الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية و العدالة و حقوق الإنسان

مازن كم الماز

2020 / 6 / 24
حقوق الانسان


اصطياد الساحرات تعبير ممتاز عن البارانويا البشرية بأسوأ و أوضح حالاتها .. تصنف المصائب الإنسانية حسب مكانة و عدد الناس اللي تصيبهم , فقط المصائب التي تصيب من في السلطة أو الجزء الأكبر من جماعة ما أو الجزء الأكثر أهمية من هذه الجماعة هي التي تعتبر مصائب .. لو أن وباءا مثلا أصاب اليهود فقط في ألمانيا النازية أو الأرمن في تركيا الحميدية لم يكن ذلك ليعتبر مصيبة وطنية في ألمانيا أو تركيا .. هذا ينطبق أيضا على أي مرض أو "مصيبة" قد تصيب النساء فقط في المجتمعات الذكورية أما تلك التي تصيب المثليين جنسيا وحدهم أو أي جماعات أخرى مهمشة على أطراف مجتمعاتها فإنها لن تعامل فقط بلا مبالاة بل بسخرية و سعادة و ترحاب ناهيك عن المصائب اليومية التي تصيب الأفراد المتشظين كل يوم و كل دقيقة التي لا تهم أحدا سواهم .. لا تشمل المصيبة كل ما يتعلق بالحالة الاقتصادية و الصحية و العقلية لمن هم في السلطة أو للجزء الأكبر و الأكثر احتراما من المجتمع أو القدرة الجنسية للجنس المسيطر فقط , إنها تشمل كل شيء يتعلق بهؤلاء : عقائدهم , سلطتهم على الجماعات الأصغر و المهمشين الذين يوجدون حولهم و على جيرانهم الأضعف و في أضعف الأحوال : استقلالهم عن خصومهم الأكثر قوة و همجية .. ترتبط مفاهيم العدالة و الحرية و الإنسانية عند البشر ارتباطا وثيقا بالكم و بالكيف من حيث أعداد و مكانة الأشخاص المقصودين , العدالة ( و الحرية و الهوية الإنسانية نفسها ) كلها حق للجماعات الكبرى فقط : البروليتاريا في المجتمع البرجوازي , أكثرية الشيعة في العراق أو السنة في سوريا و الأكثرية العربية في ما تسمى لهذا السبب بالبلدان العربية , و في أفضل الأحوال الأقليات الكبرى كالأقباط في مصر أو الأمازيغ و الأكراد لكن ليس الأحمديون في باكستان و بالتأكيد لا العمال البنغال في الخليج النفطي .. هكذا يصبح من المنطقي لهذه الأكثرية أن تتوهم جرائم يرتكبها مهمشون أو خارجون على قانونها , أن تعذب هؤلاء و تعاقبهم على جرائمهم المفترضة , بينما لا تلق بالا لأي جرائم أو مصائب يلحقها أفراد منها بأولئك المهمشين أو العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم .. لا ماركس و لا كل الذين طالبوا بالعدالة و لو بالدم و الحديد طالبوا بالعدالة للجميع .. بالعكس كان حرمان أعداء تلك الأكثرية التي يساوون بين سيطرتها المطلقة على كل شيء و بين العدالة المطلقة , و كل من لا ينتمي إليها , هو أحد شروط تحقق تلك العدالة .. معسكرات الغولاغ و تجربة الخمير الحمر و قمع المخالفين و المعارضين حتى داخل الحزب و الطبقة و القومية و الجماعة الدينية أو الطائفة التي يفترض أن تسيطر بشكل مطلق على كل شيء في ظل العدالة و الحرية الحقيقية و مذابح الرأي الآخر و المذابح الجسدية بحق كل مخالف و مختلف ليست إلا آثار جانبية بسيطة متكررة لهذا التصور عن العدالة التي تقوم على مركزية الصراع و السلطة و تصنيف البشر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: أميركا عليها أن تقول لإس


.. الشارع الدبلوماسي | مقابلة خاصة مع الأمين العام للأمم المتحد




.. اعتقال متضامنين وفض مخيم داعم لفلسطين أمام البرلمان الألماني


.. الحكم بإعدام مغني إيراني بتهمة «الإفساد في الأرض»




.. Students in the USA are protesting in support of Palestinia