الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديوان تشوه لا إرادي - 8/5

أحمد عبد العظيم طه

2020 / 6 / 26
الادب والفن


الباب الثاني






" تــخــــــــــــــــــــــديـــر "











أطــلال وراحــة بــال






الحافة

يا مركز الجنون
يا أيها النفوذ السفلي السامي
صبرًا بالغًا وحنكة جميلة
حتى تعبر المراكب الأخرى
جميع المراكب الأخرى
فأطمئن ولا أغرق بفضلك
أنا الذي بلا مركب
وبلا شئ في الماء سواك
- أيها الأبيض الشاسع -
وسوى فنار ٍمن الطين
سينطمر عندما تعبر آخر يدٍ تلوح
من قُمْرَةٍ صغيرة بمركبٍ يبتعد

أيها السيد السعيد الجميل
بكل ما تملك من لطائف وصور
وحرية وحقيقة مطلقة

أيها المنير كالحق والقوي كالباطل
والقابع في الرأس كرجل عصبي
يُفرط في النوم من شدة القهر
فيا خوفي عليكَ وعليّ
من هياجك مرة واحدة
دون تمهيد ونظام مَعْنِي ٍ
ودون غرفة محكمة الغلق
وسط فنار غارق في الماء الرهيب
بمعزل عن المراكب التي غادرت للأبد

ويا ويلي ولوعتي عليك وعليّ
من موت ساذج
دون أن نصير رفيقين تامين
كالرجل والغرفة
كالنار والصهد
كالمخالب في الأصابع

فمهلا ًجميلاً
وصبراً جميلاً مبالغاً فيه
أيها السيد العظيم

فإنه مابين غمضة عين وانتباهتها
يُغير الله من حال إلي حال آخر
لا ينشده غير القريب من القريب
والصاحب من الصاحب
والفقير من الغني
والضعيف من الشديد
والعشيق من العشق
والعبد من ربه
والولد من أبيه الذي خلفه ورائه
ثم غام وجهه فلم يره

الولد الذي يريد أن يرى ويسمع
أيها الرجل العصبي
ليتمرغ في الماء مرحا ًوألفة
قبل غرقه بمن فيه داخل الماء
- ذلك الابن الوحيد المجنون-




قول ضائع

رائع أيها الضياع..
ممتع أيها الغياب الواعي
ولك لذة في الحلول كلذة الفوز الصعب
حين يرتمي الملاكم في حضن حبيبته باكيًا
ويكاد قلبه أن يقف
من جرأة الفوز على قلبه

حين يسري المخدر في الدم
فيجعله لطيفا كالخمر
وخفيفا كالنمل
وعندما تتهيأ الأفكار في خدرها لتتحرر
وتتعرى تمامًا بلا تعقيد مسبق
فتنساب متحركة
مثل قناة الماء لما تنهار حوافها
فتسيل أين تشاء
يمينًا ويسارًا
جنوبًا وشمالاً
وفي الأمام والوراء
وما يشابه الأفكار لذة مِن شئ

وإني لأستفسر عن هذا الحر الذي يسعى
هذا الذي أنا في الغالب
فمن الأكيد أنه ليس هناك أحد غيري
ولقد استغرب نفسي تمامًا
ولكني أألفها بسرعة وحب وسعادة جارفة
سعادة لا يستشعرها إلا كل ضائع ببدنه وروحه
في هذا الغياب الشاسع
..هذا الملأ العظيم

فما هذه النعمة التي لا توصف بأي وصف
إلا وتتعالى عنه
وما هذا المشهد الكريم والبصر الأكرم
والشعور الكثير الواحد

لقد امتزج الصالح بالفاسد
والحزن بالبهجة
والراحة بالألم
وكل شئ بضده ..
وبات الكل شعورًا واحدًا
لكنه كثير ورءوف جميل
فما كل هذا ؟
وكيف الدوام يا أيها الحق ؟
فأنا أحب نفسي هذه جمًا
وإلى الأبد
ولا أود الخروج من هنا
حين يجف المعين ويغلبني التثاؤب
أنا أحب وطني بشدة.



هبوب

يا من هددتك نفسك بالهبوبِ عليكَ
كريح من الداخل تمور
وكنتَ تردُّ الوعيدَ بالوعيدِ
في ملمح مرير من الرواية
حتى هَبّتْ من حيث تدري
وكَوّمَكَ العصف العصيف

ها قد خرجتْ وربتْ زعابيبها
ففيم أنت تحاول عبثاً
وتعيث خراباً في البيت والعقل
فقط اعترف برفتكَ وانتفاءكَ كموجودٍ
فقط استقم بمحبسكَ
وارقب ما يحدث بتروٍ وهدووء

..هو الهلال كالمخلب السفلي
خمش وجهكَ في جبهتكَ
فخر وجهك دمًا وسجودًا
..هي السماء موجهة عليك كعين كئود
وهي السحب تُلوثُ بصيرة عاطلة
عطلتها الرؤى والأضغاث
وكانت البرودة عصاً غليظة
تصفع الشوارع
والشوارع قلوب سوداء مهجورة
فقط رائحة الحياة تجوس منازل الخَطَئة
فقط رائحة الحياة تجوس كشيء ملول ..
ملول من العمل كل هذا الزمان
كل هذا الأبد

..فهيا اغلق النافذة
واخسأ مرتداً إلى السرير
ذلك القبر اللطيف
إنهش مخدرك الفاجر
غير عابئ إلا بتهيئة نفسك لهبوبها الآتي
بعد أن يوغل المساء قليلا ..
ريح من الداخل تمور
ريح من الداخل تمور بكفرها
وقنوطها المجنون
من الرحمة والهدوء.




الطقس السيئ

الجو سيئ والدنيا شتاء
وأنا في طريق العودة
راجعاً من الماخور المفتوح طوال الليل
تاركاً رفقة الرفاق
وآثار ما حدث بقوة

أمشي على الإسفلت الطويل وحدي ..
يصحبني " بدران"
الذي يمشي وحده هو الآخر
– لذا أقول أنا وحدي –

حولي تتطاير الأكياس
وتهب عليّ الأتربة والرمال
وتعصف بردائي ريح باردة
يبللني رذاذ المطر
المتراوح بين الخفة والشدة
وبركٌ من مطر البارحة أعبرها قسراً
فيبتل حذائي وحافة أقدام البنطال
وشرذ الأعمدة يطن
ويكبكب نارا لامعة تنطفئ علي الأرض

الليل شامل وكبير
ويغطي الأنحاء كلها

أما عني أنا
فأنا لست سعيدا بالمرة
وتغشاني الرجفة فأدخن بكثرة
ولا أخال أن يصدر شِعرٌ
من ذلك الطقس القبيح
فلا الشوارع الخربة ذكرتني بالحياة
ولا المصابيح الصُفرُ المغبشة
قد أخذت وضع الأحزان
ولا الأشياء قد استعارت معان ٍ
غير معانيها القديمة

كل ما في الأمر هو أنني أقول الحقيقة
أقول ما حدث وأعترف أن الطقس سيء
وفي منتهي السوء
ومدع ٍمن يقول غير ذلك
ومدع ٍمن يعير ذلك القبح لقبح آخر
فكل قبيح كفيل بنفسه
كل شيء كفيل بذاته

فدعنا من المماطلة يا "بدران"
وقل أنك تكرهني
لأنني فعلت ما فعلتُ
وقهرتك أمام الناس
وأمام الحقيقة وأمام المخدرات
وحريمًا كنَّ قاعدات

أو أنك الذي قهرت نفسك
عندما وسوس لك الشيطان
لتنزلني من استوائي
لتستوي أنت
فخسفت بكَ وعذبتكَ
وكان قهرك علي الفؤاد صعبًا
وعلى الرأس يسيرا
إنما أنا أُقسم لك أنني ما قصدت قهرك
إنما قصدت المتعة من مرآك مقهورا

فقلها بصوت عال ٍ..
ُقل "أنا أكرهك" بصوت عالٍ
وسأقدرك كثيرا عليها
سأقول لك:
أنت ضخم يا "بدران" بصوت أعلى عليها
ولن يمنعنا الطقس القبيح من العناق
وصراخ الذين أدركوا ما أدركوا

بيد أنك للأسف تمشي وحدك صامتا
وحولك تتطاير الأكياس
وتهبُ عليك الأتربة والرمال
وتعصفُ بك ريح باردة
ويبللك رذاذ المطر
المتراوح بين الخفة والشدة
وبركٌ من مطر البارحة تعبرها قسرا
فيبتل حذائك وحافة أقدام البنطال
وترى شرذ الأعمدة يطن
ويكبكب نارا تنطفئ علي الأرض
وترى الليل شامل ويغطي الأنحاء كلها
وأعرف أنك لست سعيدا بالمرة
وتغشاك الرجفة فتدخن بكثرة
وأضمن أن صمتك الذي طال
ليس إلا تمهيدا لصدامٍ آخر
تُعد أنت له
لتثبت أنك الأضخم والأقهر

فيا "بدران" لن تسطيع معي هذا
لأنك لازلت لست كفيلاً بنفسك
وتعير المعنى للمعنى
والشيء للشيء
والقبح لقبح ٍهو أقبح منك حتى الصباح

فإن كل قبيح يظن أنه الأقبح
عدا أنا الذي كفيلٌ بذاتي
وكفيلٌ بقبحي
فيا "بدران" أنا ليس لي شأنٌ بأحد
بيد أنه عسى ألا يكون لأحد شأنٌ بي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب