الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قليل من التفكير العقلاني كردياً

صالح بوزان

2020 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لنبتعد عن الاطروحات السطحية ولغة المدح والقدح والتبرير لهذا الطرف الكردي أو ذاك، ونطرح المسألة بشفافية حول العلاقات البينية بين كافة أطراف الحركة الوطنية الكردي وأحزابها في عموم كردستان.
لا بد القول في البداية أن هناك حزبان رئيسيان اتسعت استراتيجيتهما لتشمل عموم كردستان، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة السيد مسعود البرزاني وحزب العمال الكردستاني بقيادة عبد الله أوجلان السجين لدى الحكومة التركية. ونتيجة لهذه الاستراتيجية العامة حدث تناقض، بل صراع بين الحزبين لدرجة الاقتتال في فترة من الفترات. ولعل ما يجري في كردستان العراق اليوم من عدوان تركي على الاقليم وعلى حزب العمال الكردستاني لبس بعيداً عن هذا التناقض. كما أن ما جرى من خلاف وصراع بين الأحزاب الكردية في كردستان سوريا هو الآخر ناتج عن دور تأثير هذين الحزبين. ونستطيع القول أن الاتفاق الأخير بين الأحزاب الكردية في سوريا حصل على رضى هذين الحزبين دون شك.
لقد خلق التناقض بين استراتيجية هذين الحزبين الكبيرين مشكلة على الصعيد الكردستاني، تستفحل أحياناً لتنعكس سلباً على حركة التحرر الكردية عامة. مما يستدعي الأمر إلى ايجاد حل موضوعي لصالح القضية الكردية في كل جزء من كردستان وعلى صعيد عموم كردستان.
هناك مدخلان لحل هذه الاشكالية. المدخل الأول أن تأخذ الأحزاب الكردية كافة بعين الاعتبار أن الحركة الكردية مترابطة جدلياً على صعيد الشرق الأوسط، ليس بناء على رغبة أو إرادة الأطراف الكردستانية، وإنما لوجود عامل مفصلي خارج الارادة الكردية، وهو أن الدول الأربعة التي تقتسم كردستان تنسق فيما بينها بكل السبل في معاداة حقوق الشعب الكردي في أي جزء من أجزاء كردستان. هذا الاستنتاج يؤكده سبعون سنة الأخيرة من تاريخ الشرق الأوسط. فالتساهل الذي حدث ويحدث أحياناً من قبل إحدى هذه الحكومات تجاه حركة كردية ما خارج كردستان المنضوية تحت سلطتها نابع إما من عامل خارجي دولي أو من أجندة خاصة لهذه الحكومات، وهي الأغلب. فعلى سبيل المثال كان تأييد ودعم حكومة شاه ايران لثورة ملا مصطفى البرزاني، ودعم الحكومة السورية السري لحزب العمال الكردستاني في القرن الماضي خير دليل على هذا الاستنتاج. فهذا الدعم كان ناتج من أجندة خاصة للشاه ولحافظ الأسد. بدليل انقلاب الشاه على ملا مصطفى عندما حصل من صدام حسين على ما يريده في اتفاقية الجزائر، وانقلاب حافظ الأسد على أوجلان وحزبه عندما هددت تركيا باجتياح سوريا.
المدخل الثاني، هو أن تُعتبر الحركة الكردية في كل جزء من كردستان مستقلة ولا علاقة لها بالحركات الكردية في الأجزاء الأخرى سوى عاطفياً. وبالتالي هي غير ملزمة بالمتطلبات القومية لتلك الحركات الكردية ولا تتحمل أي مسؤولية تجاهها. يعني أن كل حركة كردية عليها السعي لتحقيق أهدافها لوحدها في جزئها الكردستاني مع الحكومة المركزية. في هذه الحالة لا يحق لأي حزب أو زعيم كردي أن يدعي تمثيله للأمة الكردية، ولا يجوز قطعاً التدخل في شؤون الحركات والأحزاب الكردية في الأجزاء الأخرى من كردستان كما حدث ويحدث اليوم.
ربما من شبه المستحيل أن تنجح أي حركة كردية في جزئها الكردستاني بالاعتماد على الذات فقط. فهي بحاجة إلى دعم دولي ودعم كردستاني، ولا سيما سياسياً. لكن مسألة التضامن والتعاون والدعم تحتاج إلى رسم استراتيجية موحدة تضع الحدود بين الخاص لكل جزء من كردستان والعام الذي يتعلق بكامل الحركة الكردية على الصعيد الكردستاني مقابل استراتيجية الدول الأربعة تجاه حقوق الشعب الكردي .
لإقرار إحدى هذين الاتجاهين يتطلب الأمر عقد مؤتمر كردستاني عام لكافة الأحزاب الكردستانية من أجل صياغة استراتيجية موحدة والالتزام بها.
لا شك أن الذين يوافقون على عقد هذا المؤتمر، هم الذين لديهم الاستعداد لوضع مبادئ هذه الاستراتيجية والالتزام بها. أما الذين يرفضون هذا المؤتمر فهم يريدون أن يحصلوا من الحركة الكردية في الأجزاء الأخرى كل ما يحتاجون إليه دون أن يكون لديهم الاستعداد للالتزام بأي متطلبات قومية تجاه تلك الحركات.
عندما يتكلم أي حزب كردي و أي زعيم كردي مرة باسم الأمة الكردية وكردستان الكبرى في حال احتاج إلى دعم كردستاني، ومرة أخرى يقول أن أحزاب كل جزء من كردستان هي مسؤولة عن جزئها فقط، وأنه لا يتحمل أي مسؤولية قومية تجاه الشعب الكردي وأحزابه في الأجزاء الأخرى من كردستان، فإننا نجد في هذه الازدواجية الكثير من الأنانية الخاصة لحزبه ولجزئه الكردستاني.
أريد أن أنبه كافة الزعماء الكرد وأحزابهم أن التعامل مع الشعب الكردي وكأنه مجرد مجموعات من الغوغاء يأخذهم خطاب إلى اليمين وخطاب إلى اليسار فإنهم مخطئون. فالشعب الكردي يعيش حالة يقظة ليس تجاه الأعداء فقط، بل كذلك تجاه الأحزاب الكردية والزعماء الكرد.
إذا استمر الزعماء الكرد وأحزابهم على هذه العقلية القديمة في التعامل مع الشعب الكردي، سيؤدي ذلك حتماً إلى ثورة كردية من نوع جديد، ثورة على هذه العقلية التي عفى عليها الزمان.
هيرفورد- ألمانيا
24/06/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من