلال لشمال قبرص فقد قسمت البلاد بين القبارصة اليونانيين والأتراك وها هي تعمل بطريقة مشابهة في الجغرافيات العربية والكردية وكان آخر سيناريو لها هي الاحتلالالات الأخيرة لشمال سوريا وعينها على لوائي حلب والموصل أيضاً والتي تحاول فيه احياء “الميثاق الملي” بحيث تضم كل تلك الجغرافيات لحدودها السياسية .. فهل ستكون مستقبلاً مصائر هذه المناطق التي تم احتلالها مؤخراً شبيهاً بمصير “لواء اسكندرونة” وفي أحسن الأحوال مصير قبرص وانقسامها بين نفوذ سوري وآخر تركي، أم سنجد تحركاً إقليمياً دولياً لوضع حد للمطامع التركية في قضم جغرافيات الآخرين وتكون بداية لتحرير شعوبها من طغمة الفاشية التركية وعلى رأسهم شعبنا الكردي ونبدأ انقسام تركيا بين عدد من الكيانات أو على الأقل أقاليم فيدرالية يكون الإقليم الشمالي من كردستان جزء من دولة فيدرالية ديمقراطية.

(1) الدكتورة سعاد حسن جواد، كتابها المعنون؛ بـ(تركيا في سنوات الحرب العالمية الثانية 1939-1945).

(2) المصدر السابق.

(3) صفحة الفيس بوك للصديق حنيف رشيد نقلاً عن (شاهر حمود , مثل هذا اليوم اتفاق بين فرنسا وتركيا فيس بوك).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5 خطط لمستقبل غزة بعد الحرب.. سيناريو التقسيم والفقاعات


.. إسرائيل وحزب الله.. توازن الرعب في خطر | #الظهيرة




.. الاحتلال يحرق الأراضي الزراعية شمال قطاع غزة


.. الاحتلال يوسع المنطقة العازلة ويخطط لبناء معبر رفح جديد




.. ما دور الجماهير الألمانية في تأهل المنتخب إلى ربع نهائي يورو