الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتقاضي الرقمي.

محمد أوبالاك

2020 / 6 / 26
دراسات وابحاث قانونية


المتقاضي الرقمي
محمد أوبالاك، محام وباحث في العلوم القانونية.
مقدمة:
منذ سنة 2017 والمغرب يحاول تطبيق الرقمنة في جميع القطات الحكومية، بما في ذلك في قطاع العدل ، هذا الأخير الذي بدأ المشروع فعلا، عن طريق تجهيز محاكم المملكة بالمنصات الرقمية المتعلقة بإجراءات الجلسات ومنطوق الأحكام والقرارات، والتي ختمها برقمنة صناديق أداء جميع الرسوم القضائية.
كما أن وزارة العدل دعت كافة المشاركين معها (قضاة ومحامين وكتاب الضبط، ومفوضين قضائيين وخبراء محلفين)، في سبيل تحسين جودة الخدامات القضائية، على الانخراط بوتيرة متسارعة في إنجاح عملية رقمنة مرفق القضاء من جهة، ورقمنة إجراءات رفع الدعاوى بدءا من وضع المقالات والأداء عنها رقميا، ومرورا بمعرفة مآلاتها، وانتهاء باستصدار الأحكام، من جهة أخرى .
بيد أن تفشي وباء "كوفيد-19" بالمغرب وتطبيق الحجر الصحي منذ اواسط مارس 2020، وما تلاه من تطبيق أغلب المحاكم لنظام محاكمة المتهمين-المعتقلين عن بعد، لتفادي الاختلاط وانتقال العدوى، ليختتم ذلك بما ترتب عن اجتماع اللجنة الرباعية (وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة وجمعية المحامين بالمغرب، زيادة عن نقيبي هيئة المحامين بكل من الرباط والدار البيضاء كعضوين بالجمعية)، بتاريخ 21/05/2020، من حث على تفعيل قرار التقاضي عن بعد بشكل حذر وتدريجي وبرغماتي.
بيد أنه، وبغض النظر عن الصعوبات التي قد تواجه قدرة قطاع العدالة برقمنة مرفق القضاء، ومن معه من متدخلين في عملية التقاضي الرقمي، من قضاة ومحامين وكتاب ضبط ومفوضين قضائيين وخبراء محلفين، عن طريق تسخير مواردهم البشرية واللوجيستيكية وقدراتهم الفكرية في التعلم والمواكبة، فإن الإشكال المطروح سوف يتمحور حول توفر المواطن/المتقاضي البسيط علميا وماديا على إمكانيات مواكبة قرار رقمنة الإجراءات القضائية، خاصة في المساطر التي يباشرها بشكل شخصي ودون الاستعانة بمحام، بناء على ما هو منصوص عليه سواء بقانون المسطرة المدنية الحالية خاصة الفصول من 31 إلى 36 منه، أو تم التنصيص عليه بالمستجدات التي ضمنت بفصول مشروع المسطرة المدنية، أو بناء على يم يمكن أن نستشفه من خلال الاستثناءات التي جاءت بالقانون المنظم لمزاولة مهنة المحاماة أو مشروع تعديل قانون المهنة، التي تلزم المؤازرة بمحام في أغلب الدعاوى القضائية .
ونظرا لما لموضوع "المتقاضي الرقمي"، من أهمية قصوى من حيث ان المتقاضي، هو الطرف الرئيسي (مدعي أو مدعى عليه) المستفيد من خدمات مرفق القضاء والمحرك الأول لعملية التقاضي، فإننا سوف نعمد إلى مناقشة موضوع الطريقة الرقمية لولوجه لمرفق العدل، من خلال بسطنا للنقط الثلاثة التالية:
النقطة الأولى: التأطير المؤسساتي لرقمنة عملة التقاضي:
استفادت وزارة العدل من الجدل الكبير الذي راج بفرنسا حول حتمية رقمنة مرفق القضاء، كما شجعها التمويل الذي توصلت به من قبل البنك الدولي، على محاولة تحديث مرفق القضاء وجعله مواكبا لعصر الرقمنة.
بيد ما جعل عدوى الجدل المثار بفرنسا حول القضاء الرقمي ينتقل إلى المغرب، هو ذلك الترابط القانوني والاقتصادي والسياسي بين البلدين، سواء خلال عهد الحماية ثم فترة الاستقلال وما بعدها، وهو ما سوف نستشفه من خلال ترجمتنا للمقالين التاليين، ومحاولة مناقشة مضامينهما:
المقال الأول:
نشر خلال أكتوبر 2017، مقالا باللغة الفرنسية من خلال بوابة المجلة الرقمية Les Eco.ma، تمحور حول موضوع: المحكمة الرقمية: العدالة تجرب بوابتها الالكترونية، والتي كان من بين ما ناقشه هذا المقال:
"قبل ثلاث سنوات من الموعد النهائي الذي حدده المانحون، أطلقت وزارة العدل نسخة تجريبية على الموقع الإلكتروني لاختبار فعالية الخدمات الإدارية عبر الإنترنت.
على الرغم من وجود خصوصيات لتحقيق العدالة، على غرار بقية الإدارات، لإظهار المزيد من السرعة في خدماتها.
بعد تعميم وزير العدل، بتاريخ 13 أكتوبر 2017) ، الذي حث فيه رؤساء المحاكم على تنفيذ الأحكام بشكل أسرع، جنبا إلى جنب مع وجود مشروع آخر مفتوح الآن إلى يتعلق برقمنة خدماتها الإدارية، إذ تم إطلاق نسخة تجريبية على الموقع الرسمي للوزارة لقياس فعالية النظام، وهي الآلية التي تحاول إثراء نظام الشكاوى الإلكترونية عبر الإنترنت منذ عام 2011، إذ تتم إدارة الموقع من خلال مركز مراقبة وتحليل طلبات البحث ويمكن الوصول إليه من البوابة الرسمية، وقد تم نشر الموقع على الإنترنت باللغتين العربية والفرنسية، وهو ما يسمح للمتقاضين بتقديم شكوى بموجب إجراء مبسط، يتم مراقبته.
وللقيام بذلك، ما على المهتم بذلك، سوى توصيل جميع المعلومات الشخصية لصاحب الشكوى (الاسم والعنوان وما إلى ذلك)، وإدراج ملخص للشكوى والمراجع المتعلقة بها، ومن الممكن أيضًا إرفاق المستندات بالشكوى، ليتلقى صاحب الشكوى رقمًا مطابقًا ورمزًا شخصيًا، حتى يتمكن من المتابعة ومعرفة جميع القرارات التي سيتم اتخاذها .
كما أن وزارة العدل أطلقت ثلاثة تطبيقات حاسوبية في السجل الوطني للاحتجاز السابق للمحاكمة، ومراقبة تنفيذ الأحكام ضد شركات التأمين وإنشاء مكتبة العدل، وهي كالتالي:
التطبيق الأول: الفكرة هي ربط جميع المحاكم، والتخلي عن الدعامات الورقية ، وإعداد بطاقة اعتقال مؤقت.
التطبيق الثاني: ينطوي على إبلاغ شركات التأمين بتنفيذ الأحكام، لا سيما عن طريق إرسال قائمة من القضايا، وتحديد الإجراءات داخل المحكمة وإدارة تصفية المطالبات. الملفات بعد استلام الشركات المذكورة.
التطبيق الثالث: تجمع مكتبة العدل العديد من الوثائق والنصوص القانونية وكذلك الاتفاقيات الدولية. ووفقًا لوزارة العدل، فقد كلف مشروع المحكمة الرقمية هذا بالفعل ما يقرب من 30 MDH ، بما في ذلك 10 MDH للتبرع من قبل الاتحاد الأوروبي. يجب أن يقترب إجمالي الفاتورة للفترة 2014/2020 من 270 مليون درهم.
وأنه تحت الإشراف المباشر لوزير العدل، يتلقى مركز مراقبة وتحليل الطلبات، بالإضافة إلى الشكاوى الإلكترونية، عدة طلبات أخرى من أصول مختلفة (ديوان المظالم، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الوسيط...)، وقد تم إنشاء قاعدة بيانات داخل جميع الإدارات المركزية لضمان التعامل السلس مع الشكاوى.
وبالنظر إلى تحول هذه الخدمة إلى مرصد يتم من خلاله تحديد الاختلالات ونقاط القوة المسجلة في الدوائر القضائية للمملكة. وقالت وزارة العدل "الشكاوى الإلكترونية تتزايد باستمرار لدرجة أن الحاجة إلى الموارد البشرية بدأت تشعر بها"، إذ أنه في قائمة الشكاوى المختلفة التي يعالجها المركز ، تأتي الشكاوى المرسلة عبر الويب في المرتبة الثانية بنسبة 16٪ في عام 2016 ، و 23٪ في الربع الأول من سنة 2017.
المقال الثاني:
نشر مركز دراسات القانون والعدالة في المجتمعات العربية IEDJA ، خلال شهر غشت من سنة 2018، مقالا باللغة الفرنسية، يعد بمثابة وجهة نظر حول دواعي رقمنة المحاكم بالمملكة المغربية .
"أصبحت وسائل الاتصال مثل الإنترنت ضرورية في العديد من المجالات، وهكذا أثر عصر ثورة الحاسوب على القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وبالتــــــالي
اثر على تسيير العدالة بشكل ارقمي، جنبًا إلى جنب مع عدالة مبسطة وأكثر قابلية للقراءة، إذ أنه يُنظر إلى الأمر بكونه شرط ضروري لتحديث العدالة، ولا سيما في المغرب.
إن فكرة الوصول إلى العدالة الرقمية متاح في نقاط مختلفة، من باب إعادة تعريف العدالة في العصر الرقمي، ومن باب تعريف مفهوم العدالة الرقمية وجعله يحدد ما هو ضروري لتطبيقه في السياق الحالي، كما أنه يحدد أهدافه المختلفة، لنصل في الأخير إلى دراسة القانون المعمول به، مع الأخذ في الاعتبار حالة التحكيم السيبراني.
1- مفهوم العدالة الرقمية:
إن مفهوم العدالة الرقمية معقد، ويثير اضطرابًا عميقًا في مفهوم العدالة من خلال التنفيذ الرشيد للتكنولوجيات داخل المؤسسة القضائية، وهو ما يجعلنا نتحدث عن إصلاح العدالة من خلال الابتكار التكنولوجي، بهدف إقامة توافق أفضل بين العرض والطلب من أجل العدالة، من خلال استغلال أمثل لتقنيات الاتصالات الإلكترونية، والتقنيات السمعية والبصرية، أو حتى تطوير منصات تعاونية تجمع البيانات المتعلقة بعدد كبير من المرتفقين.
لذلك يبدو أن إنشاء المحكمة الرقمية هو أحد الركائز الأساسية لإصلاح النظام القضائي من أجل ضمان الشفافية والحقوق الأساسية للمواطنين، وهو الأمر الذي من شأنه أن يساعد على تحسين كفاءة ونوعية القضاء، والذي قد يجعل من الممكن تطوير قدرة قطاع العدالة مؤسسيا، وكذلك تحديث الإدارة من خلال الاستعانة بأجهزة معينة مثل التداول بالفيديو في قاعات المحكمة وإضفاء الطابع المادي على المحتوى (من خلال التسجيل الإلكتروني لملفات المحامين، كما أنه سيعزز الوصول بشكل أفضل إلى العدالة والقانون، ويقرب العدالة من المهنيين والمتقاضين، ويسهل وصول المواطنين بحرية إلى المعلومات القانونية والقضائية، وهو ما ينطبق كذلك على التبادل الإلكتروني للوثائق بين المحامين والمحاكم.
انطلقت منصة تبادل إلكتروني بين وزارة العدل ونقابة محامي الدار البيضاء في 23 مايو 2018، وهي تشكل خطوة متقدمة في الانتقال إلى نزع الطابع المادي عن العدالة وإنشاء "محكمة رقمية" بحلول عام 2020. كما أفاد وزير العدل في المملكة أن هذه الثورة التكنولوجية، في المرحلة الأولى سوف تتعلق بمحاكم الدار البيضاء والرباط قبل تعميمها في مناطق أخرى من المغرب.
2-إعداد ضروري ولكن معقد:
إن الدعوة إلى طرح مناقصات لإنشاء بنية تحتية افتراضية عالمية لتكنولوجيا المعلومات هي الخطوة الملموسة الأولى نحو تحديث قطاع يعاني من الكثير من الروتين والبيروقراطية، وهو ما يمكن تقريب صورته أكثر من خلال حقيقة مباني المحكمة الابتدائية لعين السبع بالدار البيضاء، يخضع المستخدمون لإجراءات معقدة للحصول على نسخ من القرارات القضائية، وهو ما يحتم عليهم استخدام خدمات الأشخاص الأجانب في النظام القضائي لتصوير الاستمارات، كما تستخدم لاستكمال الشكليات، وهو المثال الذي يوضح بجلاء الحاجة إلى تحديث النظام القضائي.

لذلك، بعد انعقاد اجتماع بحضور رئيس الحكومة ووزير العدل والحريات وأعضاء آخرين في الحكومة، تم تقديم ميثاق إصلاح القضاء في 13 سبتمبر 2013 في الرباط، وهو الميثاق الذي يظهر رغبة واضحة في حل مشكلة الوصول إلى العدالة في المغرب.
وإن من أهداف المحكمة الرقمية، هو ما تضمنته المنصة الرقمية نفسها من سرعة في معالجة القضايا القانونية للمهنيين القانونيين وكذلك للمتقاضين، مع ما يضمنه من تسهيل للتبادل الإلكتروني للوثائق بين المحامين والمحاكم، من خلال تأكيد صحتها من خلال التوقيع الإلكتروني ، بالإضافة إلى ذلك، سيتمكن بعض المواطنين المعنيين بالمسائل القانونية من تجنب اللجوء إلى المحكمة لأن الحوسبة الكاملة للإجراءات، تسهل حصول المواطنين على المعلومات القانونية والقضائية مجانًا وسيشاركون في تطوير وتنفيذ العديد من الخدمات الأخرى بشكل رقمي.
في الواقع، سيكون لكل محامي مكتب افتراضي لإدارة الملفات وتسجيل الطلبات عبر الإنترنت وتقديم مختلف الطلبات، ليتم بعد ذلك إخطار المتقاضين في الوقت الفعلي بمتابعة ملفاتهم بالتفصيل.
لتحقيق هدف تحديث وإنشاء المحكمة الرقمية بحلول عام 2020، أعلن وزير العدل والحريات، إطلاق ثلاثة تطبيقات حاسوبية تتعلق بإجراءات المحكمة على منصة تبادل إلكترونية، والتي تشمل عدة أهداف:
الهدف الأول: هو تحسين إدارة الاحتجاز السابق للمحاكمة.
الهدف الثاني: متابعة أفضل لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد مؤسسات التأمين.
الهدف الثالث: يكمن في إنشاء مكتبة قانونية.
بتفصيل أكثر، سوف نجد أن وزارة العدل نهجت ثلاث تطبيقات:
التطبيق الأول: يعالج إدارة السجل الوطني للاحتجاز السابق للمحاكمة، وبذلك ستربط جميع محاكم المملكة عبر شبكة الكمبيوتر، وترسم خريطة تتعلق بالاحتجاز السابق للمحاكمة، والغرض من هذا التطبيق، هو إتباع إجراءات الاعتقال المؤقت لمصلحة النيابة العامة، ضمن السلطة المكلفة بالتحقيق والمحاكمة، ويركز بشكل خاص على حالة الملفات المقدمة إلى المحاكم الزجرية، إلى جانب تمكينها من ضمان تصنيف المعتقلين حسب الجرائم المرتكبة ، وكذا تسهيل إدارة إجراءات نقل السجناء.
التطبيق الثاني: سيراقب تنفيذ الأحكام الصادرة ضد شركات التأمين، وهي أداة تهدف إلى إبلاغ الشركات المذكورة بتنفيذ الأحكام عن طريق إرسال قائمة بالملفات المطلوب تنفيذها، ومراقبة تصفية الملفات بعد استلامها من قبل شركات التأمين، وعرض قائمة الملفات المنفذة لأمر المحامين.
التطبيق الثالث: يتعلق بإنشاء مكتبة قانونية تحتوي على العديد من النصوص القانونية وكذلك الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها المملكة المغربية، إذ يقدم هذا النظام تقنيات بحث متقدمة، كما يسمح بالتحديث المنتظم للبيانات وتوفير المحتوى القانوني على الموقع الإلكتروني لوزارة العدل والحريات لصالح المحاكم ونقابات المحامين، وهو التطبيق الذي من شأنه، السماح بتخفيض كبير في استهلاك الورق في المحاكم المغربية.
3-المعايير المطبقة في المادة:
يستلزم إقامة العدل الرقمي بالضرورة تعديل وتكييف بعض المعايير التي تحدد الممارسات القانونية، والواقع أن دمج أنظمة المعلومات هذه في قطاع العدالة أمر معقد للغاية بسبب العدد الكبير من الإجراءات وتنوع المحاكم التقليدية.
ومن المتوخى أيضًا استخدام كلمات المرور وأنظمة أمن المعلومات لحماية البيانات وحقوق وأسرار الأطراف، وهو ما يسجل تميز العدالة الرقمية بما يعرف بالمحفوظات الإلكترونية، إذ يتم حفظ سجلات المحكمة في قاعدة بيانات إلكترونية تحتفظ بسجلات طويلة الأجل، وهو ما يحدده القانون المتعلق بتبادل البيانات الإلكترونية 05-537 والذي الإطار العام للقواعد القانونية المعمول بها .
تخضع العدالة الرقمية، بحكم أنها تنتج قواعد بيانات تحتوي على معلومات شخصية، للقواعد المتعلقة بتبادل بيانات الكمبيوتر مثل القانون رقم 03-59 الذي يتعامل مع المخالفات المتعلقة بالمعالجة الآلية لأنظمة البيانات، أو القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية البيانات الشخصية في الإجراءات غير المادية.
وبالتالي فإن هذه الأحكام ستوفر ضمانات للمتقاضين المغاربة فيما يتعلق بحماية بياناتهم الشخصية في المجالات القانونية و / أو القضائية.
4-الآثار: قضية التحكيم السيبراني:
يعني التحكيم السيبيراني أن إجراءات التحكيم تتم على الإنترنت، دون اجتماع فعلي بين أطراف النزاع والمحكمين، إذ يرتبط هذا النوع من التحكيم بالاحتياجات العملية للتنمية الاقتصادية، وزيادة حجم وأهمية التجارة الدولية، وإبرام العقود، والانتهاء من الإجراءات القانونية باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
وقد شمل الشروط التي أدخلها القانون رقم 05-53 على بيانات التبادل القانوني الإلكتروني إنشاء توقيع إلكتروني وكذلك صلاحية شهادة مثبتة للمطابقة، والتي اعتمدت العديد من المنظمات الاقتصادية الإقليمية والجمعيات المهنية هذه الأساليب الإلكترونية، لحل النزاعات في مجال التجارة الدولية والملكية الفكرية.
وبالتالي، يبدو أن التحكيم الإلكتروني، هو نموذج مزدهر في مجال العدالة الرقمية والذي تم إنشاؤه لمراعاة النزاعات الناشئة في تنفيذ أو عدم تنفيذ المعاملات الإلكترونية، بالنظر إلى المزايا الكبيرة التي تميزها عن النظام القضائي والتحكيم التجاري التقليديين.
النقطة الثانية: التأطير القانوني لرقمنة القضاء:
لخص الأستاذ رضوان بوسنينة في معرض مقاله حول موضوع "في المواطنة الرقمية"، المنشور بجريدة الصباح بتاريخ: 11 مارس 2020، المواطنة الرقمية في: "أن المواطن الرقمي ليس سوى تعبير عن تحول في نمط التواصل والخدمة الاجتماعية بين المواطن والإدارة وبين المواطن والفضاء العام من إدارة ومؤسسات وشركات، وبين المواطنين فيما بينهم" .
بيد أن المائدة المستديرة التي انعقدت داخل أسوار جامعة بيربينيون بأقصى الجنوب الغربي بفرنسا حول موضوع "المواطن الرقمي" من وجهة نظر قانونية ، هي التي لخصت فكرة تعاطي المواطنين مع الرقمنة، واستعمالها في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية.
جاء في تقديم المائدة المستديرة عبارة: "للتكنولوجيا الرقمية تأثير متزايد على مكانة المواطن في المجتمع، إنها تجدد العلاقة بين السلطات العامة والمواطن ، الذي يشارك بشكل أكبر في تطوير المعايير، ويبتعد عن إزالة الطابع المادي للخدمات العامة، مما يحتم على المواطن الرقمي أن يكون قادرًا أيضًا على تحديد موقعه فيما يتعلق بالمعلومات الخاطئة في المسائل الانتخابية، وتحديد المحاكم المختصة والقواعد المطبقة على أنشطته على الإنترنت".
قال الدكتور جيرار أنو، أستاذ في القانون الخاص بجامعة بيربينيون، المشارك في المائدة المستديرة، بخصوص حديثه عن التقاضي الرقمي، بأنه: "يتم تحديد اختصاص المحاكم والقانون المنطبق على بعض الحالات القانونية على أساس المعايير الإقليمية (مكان تحقيق الضرر، المكان الذي تأثر فيه السوق، وما إلى ذلك).
عندما ينشأ وضع قانوني على الإنترنت أو عبره، قد يتساءل المرء عن مكان هذا الوضع، لكنه في الواقع، نجد أن تقنيات الإنترنيت منتشرة في كل مكان من العالم، ويمكن الوصول إليها بكل يسر".
قالت الدكتورة سيلفين شاتري، أستاذة في القانون الخاص بجامعة بيربينيون، المشاركة في نفس المائدة المستديرة أنه: " تسمح الأدوات الرقمية الآن، للسلطات العامة بإشراك المواطنين في عملية تبني المعايير، والأكثر لذوي الخبرة في سياق مشروع قانون جمهورية رقمية منذ عام 2016، ولقد تم بناء على تصفح المواطنين منذ ذلك الحين، لمختلف الموضوعات الإعلامية (المعاشات التقاعدية، وأخلاقيات البيولوجيا، والسلامة على الطرق، وما إلى ذلك)، حتى تصل إلى ذروتها في سياق النقاش الوطني الكبير خلال سنة 2019، إذ سيحاول تحليل هذه المشاورات قياس الامتثال للمبادئ الأساسية للتشاور العام (الدعاية والحياد والتمثيل والفعالية)، من جهة، وتحديد ما إذا كانت هذه المشاورات هي اتصال سياسي بسيط أو مشاركة حقيقية -إنشاء القانون، من جهة أخرى".
بيد أن الدكتور أليكسندر بالانكو، أستاذ في القانون العام بجامعة مونبوليي أحد المشاركين في المائدة المستديرة، قال في معرض حديثه عن المواطنة الرقمية في المجال القضائي في مراقبة العمليات الانتخابية، أنه: " خلال الفاتح من يناير من سنة 2019، ومن خلال دخول القانون رقم 2018-1202 لحيز التنفيذ، وهو القانون المتعلق بمكافحة التلاعب بالمعلومات، والذي من بين أحكامه، إنشاء موقع مؤقت يسمح للقاضي بوقف نشر "ادعاءات أو اتهامات غير دقيقة أو مضللة، لواقع من المحتمل أن يؤثر على صدق الاقتراع".
يبدو هذا الإجراء الجديد، الذي يهدف إلى إزالة بعض المعلومات الكاذبة التي يتم نشرها عبر الإنترنت، والتي تكون عديمة الجدوى، بل وقد تتعدى ذلك، ليكون لها وقع خطير في مجتمع ديمقراطي.
إنها تقنية ناجعة، تسمح بمكافحة التضليل، وبإقامة توازن أكثر عدالة بين حرية التعبير على الإنترنت وتقديم المعلومات للمواطنين".
ساهم الدكتور ريمي راديكي، أستاذ في القانون العام بجامعة بيربينيون، في المائدة المستديرة في ما لخصه: "في إطار أنشطة الدولة المتعلقة بالخدمة العامة، يتعين على الإدارة الامتثال لبعض "المبادئ العامة لسير المرفق العمومي"، وهي المبادئ المتمثلة في: المساواة والاستمرارية والقدرة على التكيف - التي تميل إلى الالتزام بها-، ولا سيما بموجب زخم قانون الاتحاد الأوروبي، بعبارات مختلفة، مثل الشفافية والمشاركة والوصول الحر إلى المعلومة وجودة الخدمات المقدمة بشكل رقمي، وذلك باسم قانون القدرة على التكيف، بتحديث الخدمات العامة، وهم ما لن يتأتى إلا بالمرور حتمًا، من خلال إزالة الطابع المادي.
تؤدي هذه الحركة، التي بدأها برنامج واسع للتحول الرقمي للإدارة، إلى ظهور "خدمات عامة رقمية" حقيقية، يمكنها إذا لم يلتفت إليها القانون، إبعاد الخدمة عن الجمهور من خلال انتهاك مبدأ المساواة قبل الخدمة العامة".
إلا أن أشمل تعريف للتقاضي عن بعد أو التقاضي بشكل رقمي، هو ما جاء في مقال الأستاذ فاضيلي الخامس حين قال : "... ويقصد بالعدالة الإلكترونية بشكل خاص استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في تحقيق الولوج المستنير لمرفق العدالة وتسهيل التواصل بين مختلف الفاعلين ميدان القانون والقضائي (المحامون، القضاة، كتاب الضبط)، وتتمثل الفوائد الرئيسية لنظام العدالة الرقمية في زيادة كفاءة النظام القضائي، والحد من التكاليف وتقليص أمد الخصومات القضائية، وكذا تبسيط الإجراءات والمساطر القانونية، والزيادة في إنتاجية المحاكم، والتقليل والحد من فرص الفساد والرشوة، كما أن قيام المحكمة الافتراضية بعقد جلساتها عبر مؤتمرات الفيديو، يقرب العدالة من المواطنين خصوصا القاطنين في المناطق النائية ويذلل الصعوبات المتعلق بالاختصاص المكاني، إذ أنه في مجال العدالة الرقمية يعفي المتقاضين من الانتقال إلى المحاكم، وهذا النظام يحد كذلك من اكتظاظ المحاكم".
بيد أن جانب من الفقه عرف التقاضي عن بعد، بكونه: "عملية نقل مستندات التقاضي الكترونيا، إلى المحكمة عبر البريد الالكتروني، حيث يتم فحص هذه المستندات بواسطة الموظف المختص، وإصدار قرار بشأنها بالقبول أو الرفض، و إرسال إشعار إلى المتقاضي، يفيده علما بما تم بشأن هذه المستندات"
من خلال ما أسماه أنطوان كارابون و جون لاساك بالبعد الرابع للجلسة بالمحاكم الرقمية، تحدث الباحثان عما أسمياه "بالطفرة الرقمية، في تسهيل عملية التقاضي والولوج إلى خدمات مرفق القضاء، بكل يسر وسرعة ونجاعة، باستعمال مفاتيح الحاسوب للاستفادة من الخدمات المتاحة التي يقدمها مرفق القضاء للمرتفقين".
تبدو كل هذه التعاريف في شقها النظري جذابة ولا غبار عليها في نظر المتخصصين والفاعلين في مجال التقاضي الرقمي بحكم الاختيار أو الاضطرار للتعاطي مع رقمنة القضاء، لكن بانتقالنا إلى تطبيق هذه النظريات في مواجه المتقاضي البسيط ذي الفكر المحدود علميا وتكنواوجيا، سوف نواجه بنوعين من الأمية إحداها علمية و أخرى تكنلولوجية:



النقطة الثالثة: التأطير الواقعي للتقاضي الرقمي:
أشار مقال رصين منشور بالصفحة الرقمية لجريدة العربي الجديد، بتاريخ 08/01/2018 مقال معنونا بـ:"المغرب يخطط لخفض نسبة الأمية إلى عشرة بالمائة عام 2026" إلى أنه :
"يطمح المغرب إلى تقليص نسبة الأمية في البلاد من 30 في المائة المسجلة حالياً وفق أرقام رسمية حديثة، إلى أقل من 20 في المائة في أفق عام 2021، على أمل أن تبلغ أقل من 10 في المائة في حدود عام 2026.
وبالنظر إلى أرقام مندوبية التخطيط، وهي هيئة حكومية تعنى بالتخطيط والإحصائيات الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب، فإن معدلات الأمية في المجتمع انخفضت بوضوح من 43 إلى 30 بالمائة في غضون 13 عاما تقريبا، وذلك بفضل عدد من المبادرات.
وتبعا للأرقام ذاتها التي نشرت بمناسبة الاحتفال باليوم العربي لمحاربة الأمية، الذي يصادف الثامن من يناير/كانون الثاني من كل عام، بلغت نسبة الأمية 41.9 بالمائة بالنسبة للإناث عام 2014 مقابل 22.1 بالمائة بالنسبة للذكور، بعد أن سجلت على التوالي 78 و51 بالمائة عام 1982.

وفي التقسيم الجغرافي، تمس معدلات الأمية نسبة 47.7 بالمائة من سكان القرى والبوادي خلال 2014، في حين بلغت نسبة انتشار الأمية 22.2 بالمائة في صفوف سكان المدن، بعد أن سجلت في 1994 ما نسبته 75 في المائة في القرى و37 بالمائة في الحواضر.

وأنشأت الحكومة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية رسمياً من أجل اقتراح برامج عمل لمحاربة الأمية على الحكومة، وجعلها قابلة للتنفيذ من خلال البحث عن مصادر للتمويل، فضلا عن التعاون مع المجتمع المدني على تطبيق برامج محاربة الأمية للشباب والعاملين والحرفيين وغيرهم".


1-الأمية الرقمية بالمغرب:
اعتبر المفكر عبد الله العروي في محاضرة برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، أن "الأمية الرقمية قد تكون أسوء من الأمية الحرفية (العلمية أو المدرسية) " .
وأبرز في المحاضرة الافتتاحية ل "كرسي عبد الله العروي للترجمة والتأويل "، بهذه الكلية، تساؤله حول إن كان "محو الأمية الأولى يعفي من محو الثانية، وأن محو الثانية شرط لمحو الأولى"، قبل أن يجزم بأن الجواب ليس سهلا ولا هينا، ولايكفي فيه استشارة متخصصين بعينهم.
وفي السياق ذاته، تابع المفكر تساؤله عن الواقع الافتراضي بالقول "هل هذا الواقع الذي يغشانا اليوم ويذهلنا هو من نتائج العلم العقلاني التجريبي، أو هو من عمل سحرة موسى المتوهم؟، هل هو فعلا غير معقول؟، وهل المجتمع غير الحداثي يستطيع أن يتصور واقعا افتراضيا؟ "
وقد نشرت الموقع الالكتروني لجريدة هبة بريس موضوعا عن الفجوة الرقمية بالمغرب ، وقد قالت في معرض بحثها أن: "أكثر من نصف المغاربة لا يلجون إلى خدمات تكنولوجيا المعلومات بسبب الأمية و الفقر، و هو واقع يعني أن المواطن المغربي بصفة عامة لا تنطبق عليه صفة المواطن الرقمي، بمعنى آخر هو مواطن عاجز عن الاندماج و ممارسة حياته بشكل طبيعي، في وقت فرضت فيه الحكومة المغربية في إطار إستراتيجيتها الرقمية استعمال البوابات و المواقع الالكترونية لانجاز الوثائق الشخصيـــة والتواصل مع ما سمتها بالإدارة الالكترونية.
إن تجاهل الحكومة المغربية للفجوة الرقمية الهائلة التي تفصل بين المغاربة، هو في الحقيقة تجاهل للشريحة الأوسع من المواطنين، و بالتالي فاستراتيجيها هي في الأصل تستهدف فقط النخبة المجتمعية (الفئة المتعلمة)، ممن لديهم الإمكانات اللازمة للتواصل الرقمي و التعامل اليومي مع تكنولوجيا المعلومات، وإلا فكيف يمكن تصور انخراط المواطنين المغاربة في القرى و المداشر و الدواوير في سياسات رقمية تبقى حبرا على ورق هدفها الحقيقي هو الظهور بمظهر مشرف أمام العالم الخارجي دون اعتبار لحقيقة الفقر و الأمية التي يعانيها المغاربة.
ولعل قطاع التعليم في المغرب هو القطاع الذي يفضح بشكل أوضح استفحال ظاهرة الفجوة الرقمية عند المغاربة خصوصا مع فضائح الفساد التي يحقق فيها مجلس الحسابات مؤخرا، حول اختفاء آلاف الأجهزة و الحواسيب و اللوحات الالكترونية التي تمت سرقتها و اختفاؤها في إطار ما سمي بالمخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم و التي حرم منها التلاميذ المغاربة في المدارس العمومية .


2-محو الأمية الرقمية: الفرص والتحديات
باطلاعنا على مقال الأستاذة "هيام حايك" المنشور بالموقع الرقمي لمدونة نسيج، بعنوان: "محو الأمية الرقمية: الخيار الاستراتيجي للانتقال للبيئة الرقمية" ، والذي ناقشت فيه مجموعة من المعطيات ذات الأهمية، والتي يمكن أن تشرح لنا ما حاولنا الحديث عنه بخصوص الأمية الرقمية لدى شريحة عريضة من المواطنين المغاربة، من باب أن الأمية العلمية والرقمية هي سمة مشتركة بين مواطني الدول المغاربية والعربية، وهو ما أوردته في مايلي:
أ‌- الانفجار التقني:
"القرن الحادي والعشرين هو قرن الانفجار التقني، وقد يكون هو قرن هيمنة التقنية على مسار البشرية، حيث أصبحت التقنية أداة الحضارة المعرفية الجديدة في نشر أفكارها وقيمها. وبالتالي فإن حتمية تبني التقنية تفرض على الناس نمطاً جديداً من التفكير ونمطاً جديداً من التعايش معها، ونمطاً جديداً من الإنتاج للاستفادة منها.
ومن الواضح أن جيل اليوم يعتمد على التقنية أكثر من أي وقت مضى، ولهذا فإن الأفكار- أياً كانت-، لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع دون اللجوء إلى استخدام التقنية التي تلعب دورا هاما في صياغة ونقل رسالتنا للعالم .
أ -محو الأمية الرقمية: الفرص والتحديات
يتخطى محو الأمية الرقمية اكتساب المهارات التقنية المعزولة لتوليد فهم أعمق للبيئة الرقمية، وتمكين التكيف الحدسي مع السياقات الجديدة، وإنشاء المحتوى مع الآخرين، وإدراك كل من الحرية والمخاطر التي تنطوي عليها، وفي هذا السياق تلعب المكتبات دورا حيويا في قيادة الجهود الرامية إلى تطوير المواطنة الرقمية للطلاب، وضمان التمكن من استخدام التقنية بشكل مسؤول ومناسب، بما في ذلك الهوية عبر الإنترنت وآداب الاتصال والحقوق والمسؤوليات.
من المهم أن يكون لأمناء المكتبات وأخصائي المعلومات من الكفاءة وبما يؤثر على تصميم المناهج، والتطوير المهني، للخدمات والموارد التي يحتاجها الطلاب، بالنظر إلى بيئة المعلومات الرقمية الحالية، يكون الوضع المثالي والمتوقع من موظفي المكتبة وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، تقييم المعلومات من خلال المصداقية التي تعتمد على السياق الذي يتم استخدام المعلومات فيه.
وعلى الرغم من أنهم غالباً ما يكونون على دراية بمجموعة متنوعة من الأدوات والمنصات الرقمية، فقد لا يكونون - بالمقابل- معتادون على التفكير بشكل حاسم في كيفية استخدامهم لهذه الموارد، وتفسير المعلومات، وإعداد المحتوى للمشاركة عبر الإنترنت. بالإضافة إلى أنه ومع تكاثر منصات التواصل الاجتماعي وتزايد التفاعلات الرقمية، هناك المزيد من الفرص لنشر المعلومات الخاطئة، وهناك انتهاك لحقوق النشر، وخروقات للخصوصية. هو تحدي ليس من السهل على المكتبات أن تحله لوحدها لا تستطيع المكتبات حل هذا التحدي وحده؛ يمكن للفرق متعددة التخصصات أن تساعد في توسيع قدرات البحث.
وتواجه المكتبات تحديًا لزيادة الاهتمام العام الحالي بشدة هذه القضايا المنتشرة على نطاق واسع لتعزيز دمج المعرفة الرقمية عبر المناهج الجامعية. يجب دمج هذه الكفاءات بشكل أصلي في جميع المناهج الدراسية لمساعدة الطلاب على إدارة نشر المعرفة عبر التخصصات. وفي هذا السياق قدمت جامعة ألفريد Alfred University عروضها في مجال محو الأمية المعلوماتية إلى طلبة السنة الأولى وخلال مقرر علم الاجتماع، والتي اشتملت على خمس جلسات محو أمية للمعلومات بالإضافة إلى تطوير حافظات إلكترونية شخصية واجتماعات فردية مع أمين مكتبة.
جهود محو الأمية الرقمية ستستمر مع استمرار التقدم في التقنية، فضلا عن مهارات الواقعية التي تقيّمها القوى العاملة. حددت لجنة نظم المعلومات المشتركة البريطانية والمعرفة بـ JISC المعرفة الرقمية على نطاق واسع بأنها "قدرات تناسب الفرد في الحياة والتعلم والعمل في مجتمع رقمي" يمكن أن تساعد الأدوات، مثل أداة تتبع تجارب الطلاب الرقمية من Jisc، المكتبات في جمع الأدلة من المتعلمين حول تجربتهم الرقمية والاحتياجات المتغيرة أثناء تتبع التغييرات بمرور الوقت.
ب‌- التقنية الرقمية:
تعد التقنية الرقمية منصة للابتكار والاستدامة وأداة لتحقيق رفاهية المجتمع. وتساهم حلول الرقمنة وتقنيات الإنترنت المتقدمة في تأسيس بنية مؤسسية مرنة يطلق عليها “النظام البيئي الرقمي”، والتي لكي يستطيع الأفراد التعايش في بيئة رقمية، لابد من امتلاك الذكاء الرقمي (DQ) والذي يقسمه البعض إلى ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: المواطنة الرقمية
وهي القدرة على استخدام التقنية الرقمية ووسائل الإعلام بطرق آمنة ومسؤولة وفاعلة. وتعتبر المواطنة الرقمية ركيزة أساسية لقدرة الفرد على استخدام التقنية والعيش في العالم الرقمي والتي تنشأ منذ سن مبكرة حيث يبدأ الطفل في تعلم المواطنة الرقمية في مراحل مبكرة لمساندته عندما يبدأ باستخدام الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعية أو أي جهاز رقمي. وكجزء من المواطنة الرقمية لابد للأفراد من أن يكونوا قادرين على:
• بناء هوية رقمية صحية وإدارتها سواء بوجود اتصال على الإنترنت أو عدمه
• إدارة الوقت الذي يقضيه الشخص خلف الشاشة
• اكتشاف حالات التنمر عبر الإنترنت والتعامل معها بحكمة.
• حماية البيانات من خلال إنشاء كلمات مرور قوية وإدارة الهجمات الإلكترونية المختلفة
• التعامل مع جميع المعلومات الشخصية المشتركة على الإنترنت لحماية خصوصية المرء والآخرين
• التمييز بين المعلومات الحقيقية والخاطئة والمحتوى الجيد والضار وجهات التواصل الموثوقة والمشكوك فيها عبر الإنترنت.
• فهم طبيعة البصمة الرقمية وعواقبها في الحياة العملية وإدارتها بمسؤولية.
• إظهار التعاطف تجاه احتياجات ومشاعر الفرد والآخرين عبر الإنترنت.
المستوى الثاني: الإبداع الرقمي
الإبداع" صناعة تنافسية، وهو ما يطلق عليه حاليا بـ "تصنيع الإبداع"، ويعتبر الإبداع الرقمين الذي يعني قدرة الفرد على أن يصبح جزءا من النظام البيئي الرقمي، من خلال المشاركة في إنشاء محتوى جديد وتحويل الأفكار إلى واقع ملموس باستخدام الأدوات الرقمية.
وتجتذب الصناعات الإبداعية (الرقمية الجديدة)، الفنانين والعلماء، وكذا الأدباء...
المستوى الثالث: ريادة الأعمال الرقمية
وهي القدرة على استخدام وسائل الإعلام الرقمية والتقنية لحل التحديات العالمية أو لخلق فرص جديدة.
كل هذه التقنية تحتوي على مخاطر سواء على مستوى الدول أو الأفراد مما يتطلب العمل على توفير فضاء رقمي آمن يحترم الحقوق الأساسية ويصب في خدمة التنمية وهذا الفضاء يعتمد بالدرجة الأولى على جهود محو الأمية الرقمية المبذولة من قبل المؤسسات والحكومات.
الخاتمة:
لن نجد أبلغ ما يمكن ختم المقال به، هو ما سجله الدكتور الغازي من خلال مداخلته بالندوة الرقمية التي نظمتها كلية الحقوق بمكناس مساء الثلاثاء 19 ماي 2020، حول موضوع: " الإدارة العمومية ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية "، مستنتجا أنه رغم أهمية هذا المجهود الذي بذلته الدولة في سبيل عقلنة والرفع من الأداء الإلكتروني للإدارات العمومية والمؤسسات العمومية، فإنه لم يرقى للمستوى المطلوب، محيلا على تقارير المجلس الأعلى للحسابات الصادرة عام 2014 و2019 والتي وقفت على مجموعة من الاستنتاجات، أهمها أنه ليست هناك استراتيجية واضحة المعالم ومحددة تضع الأهداف والمبادئ، اشكالية حكامة الهيئات المكلفة بقيادة هذه الإستراتيجية الرقمية، ضعف تنفيذ مشاريع الحكومة الإلكترونية حكامة الخدمات الرقمية.

وأن في ما يتعلق بالتحديات المطروحة على الإدارة الإلكترونية أشار الدكتور الغازي إلى أن أبرزها يتسجد في ضعف البنية التحتية المعلوماتية، وضعف جاهزيتها لإستقبال تكنلوجيات الإتصال، مشيرا الى أن هناك بعض الإدارات التي لا تواكب هذه الطفرة الإلكترونية.
أما التحدي الثاني حسب نفس المتدخل فيتعلق بالبنية المجتمعية، مشيرا الى صعوبة الولوج للخدمات الرقمية إما بسبب الأمية الرقمية أو نظرا لعدم ثقة المواطن بالخدمات الإلكترونية.
والتحدي الثالث، هو تطبيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والذي يعد من أهم المبادئ التي نص عليها دستور 2011، متسائلا في ما يتعلق بالتعليم عن بعد مثلا، عن ما اذا كانت هذه العملية تغطي كل المعنيين من تلاميذ وطلبة وغيرهم، وبالتالي فعدم استفادة ولو جزء ضئيل من هؤلاء من التعليم عن بعد يشكل خرقا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق