الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة الاداء الحكومي (3) : الوطنية العراقية

احمد جليل البياتي

2020 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الحلقة الثالثة – الوطنية العراقية
الوطنية العراقية, مفهوم مهم واصيل قد يجنبنا فهمه الكثير من النقاشات والصراعات وهدر الامور والاحلام. تاريخ العراق الحديث كما ماضيه لم يكن مفروشا" بالورود, بالعكس كان مطرزا بالدماء والقتل في سبيل الوطن. شعار الغاية تبرر الوسيلة سحقت تحته اجساد العراقيين ما دام الهدف اسعاد العراقيين وحريتهم ووحدتهم ورفعتهم واستقلالهم. تبين بعد ذلك ان الشعب لم يحصد سوى الوسيلة وهي القتل والدمار, أما الغاية فبقيت بعيدة المنال. يقول عالم الاقتصاد الامريكي الفائز ب جائزة نوبل ان شعار الغاية تبرر الوسيلة شعار لا خلاف حوله ولكن الخلاف حول الغاية. وهذا هو السؤال الأهم عند كلام عن الوطنية العراقية, فما هي الغاية منها؟ هل الغاية منها رفعت العراق أم العراقييون؟ على الرغم انه لا فصل هناك بين الوطن ومواطنيه ولكن السؤال هو من اين نبدأ؟ هل نبدأ بالوطن ام بالمواطنين؟ هل نبدا بهموم الناس أم هموم الوطن؟ قد يبدوا السؤال بديهي ولكن التاريخ يخبرنا اننا لم نجب عنه لليوم. أمر مخجل ومعيب. التاريخ الحديث للعراق يخبرنا ان الغاية في العراق كانت دائما تقتل المخالف أو كما يقول الأخرس في كتابه خريف المثقف في العراق دورة القتل والقتل المضاد في معرض كلامه عن صراع المثقفين وصراعتهم وكتاباتهم المحرضة على قتل المثقف المخالف تحت مسميات الخونة المثقفون أو مداحي السلطة. ان كان هذا الحال بين اصحاب القلم فما بالك بحملة السلاح. حملة السلاح لا يفكرون وانما ينفذون ومن هنا يتضح ان دورهم اقل رعبا" من حملة القلم لانه حملة القلم هم اصحاب القرار. نشرت جريدة الوطن الكويتيه ان احد قتلة عبد المجيد الخوئي في النجف ( من حملة السلاح) كان يقول دعني اشفي غليلي من البعثيين الخونة وهو يطعن عبد المجيد الخوئي! وانه تفاجئ بعد ذلك بان كان يقتل شخص لم ينتمي للبعث في حياته.
التعصب هذه الظاهرة العالمية ليست مقتصرة على العراق والعراقيين بالطبع, ولكنها متجذرة في ثقافتنا, فمن من دول العالم حكمه صدام والبعث لثلاثين سنة؟ ثقافتنا تتسم ب قبول عام لأقصاء او عدم رؤية المختلف بالرغم من وجوده وبقوه في سبيل الغاية وهي العدالة المفقوده واحلام العودة الى بغداد الحضارة تحت مسميات القومية والرشيد والعراق وغيرها.
قد يكون الملك فيصل الاول من أوائل من ادرك واقع الاختلاف في المجتمع العراقي, الاختلاف القومي والعشائري والمذهبي, " أن البلاد العراقية هي من جملة البلدان التي ينقصها أهم عنصر من عناصر الحياة الأجتماعية, ذلك هو الوحدة الفكرية والملية والدينية. " هذا الاختلاف ( النقص كما يسميه فيصل وهي تسميه خاطئة) هو ميزة العراق الأولى وهو بالتأكيد ليس ميزة بشرية عامة مثل تلكم التي عالجها علي الوردي في كتاباته. هذه الميزة لم يكن علاج الملك الفيصل لها بالمستوى المطلوب ," لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد, بل توجد تكتلات بشرية خيالية, خالية من اي فكرة وطنية, متشبعة بتقاليد و اباطيل دينية." كما هو واضح, كان فيصل يحلم بأستبدال الشعوب العراقية (التكتلات كما يسميها) ب شعب وطني وهو حلم يراود الاغلب الاعم من الشعب حتى يومنا هذا. هذا الحلم سحق العراقيون لانه لا يتقبل فكرة الأختلاف وينزلها الحضيض مقابل فكرة الوطن والشعب الواحد. اذن الغاية هي الوطن وكل ما دونه هراء. المفروض ان لا نلوم أصحاب هذا التفكير فهذا التكفير كان هو السائد, ألم يقل غوستاف لوبون بما معناه أن المركزية ضرورية للأمم قليلة التجانس لمنع الانحلال, حيث تقوم المركزية مقام الروح. مرة اخرى نرى أن الغاية ( الوطن ) تبرر الوسيلة ( المركزية) بغض النظر عن سيئات الوسيلة ومشاكلها. هذا تفكير قديم يجب تجاوزه.
الغاية في العراق اليوم يجب ان تكون الانسان قبل الوطن, فهذا هو الطريق الوحيد لبناء الوطن. يجب ان نحتفل بالمختلف, ان نحتفل بالعراق الشيعي وبالعراقي السني وبالعراقي الكوردي وبالعراقي الكلداني والايزيدي فهولاء هم ابناء العراق وهم اصله يجب ايضا" ان نفهم أن تاريخ العراق الحديث و المعاصر فرض على كل مكون تحديات مختلفه وبالتالي لأصبح لكل مكون احلام وشجون مختلفه لا يمكن جمعها تحت مسمى واحد وأن كان هذا المسمى هو الوطن والوطنية. يجب ان نسمع للأخر ولمشاكله ولمخاوفه ويجب ان يتم تشريع القوانين التي تطمئنه. يجب ان يخرج رئيس الحكومة ورئيس البرلمان في تقرير سنوي لمئة سنة قادمة ليقول هذا ما تفعله الحكومة والبرلمان لتطمين التكتلات البشريه في العراق بما يوفر لهم بلد أمن مطمئن يستحق ان ينتسب أليه ويدافع عنه. هذا لا يعني ان يتم توزيع موارد العراق ومناصبه على المكونات, فالموارد يجب ان تكون في خدمة الجميع وكل حسب دوره والمناصب يجب ان توزع على الكفاءات. المحاصصة بشكلها الحالي, هي مجرد ادارة سخيفة لموارد العراق البشرية. ادارة العراق عن طريق قوانين منصفة وعادلة تقودها الكفاءة عن طريق خطط توظيف عادلة هي ما يحتاج العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا