الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية....اشكالية الدولة واسئلة الوعي..................محور العلمانية

علي حسن الفواز

2006 / 7 / 1
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


العلمانية ......
قراءة في اشكالية الدولة واسئلة الوعي

لايمكن التعاطي مع المفاهيم المعاصرة في سياقها كتجريد اصطلاحي ،دون مقاربة هذه المفاهيم كافكار واجراءات تدخل في الحراك الاجتماعي والثقافي وفي فاعلية حوارها الانطولوجي ..اذ ستكون عندئذ اساسا في بناء انساق فكرية فاعلة وفي أنسنة انما ط الثقافات النقدية داخل المشروع الاجتماعي والثقافي والسياسي،وربما يكون هو المدخل لصيرورة الدولة الحديثة ...
والعلمانية في هذا الاطار ليست هي العلم مجردا ،وليست هي المفهوم في طوره التفلسفي !!كما ليست هي الاحالة الى نمط من الحكم او الانقياد الى صرح مفاهيمي يجعلنا عند خانة هذا المذهب او ذاك ،وانما هي سياق عقلاني يدرك برهان الدولة كنظام اجتماعي /سياسي ويدرك برهان الفرد فيها كقوة حية ومفكرة تجسد حضورية (الذات) كشرط وجودي وكقوة منتجة للعلاقات المتغيرة ،ويجترح للعلاقة بينهما بنية اطارية محكومة بكيفيات تقوم على انتاج الفعل وتحققه في اجراءات وسياقات عمل تشرعن صياغة ووجود نافذين للقوانين والقيم وعلاقات الانتاج وفاعلية قواها المنتجة وتكفلهما كحيازة حمائية من اية سلطة قهرية ..
ان وجود الدولة كمفهوم وكبنية برهانية في ضوء هذا التصور الافتراضي ! لايعني خروجا عن التاريخ الذي كرس نمط الدولة/السلطة والدولة /النموذج القهري حسب بقدر ما يعني اعادة انتاجها في ضوء شروط ومتغيرات البنية البرهانية ،، مثلما لا يعني طردا لقوى هذا التاريخ وتشكلاتها ،واسلبة فاعليتها داخل (السستم) الاجتماعي بقدر ما يعني تنظيم فاعليتها في ضوء صيرورات فاعلة وبما يجعلها تمارس شروط هويتها داخل البنية الاطارية كجزء فاعل في العلاقات الانطولوجية المعبر عنها بالظواهر والعمران الثقافي والسياسي ..
ومن هنا نجد ان مفهوم العلمانية يندرج ضمن مدارج الحداثة كسياق ومفاهيم ونظم عقلانية ومنطقية تؤمن بالانسان المنتج لادوات سعادته ونمائه بدءا من وحدة العائلة الى وحدة الدولة ،،وهذا الايمان بسلطة الحداثة قد صحح الكثير من تداول المفاهيم على اساس وجود مراكز ثابتة في السلطة والسلالة ،اذ ان السياق الحداثوي قد اسهم في تغيير الكثير من الاطر المغلقة في المعارف والافكار وانماط المهيمن باتجاه اعادة انتاج المراكز ذاتها ووضعها في مجالات الحراك الانساني لكي تمارس هويتها النقدية وقدرتها في التعيين والتوليد والاكتشاف ،أي ان الحداثة تحولت الى مشروع ثقافي يؤمن بقوة الذات الفاعلة التي اسس لها ديكارت في فلسفة الوعي ،مثلما يؤمن بحيوية العلاقات بين القوى المتعددة والتي يكفل حوارها صيرورة الدولة والمؤسسة والقانون الذي يكفل هو الاخر الاطر الشرعية للحريات والحقوق ..ولكن هذا الحديث يواجه الكثير من المشكلات التي تقف بمواجهة وعي مفهوم العلمانية كخطاب ثقافي وضكرورة في انسنة علاقات الناس داخل اطر اجتماعية وسياسية تؤمن لهم حقوقهم وتجعلهم فاعلين ومنتمين الى اللحظة الحضارية والانسانية ....
ان مشكلة العلمانية في المجتمع العربي تبدأ مع مشكلة الدولة ، اذ ان الموقف من العلمانية يتجسد اصلا في الموقف من الدولة التي تصوغ هويتها واشكال العلاقات التي تحكم المواطنين داخل اطرها،، لانها ستعمد الى مناقضة البداهات القديمة والمغلقة في العقل العربي والتي لم يجر تفكيكيها والتعاطي مع مشكلاتها القديمة ،وهذا ما سيجعل هذه الدولة ستواجه أي محاولة لشرعنة المصادر التي تصوغ وتفسر القوانين وعلاقة المكونات مع الدولة ومع الدين ومع النظم المؤسسية والحكومية داخل البنية الشمولية للدولة ...
ان التعريف الواضح والصريح للدولة ، قد ينأى عن مفهوم العلمانية الكثير من التفسيرات المشوهة ، فضلا عن التعريف الاجرائي الدقيق للعلمانية ذاتها ،،،،خاصة وان البعض من مريديها يؤطرونها بنوع من المفهمة الاستعلائية التي لا تسعى الى تذويب الوعي الشعبي بمرجعياته المعروفة وانماط ثقافاته المثيولوجية ،بل تضعه امام تشوهات كثيرا ما يستثمرها خصوم العلمانية للتحريض ضدها بانها حركة الحادية وانها مناهضة للدين ... ولعل هذا المطب الاشكالوي هو احد اخطر ما تواجهه القوى اليسارية العربية التي لم تملك بعد ستراتيجيات واضحة لافي التعامل مع الدولة العربية التقليدية بكل مرجعياتها العسكرية والانقلابية وانماط علاقاتها الخاضعة لقوانين الاقتصاد الواحدي والاستهلاكي ،ولا مع المواطنين بمرجعياتهم اثقافية والعقائدية والتي يغلب عليها الوعي الشعبي وهيمنة الثقافة الثيوقراطية ...
وهذا يجعل فكرة نشوء الدولة الحديثة في المجتمع العربي صعبة وعصية ، فضلا عن نشوء اسس حقيقية لمجتمع مدني له حضوره وله فاعليته في تشكيل ملامح الدولة ،لان طبيعة التحولات في المجتمع العربي لم تكن حقيقية وقائمة على اساس شروط الانتقال من الدولة القديمة الى الدولة الحديثة ، مع وجود اشكال قهرية عميقة داخل الوعي المجتمعي وفي اطار العلاقات الموجودة بين الدولة ومواطنيها ...فضلا عن وجود المهيمنات الخارجية (احتلالات ، قواعد عسكرية ، صراعات،فقر اجتماعي وثقافي ، نمط الدعم القهري والاستلابي للغرب ، ازمة الوعي الاجتماعي والديني المناهض لثقافة الغرب، سوء ادارة امريكا والغرب للازمة مع العرب) هذه العوامل وغيرها ،مع السياسات الشوهاء التي تمارس في اطار ستراتيجيات الاصلاح والتغيير الديمقراطي ،تجعل من امكانية نشوء ما يسمى بالدولة الحديثة التي تؤمن بالتعددية وفصل السلطات وفصل الدين عن الدولة امرا شائكا ومعقدا ...كما ان بعض الدول التي تمارسا نوعا من الانفتاح مع الغرب السياسي هي اكثر من غيرها ممارسة للقسوة والعنف وغمطا لحقوق الانسان وقمع الحريات وتهميش دور القوى الاخرى في صناعة القرار السياسي ..وهذا ما يجعلنا حقيقية امام مفارقة عجيبة ،، هل ان الانظمة الديكتاتورية هي التي تصنع الشكل القادم للدولة العلمانية لانها تملك القوة القهرية لاقصاء خصوم هذه الدولة مع البقاء على جوهرها الديكتاتوري ؟ ام التسليم للخيارات الديمقراطية وصناديق الانتخابات والتي حصلت بها القوى والاحزاب الدينية على اغلب الاصوات مثل الجزائر ومصر وفلسطين والعراق ،فضلا عما يحدث الان في الصومال وشكل الدولة الدولة المستقبلية بعد سيطرة مجموعات المحاكم الشرعية على العاصمة وتأثير ذلك على المنطقة ..
ان هذه المفارقة الغرائبية تدعو حقا الى الكثير من المراجعات والقراءات الدقيقة لاشكالية ما انجزته القوى اليسارية عبر تاريخها السياسي ،وحجم الاخطاء المهولة التي وقعت بها ،وما تركته من أثر سلبي عل اصطفاف القوى الاجتماعية حولها رغم تضحياتها الجسام ،، كما انها تدعو الى اعادة قراءة علاقة العقل العربي في اطار اشكالاته التاريخية والمعرفية وتبني خطابات نقده ولكن ليس على طريقة محمد عابد الجابري التي شوهت العقل العربي وهتكت الكثير من مواضعه ،وانما في اطار قراءة نقدية فاعلة تدرك الاسباب في سياقها والاجابات في ضوء تمظهراتها كدلالات وظواهر .. فضلا عن اعادة قراءة حركة (الرأس مال) العربي في اطواره البنكية والاستثمارية وطبيعة خطابه السري الحافظ لاشكال غريبة من التوظيف داخل البنوك الاوربية وعدم أهليته لدعم المشاريع الثقافية والتنويرية التي تدخل في مجال الاصلاح الثقافي الحقيقي وليس الاستثمارات المشوهة كما يحدث في القنوات الفضائية !!!! كما هو الكشف عن دوره في دعم الكثير من حلقات الارهاب التي تقوض أية تطلعات للمستقبل والتحضر ،رغم ان هذه الاموال موجودة في الحاضنة الغربية والامريكية ذاتها !!!! واخير الدعوة الى عادة قراءة علاقات العرب مع الظاهرة (الامريكية ) التي تسعى الى شرعنة معقدة للاصلاح السياسي والديمقراطي وفرض شكل الدولة ،وتبني سياسات الاقتصاد الحر والدخول غير المسيطر عليه الى التجارة الحرة ،والذي ترك اثارا سيئة بدءا من موجات الفقراء الى الانهاك الاقتصادي والصراعات السياسية والحروب الدامية ،والذي تسبب بطبيع الحال عن نشوء ظواهر العنف السياسي والارهاب وانماط الاحزاب الدينية الواسعة المد والتأثر والتي تقف اليوم ضد أي شكل للدولة الحداثوية الجديدة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز