الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الصراع والانتصار عبر طوفان الدم العراقي

طالب الوحيلي

2006 / 6 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


مقدمة لابد منها
((اثناء كتابتي لهذا المقال تقاذفت المواطن العراقي المبتلى في بغداد موجة من الاحداث المرعبة بالرغم من تطبيق الخطة الامنية الجديدة ،وقد تسابقت الجرائم الارهابية حتى لا يكاد المرء يلتقط انفاسه حيرة وقلقا على مصيره ومصير اهله واقربائه،ولعل كارثة اختطاف اكثر من ثمانين موظفا من منشأة نصر الهندسية كبرى منشآت التصنيع العسكري السابقة ،اخطر الاحداث واشدها مثارا للدهشة والحيرة،حيث كان اكثر من خمسين ارهابي بانتظار خطوط نقل الموظفين في الطريق المؤدي الى العاصمة والمحصن كما هو مفروض امنيا ! وقد اختطفت ثلاث حافلات نقل ركاب من قبل الملثمين تحت تهديد السلاح وتوجهوا بها إلى جهة مجهولة ،فيما تمكنت احداها من النجاة بعد اشتباك بالايدي مع احد الارهابيين واثر ذلك استشهد اثنان من المخطوفين وجرح آخر،وبقي مصير الآخرين معلق بين الآمال بنجاتهم اوالصبر على تحمل مشاهد جثثهم وهي تعكس وحشية وظلم اعداء الشعب العراقي ))
كلما تحققت نتيجة باتجاه دفع العملية السياسية خطوة الى الامام، حتى ولو كانت ضئيلة وغير متناسبة مع فداحة التضحيات اليومية لمدينة بغداد وما جاورها،كلما ظن المواطن المستهدف من الارهاب بان المسافة للامل والامان قد قربت،لكنه يصحو من حلمه اثر انفجار مفخخ او مفخخة ،او يصعق لخبر ملطخ بدماء تبثه شاشات الفضائيات التي لم ولن ترتوي كما يبدو من بحر الدم المتلاطم ،وهي بلا ريب تستسيغ تلك المشاهد البشعة بعد ان وجدت فيها سبقا لامثيل له في تروج اعلاناتها الخيالية الارباح ،ويستبد به الرعب كثيرا حين يصطحبه الخوف من المجهول المتربص به في حله وترحاله ،وفي تنقل ولده وعياله ذهابا او مجيئا من والى مدرسته اوكليته مادام قد صار هدفا سهلا لمفارز قطع الرؤوس التي تقطن في مواطن الارهاب الحصينة ،مادامت تجثم مطمئنة في ربوع مدن وضواحي بغداد ومحيطها ،اذ يستحيل على من سمي باسماء آل الرسول ان يفلت من (سيطرات) قوى الارهاب على طرق محافظة ديالى معقل الزرقاوي وخلفائه الذين اشاعوا جرائم ذبح البشر ،ويستحيل على شيعي ان يطأ ارضا يقطنها ابناء طائفة اخرى ،لاسيما لو جيء به مخطوفا لانه لابد ان يكون طعاما مستساغ لابناء عمومته الذين غلبوا الحقد القبلي او الطائفي على تلك الاصول النبيلة التي اتصف بها اهل العراق منذ عهد نوح ولحد سقوط صدام الذي يبدو انه قد قذف عقيدته وصفاته في ضمائر هؤلاء ، لقد خلق وهم تغير المعادلة الطائفية، لدى فئة مهمة من الشعب العراقي هاجس خوف وحواجز انعدام الثقة وتصعيد للاقتصاص العنفي الذي لابد ان ينحو منحى قبلي، فيسعر حرباً قد عافتها الكثير من المجتمعات القبلية في مجاهل العالم لتجد لها جذوراً هيأت لها (عقيدة) البعث الطائفي الشوفيني الارض الخصبة، مما ساهم للاسف في استحضار بعض القبائل لاحقادها الجاهلية بعد ان صارت ملاذا آمنا للانتحاريين والزمر التكفيرية القادمة من أقبية الظلام، منقادة كأنها السعالي للارتواء من دم اتباع مذهب اسلامي منصهر بفقه وحب آل بيت الرسول (عليهم السلام) وآدابه واخلاقه وسموه، لتتحول ارض وادي الرافدين الى ميدان صراع استجمع كل ضغائن واحقاد العصور بدأ من العهد الجاهلي وانتهاءً بالهجمة العلمانية على الفكر الاسلامي وما يمكن ان يدعمها من اعداء تقليديين لهذا الدين الذي جاء ليخرج الناس من الظلمات الى النور. وعلى فرض ان الكثير من ابناء العراق قد استوعبوا الدرس ووجدوا ثمة ما يوحد صفوفهم اتجاه الخطر المحدق بوحدة ومصير البلاد، وقد اشترك الجميع في اتخاذ صناديق الاقتراع محلاً ومعياراً لفرض من هو اهل لحكم العراق، ومع ذلك تجاوزت القوى الفائزة هذا المعيار امام استحقاق جديد يعكس مدى الايثار والتفاني من أجل لم الشمل والتصافح والتواؤم بدل اشعار الآخر بضعفه واذعانه امام طبيعة التعامل التقليدي الذي تفرضه القواعد الديمقراطية المتعارف عليها في ارجاء المعمورة وعلى فرض كل ذلك ينبغي ان نلمس ثمار هذا الصبر عبرانشطة الحكومة الجديدة كونها حكومة وحدة وطنية اقرت من البرلمان باغلبية حقيقية ووقف أعضاؤها أزهى باقة زهور تجمع الشعب بكل اطيافه ومكوناته الاجتماعية والاثنية والسياسية، فاذا ما سعت نحو ميادين عملها تمخر عباب بحر متلاطم يقف المواطن الباحث عن الامن والامان اولاً، وعن وطن مزدهر وعامر في كل شيء ثانياً، يقف اليوم ذاهلاً امام احداث لا تتفق مع احلامه ومع مسلمات الواقع فبدل ان تلعن بعض القوى السياسية الارهاب والمقبور الزرقاوي عجزت ألسنتهم على ذلك وتمسكت بمسمياتها المقصودة المعاني والالفاظ، وبدل ان تحدد موقفها من الزمر الارهابية وصفتها بالمقاومة والمسلحين كند لما يسمى بالميليشيات حتى ان بعضهم رثى مصرع الزرقاوي وتبنى اهم جناح ديني لهم مهمة رعاية اسرة ذلك الذباح الذي دمر آلاف الاسر العراقية ومن كافة الطوائف، فيما كشفت المستندات التي عثر عليها لدى تفتيش مقر الزرقاوي ان له صلات وثيقة بشخصيات عراقية معروفة كان اغلبهم من انكر حقيقة وجود الزرقاوي،وراح الآخر يسعى لطرح اجندة جديدة تحت عنوان المصالحة الوطنية التي اطربت البعثيين (المسلحين) لكونهم سيكونون الطرف الجديد في المعادلة التالية ،والتي سوف تكون على الضد من رغبات الاغلبية التي كانت وما تزال لم تقتص قانونيا من جلاديها وصاتعي مقابرها الجماعية التي دفنت الكثير من الآمال في حياة عراقية سعيدة، وهي اليوم تعيش نشوة انتصار مشوب بالخوف من الآتي ،وذلك شعور مشروع لدى كل مواطن عانى من ظلم واضطهاد وملاحقة النظام البائد حتى سقوطه ،فضلا عن ذكرياته لما اصابته من نكبات يصعب نسياتها او بذل ما يعوضها ،لاسيما من يتصفح شروط بعض الساسة العراقيين في الداعين لتلك المصالحة يشعر ان وراء ذلك ما يمكن ان يشكل خطرا على المشروع الوطني الذي ناضل وجاهد جل ابناء شعبنا من اجل ان يحقق دولة العدل والقانون ،فيما تعمدت بعض القيادات العراقية اتخاذ مواقف تنم عن مزايدات طائفية، اذا ما حاولت قوات الامن تطبيق قانون مكافحة الارهاب على بعض المناطق التي وقعت تحت اسر الارهاب .
سلسلة الجرائم الارهابية التي طالت مسجد براثا وما اعقبها من جرائم متواصلة شملت مدينة الكاظمية المقدسة بالقرب من الروضة ذاتها وفي سوق الاستربادي حيث القصف المكثف لتلك المنطقة المزدحمة بالناس وفي الباب الشرقي او عند اماكن تواجد السيطرات الامنية،او جريمة اختطاف عشرة عمال من احد افران حي النواب وقتلهم من قبل زمرة مكونة من خمس عجلات ،تدل وللاسف تخلف كبير للقوات الامنية قياسا بالتطور المطرد للقوى المضادة التي استفادت من اختراق المؤسسات العسكرية والادارية بصورة مباشرة ،مستفيدة من تبدل قيادة قوى الارهاب بعد مصرع الزرقاوي !! ولعل القادم من الايام ينذر بالمزيد من الدماء الطاهرة مادمنا نشعر باشكالية فقدان الولاء للنظام السياسي الدستوري من قبل بعض العناصر المحركة للفعل ورد الفعل اليومي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون