الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دواء الصرع -الفنتوين- العراقي وعلاقته بطريقه الفحام-الخياط لعلاج كوفيد-19

علي عبد اللطيف

2020 / 6 / 26
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية



في عام 1995 اقامت وزاره الصناعه معرضها العلمي لعرض منتجات اقسامها و منشاتها المختلفه في زمن الحصار الاقتصادي على العراق بموجب قرارات مجلس الامن الدولي اثر حرب الخليج الاولى.
وبينما كنت اجول في اقسام المعرض المختلفه توقفني ما ادهشني وهو قنينه زجاجيه صغيره الحجم تحتوي على مسحوق ابيض كتب على الزجاجه بالانكليزيه كلمه" فنتوين". تلفت يمينا وشمالا عسى ان المح من ياتي ليجيبني على استفسارات عده بدات تدور في راسي. لم تمر الا ثواني عديده حتى تقدم مني رجل وقور تعلو وجهه ابتسامه عريضه مرحبه.
بادرني بسؤال مباغت قائلا " لم يعجبك من المعرض ... الا هذه القنينه... لماذا؟"
تشجعت وانا امد يدي اليه مصافحا و مقدما له اسمي ولاعرفه باني طبيب اختصاصي ومسؤل وحده تخطيط الدماغ وعياده الصرع في مستشفى الجمله العصبيه في بغداد حينها عرفني بنفسه انه مدير عام منشاه (لا اذكر اسمها حاليا ) معنيه بالصناعات الكيمياويه في وزاره الصناعه .
بعدها بدات بالاجابه عن سؤاله الافتتاحي وقلت له... نعم هذه القنينه اعجبتني بشكل خاص لانها المنقذ لالاف مرضى الصرع واضفت ان هذه الماده تستعمل في علاج الصرع وهي شحيحه في فتره الحصار. حينها سالته هل هذه الماده محضره في مختبراتكم؟ اجاب بنعم واردف قائلا انها " 100% تصنيع عراقي". غمرتني السعاده حينها لانني وجدت املا قد يكون حلا لمئات مرضى الصرع المحتاجين واللذين يراجعون يوميا المستشفى الذي اعمل فيه. و عندما طلبت منه المساعده والتعاون في تحويل هذه الماده الى مستحضر صيدلاني علاجي وافق مبدئيا و وعدني بانه سيرسل "الدكتور لؤي قاسم" الشخص الذي صنع الفنتوين في المختبر بعد ان سجل تفاصيلي في دفتر خاص بمواعيده لمناقشه الامر معه فهو يحمل الدكتوراه في الكيمياء الصيدلانيه.
لم اقضي ذلك اليوم عبثا فقفلت راجعا بسرعه الى المستشفى ابحث عن الدكتور سعد الوتري جراح الدماغ والاعصاب المشهور وشيخ جراحي المستشفى. قابلت الدكتور الوتري في مكتبه في قسم الدراسات العليا و اخبرته "باكتشافي" وجود الفنتوين في معرض وزاره الصناعه. تحمس الرجل عند سماعه بالامر و وافق ان يقابل "الدكتور قاسم" الذي صنع الماده الكيمياويه العلاجيه.
لم تنقضي 48 ساعه الا وباب غرفتي في المستشفى يدقها رجل انيق ذو وجه بشوش قدرته في منتصف الاربعينيات من العمر. الدكتور لؤي قاسم... هكذا قال اسمه معرفا نفسه وانا امد يدي اليه مصافحا مرحبا وشاكرا تفضله بالقدوم الى المستشفى. بعد تبادل اطراف الحديث بشكل عام شرحت له الظروف الصعبه التي تواجهني كطبيب مسؤل "ادبيا واخلاقيا" كباقي زملائي الاطباء عن توفير علاج مرضى الصرع لصعوبه استيراد الادويه للمرضى العراقيين بسبب قرارات الحصار الامميه ضد العراق. و اخبرته ان الفنتوين الذي حضره قد يكون حلا ناجعا للعديد من مرضى الصرع. عندها اخبرني الدكتور قاسم انه حضر هذه الماده الكيمياويه من مخلفات مصفى بيجي للمواد البتروليه وانها في العاده تباع لمعامل تصنيع "شامبو" غسل الشعر فعلقت ضاحكا ان الفرق انك حضرت ماده تعمل "داخل الراس" مقابل الشامبو الذي يعمل "خارج الراس". اتصلت هاتفيا بالدكتور الوتري الذي رحب بالاجتماع بالدكتور الضيف وعند اجتماعنا معه تم الاتفاق على التعاون لانتاج الفنتوين بشكل تجريبي لاستعماله على عدد من المرضى لتقييم نجاعته العلاجيه. لقد استفدت من اهتماماتي القانونيه كجزء من قراءاتي العامه في وضع بروتوكول يخص كيفيه الحصول على موافقه وزاره الصحه وحسب قانون الصحه العامه رقم 89 لعام 1981 قبل البدء بتحضير التركيبه الصيدلانيه التجريبيه للدواء.وبعد اجرائي المراسلات الاصوليه مع المراجع المختصه في وزاره الصحه تم الحصول على الموافقات الاصوليه والتي خولت اللجنه المشكله في المستشفى برئاسه الدكتور سعد الوتري وعضويه كاتب المقال (مقرر اللجنه) و الدكتور وليد خالد الحدييثي مدير شعبه المختبر في مستشفى الجمله العصبيه اضافه للدكتور لؤي قاسم و مممثل ثاني (اداري) عن وزاره الصناعه بالمضي بالمشروع.
بعد تحضير وجبتين من "الصوديوم فنتوين" كل واحده بوزن 1 كغم استنادا الى الدستور الدوائي البريطاني في مختبر الدكتور قاسم تم ارسال الوجبتين الى مختبر الصحه العامه المركزي في بغداد لاجراء التحليل الكيمياوي للوجبتين. جاءت النتائج مشجعه جدا حيث بين التحليل ان الوجبه الاولى كانت نسبه نفاوه الصوديوم فنتوين 99.2% و الثانيه 98.8% وهي نسب تتجاوز بكثير الحد الادني المسموح به للمستحضرات الدوائيه والتي سمحت لنا بالمضي قدما لتجربته على المرضى كون الماده معروفه عالميا و حاصله على موافقه اداره الدواءو الغذاء الامريكيه.
تم تجهيز صيدليه مستشفى الجمله العصبيه بالدواء على شكل كبسولات من مختبر وزاره الصناعه وتم تسجيل المرضى الراغبين باستخدامه بعد اخذ الموافقه القانونيه لكل مريض بتوقيعه على استماره خاصه تشرح الدواء و فوائده مقابل كل الاعراض الجانبيه له. اشترك في مشروع العلاج التجريبي للفنتوين العراقي اكثر من 120 مريض يراجعون عياده الصرع دوريا كل اسبوعين ولمده 6 اشهر لفحصهم ومتابعه تطور نوبات الصرع اضافه للفحوص المختبريه الخاصه بتاثيرات العلاج على مختلف وظائف الجسم. اظهر استخدام الدواء العراقي التجريبي كفاءته العاليه في السيطره على نوبات الصرع مع تاثيرات جانبيه مقبوله جدا لم تمنع من ايقافه لاي من المرضى المشاركين. نجح المشروع في استخدام الفنتوين المصنع في العراق 100% وفي حدود شهر نيسان - ايار 1996 تمت كتابه التقرير العلمي النهائي للمشروع بشكل تفصيلي ورفعه لوزاره الصحه و وزاره الصناعه مع التوصيه بتصنيعه في معمل سامراء لصناعه الادويه.
الغريب ان توصيه صناعه علاج الصرع في العراق تم قتلها ولم ترى النور ففسرتها في حينها " لتضارب مصالح" العاملين في شركه استيراد الادويه والمستلزمات الطبيه "كيماديا" و مشروع التصنيع المحلي للدواء (قد تكون علامه على فساد مالي).
تذكرت كل ماسردته اعلاه عند مشاهدتي لشريط فديو المقابله التلفزيونيه للدكتور محمد الفحام (استاذ الفيروسات) والطبيب الدكتور احمد الخياط اللذين اعلنا عن طريقه مبتكره لعلاج كوفيد-19 في العراق في محطه فضائيه.
لقد كان رد فعل العامه و كثير من الاطباء والصيادله للاعلان عن الطريق العلاجيه في اغلبه سلبيا و مهاجما و مشككا بمصداقيتها. ان اي فكره علاجيه قد تكون صحيحه او خاطئه وان من يحكم بذلك هو اتباع خطه بحثيه رصينه تستند الى بروتوكول اصولي قانوني. ان الزميلين قد وقعا في خطأ كبير باعلانهم العلاج بدون سلوك الطريق الاصولي والقانوني. ان ظروف عام 1996 كانت مختلفه عنها حاليا في عام 2020 وعلى الرغم من "جبروت" النظام السلطوي البائد فقد اجهض "الفساد" انتاج دواء الصرع في العراق. فهل يتصور الدكتور (الفحام و الخياط) ان منظومه الفساد الحاليه ستساعدهم في استخدام علاجهم المقترح؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران