الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متسولون

مصطفى الهود

2020 / 6 / 26
كتابات ساخرة


الشعراء اول من احترفوا مهنة التسول....
وقف شاعرٌ معْوج الفم أمام أحد الولاة ليمدحه ولكن الوالي لم يُعطه شيئا، وإنما سأله: ما بال فمك معْوجا، فقال الشاعر من كثرة الثناء على الناس بالباطل! من المعروف إن العرب بالتحديد اشتغلوا بالتجارة وكانوا معروفين بقبائل أهل الحجاز أي مكة برحلة الشتاء والصيف ومن تلك التجارات وأشهرها هي تجارة الشعر حيث تم له إفراز سوق خاص به يشبه سوق العملة أو الذهب ألا وهو سوق عكاظ والذي كانوا يبيعون فيه الكلام وأنا لا أعرف إن كان مثل ذاك السوق وما يبتعون فيه، موجود في باقي الحضارات المجاورة أم اقتصر على العرب فقط دون سواهم، وأكيد يوجد من يشتري الحكمة من الحكماء والقصص أما سوق كامل بمعنى السوق المعروف لدينا ليس لدي معلومات دقيقة عن هذا الأمر، كان الشعر يعتبر في ذاك الوقت الوسيلة الإعلامية الوحيدة، حتى يقال إن العرب أي القبيلة كانت تحتفل بولادة الفارس والشاعر حيث الفارس يصد الهجوم عنها من القبائل المغيرة والشاعر يرد على كل من يهجو القبيلة أو ينعتها بصفات غير محمودة، وأرجع الى سوق الكلام سريعا حيث كان النابغة الذبياني يحكم بين الشعراء ويختار أجود القصائد وأكثرها سعرا للمشترين، ومرة قضى بأن الخنساء أشعر العرب شعرا وهذه قد تكون نقطة تحسب لتاريخ العرب كيف كانوا يقدمون الأفضل في الشعر حتى ولو كانت امرأة في وقت الجواري وعدم احترام المرأة وهو عكس ما معروف عنا نحن العرب، وحتى عنده البيع والشراء للنساء حينما تكون الجارية شاعرة يكون سعرها أغلى من غيرها، وكان الولاة أي المسؤولون الحكوميون في كل الأزمنة والأوقات يحتاجون للدعاية ووسيلة الدعاية كانت الشعراء والشعراء يحتاجون للمال فنشأت أقبح ظاهرة عرفها الشعر العربي وهي التكسب بالشعر والتكسب ليس حالا مذموما بل التسول بالشعر على أبواب السلاطين فالتكسب لا ينقص من قيمة الشعر لكن التسول ينقص من قيمة الشاعر وخاصة عندما يكون المديح والثناء لم يدفع أكثر فيكف سيخرج الشعر من فم الشاعر مدفوع الثمن أستطيع أن أقول أقل ما يمكن وصفه بأنه فاقد المصداقية، والطريف بالموضوع إن أغلب الناجحين بعملهم لا يحتاجون الى الشعر ولا الدعاية كون انجازاتهم كفيلة لتكون لهم دعاية مجانية أما الفاسد وغير الكفوء والذي يرتقي سلم المناصب عبر الأكتاف هو من يحتاجها ويحتاج الشعراء للمديح والثناء على أكاذيبه ولذلك تراه تدفع بكل سخاء من أجل تبييض صفحته التي شابها السواد قبل وجهه من أفعاله غير القانونية، ولدينا في تاريخنا الحافل بهؤلاء المتسولين والذين أخذوا دورهم الأكبر في زمن الخلافة الأموية حتى يومنا هذا وكان الثالوث الأكبر والأجمل هم(جرير والأخطل والفرزدق) بالرغم من كونهم شعراء مهمين ولهم من حلاوة وعذوبة الشعر ما ليس لغيرهم الا هم كانوا يتسولون بقصائدهم من بلاط إلى بلاط وكان سيدهم ورئيس المتسولين الأكبر المتنبي وهو الذي يمثل مؤسسة إعلامية كاملة في يومنا هذا لسيف الدولة والمعروف عنه إنه الأكثر دفعا للمال له وامتاز شعر المتنبي لمن يدفع له أكثر وقصته معروف مع حاكم مصر كافور الذي رفض أن يدفع له المال مع المناصب وكون جشع المتنبي ليس له حد حين كان يطالب أن يكون أميرا من اُمراء الحكم ومن شدة هذا الجشع قتل شر قتل، إن الشعر إحساس يخرج من أكباد الشعراء وهو محمل بكل أحاسيسهم ومشاعرهم اتجاه الأشياء إن كان إنسانا أو جمادا أو ما يحب أن يتغنى به، وأنا لست ضد التكسب بالشعر أو بغيره بل ضد أن تجعل من شعرك عونا للظالمين والمفسدين ضع الشعر في المكان الذي يستحقه وما أجمل عندما طلب عبدالملك بن مروان من ابن أبي ربيعة أن يمدحه بقصيدة من قصائده فاعتذر قائلا له : عمر لا يمدح إلا النساء، ما أجمل أن يكون الشعر في الحبيبة من المسؤول الذي لا مستحقه وما أجمل الخنساء عندما رثت أخاها صخر ودفعت مع حبر القصيدة ألم أعصابها ودموعها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث