الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة الجسد من الرقص..الى الادب و الشعر!!..

عبدالوهاب بيراني
روائي و شاعر و ناقد في الادب و الفن

2020 / 6 / 27
الادب والفن


للجسد لغته التعبيرية و سحره و بصماته،و هو الاداة الاولى في خلق و صناعة الفن و منها فن ممارسة الرقص تلك الحركة المفرطة، اللا اعتيادية للجسد و التي حرمت في بعض الاديان، و هكذا تم تحريم المراة و منعها من ممارسةالالعاب الرياضية العادية او البهلوانية و الرقص و بكافة اشكاله رغم قدم ممارسة هذا النمط من الفن،،فلا زالت النقوش المرسومة داخل المغاور والكهوف و التي شهدت بدايات الفن البشري من رقص و رسم و نحت و محاولته صناعة حرف او ابجدية تدل عليه، فالرسوم و النقوش التي تصور النساء و الرجال في حالات راقصة،هذا يدل على العمق و الارتباط الوثيق بحياة الانسان القديم،فقد ارتبط الرقص بطقوسه الدينية
كما انه يعبر عن نشوته و سروره و تعبر عن حالات خاصة من المزاج عبر تشكيلات جسدية حركية تاخذ منحى جنوني مفرط او جنسي متواري ،و ربما كان الرقص احدى تعبيرات الايروتيكا الجنسية التي تحاكي عمليات الجنس الجماعي الموغلة في التاريخ حيث كانت الاسرة او العائلة اموسية (نسبة للام) التي كانت الاساس في النسب و التابعية قبل سيطرة الاب على مركز و زعامة العائلة من خلال عمله عل اخضاع المراة و قهرها و ضمها الى "ممتلكاته" الخاصة و اعلان نفسه سيدا أو "زوجا" ل"قطيع "من النساء ليعلن عهد العائلة البطريركية"الابوية"و ليبدأ تاريخ اذلال المراة و استعبادها، و ليبدأ الرجل السيد بالتفرد و السيطرة و ممارسة دوره الذكوري الديكتاتوري خاضعا نساءه و اطفال نساءه لسيطرته،،و باتت من احدى مهام المراة ان تؤدي لسيدها حركات تثير حواسه و تلهب مشاعره و تدخل الفرح لقلبه، حيث خضع الرجل الرقص له، و ليس لغيره او لجمهرة من المتفرجين، و من ذاك التاريخ اكتسب الرقص و خاصة رقص المراة منفردة بجسدها الرشيق و المثير سمعته السيئة و حوربت المراة الراقصة"الرقاصة" التي كتب عليها ان تبيع فنها و مواهبها و روحها العارية لنظرات اشتهاء دونما تقدير لقيمة الفن،وجهة ثانية بات الرقص فرصة لعرض المراة لجسدها و مفاتنه و اغراء الرجل عبر حركات هز الجسد التي تثير غريزة الرجل،و لا زال ذاك الخيط الرفيع الذي يفصل مابين الرقص الشرقي كفن راقي و بين احدى انماط الدعارة موجودة، و التي تعتبر وفق التاريخ المهني للانسان بانها اقدم تجارة في العالم ازاء الخمر الذي يعد اقدم صناعة في التاريخ و حينما يلتقي الخمر مع العري فذاك كفيل بصناعة سوق تجارية لا زالت رائجة الى ايامنا هذه.
و تنوعت اشكال و انماط الرقص، فلكل شعب اسلوبه في الرقص و الغناء و موسيقاه،فمن الرقصات "الوثنية "الدينية الطقوسية و
من رقصة المولوي الدرويش البسيطة في شكلها الى تفاصيل مدهشة في عمقها،
من رقصة السماح.. من رقصة ستي في ايام شامية الى الرقص الشرقي في الراقصة و الطبال
من رقصات الهنود في السينما الهندية الى رقصة البريك دانس مع جاكسون فايف، مرورا برقصات السامباو اللامبادا، في الجنوب الامريكي اللاتيني الى حوض الكاريبي.، و لعل اشهر رقصة هي رقصة زوربا التي اداها الممثل الايطالي الراحل انتوني كوين في فلم سينمائي حمل اسم زوربا اليوناني عن رواية اليوناني كازانتاكيس على شاطىء البحر الى رقصات الافارقة و طبولهم المدهشة و اجسادهم العارية في عمق الغابة الافريقية الساحرة ،الى رقصة التحدي الشيشانية حيث الخناجر و القامات الحادة،الى رقصة الكردي و كأنه يقفز من صخرة الى اخرى في طريقه لصعود جبال كردستان الشاهقة،من الكوجري الى الشيخاني،ترتفع ايقاعات الدفوف و الزمر،و تقرع الطبول الضخمة فتهتز القلوب قبل الاجساد،تتحول حلقة الدبكة الى حقل قمح ينساب تحت حركة الريح او عواصفه، فتتماوج القامات عبر تشابك الايادي و ترتص الاكتاف الى بعضها ضمن مجتمع شرقي لا يبيح ذلك في مواقف اخرى،...و رقصة الجوبي و الهالاليا و الباگييه الاشورية،و الدبكة العربية،و رقصات ساحلنا السوري الجميلة
الرقص استهلال تحرير الجسد، حيث تتمايل الاجساد بهدوء او عنف جميل كالاعشاب الندية في مهب الريح،تشهق الانفاس،و تتلون الامكنة بالصرخات و الضحكات...تهتز النهود،و تعلن الارداف الثقيلة عن حركتها
و يتلوى الخصر الاهيف ليخلق ايروتيكيا خاصة ضمن اطارات الفن،ليتطور الرقص لاحقا و يعود ليتشرب من أصوله التاريخية و ليمنحنا شكلا فنيا جميلا،فمن قبح الجمال الى جمال الجمال الى ملائكة بثياب بيضاء يتحركون بهدوء ضمن مكان بهي و انيق... لنستمتع بفن الباليه الذي نشأ و ازدهر خلال القرنيين الماضيين كما بدأ المسرح الراقص كفن مسرحي معاصر،و تطور الرقص ليكون فنا مسرحيا حركيا ابداعيا،و ليكون الرقص نشوة و تعبير عميق يكتنفه الغموض و رغبة لتوليد مشاعر اللذة ، و خرقا للتابو المحرم،..و هدما ثوريا امام ورع و سكونية جسد المراة الذي لم يتحرك فقط و انما مارس الرقص ايضا،و بجرأة تعلن عدم خضوع الحركة للسكون.
و للرقص فلسفة و تاريخ،و اصول و انماط،و للرقص مكانتها في الرسم و النحت،كما في الشعر،و الادب عموما،
فمن رقصة سالومي الى حفلة الرقص الباذخة في باليه زواج فيگارو الى رقصة البجع على سطح بحيرة جايكوفسكي مرورا برقصات الشعوب و فلكلورها الغنائي و الموسيقي،في حياة مجتمعات لا يمكننا تخيلها دون رقص الى رائعة نزار قباني التي غنتها الفنانة المبدعة ماجدة الرومي (يسمعيني حين يراقصني كلمات..ليست كالكلمات)
فالرقص حركة تعبيرية انفعالية وجدانية عالية المزاج،ضاخة للطاقة الجسدية، و تفريغ لشحنات سلبية تصل لممارسة ايقاع هيستيري ضمن موسيقا صاخبة او تثويرية تعمل على زيادة النشاط الهرموني و زيادة الادرانالين،ليمنح الجسد ارادة اقوى،و شجاعة،و اقدام،و فرح غامر...
و ختاما:
يمكننا القول ربما كان الرقص "صناعة" للسعادة او الفرح...
سوريا
23/6/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس