الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مواجهة قرار الضم الإسرائيلي : هل هنالك جاهزية حقيقية للرد في ضوء استمرار السلطة بنهج التنسيق الأمني

عليان عليان

2020 / 6 / 29
القضية الفلسطينية


بضعة أيام تفصلنا عن موعد الأول من تموز ، وهو الموعد الذي حدده رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو لضم منطقة الغور وشمال البحر الميت والكتل الاستيطانية الرئيسية في المنطقة (ج) ، بما يساوي 30 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، دون أن نلمس فعل حقيقي من قبل قيادة السلطة الفلسطينية ، يتناسب مع خطورة قرار الضم الذي- في حال تنفيذه- يدفن إلى الأبد المشروع السياسي التسووي للمنظمة، ممثلاً بإقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس.
ويعود إصرار نتنياهو على تنفيذ قرار الضم كلياً أو جزئياً في مطلع شهر تموز القادم أو خلاله، إلى أسباب عديدة ، على رأسها استثمار وجود ترامب في السلطة لإنجاز عملية الضم ، ولأنه يخشى في حال تأجيل تنفيذ قرار الضم ، أن يصطدم القرار بعقبات كبيرة ، خاصةً إذا لم يتمكن ترامب من الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين ثاني / نوفمبر القادم.
فاليمين الصهيوني عموماً ، يرى في ترامب فرصة تاريخية لا تتكرر ، لتنفيذ مشاريعه وخططه غير المسبوقة في المنطقة ، سواءً عبر صفقة القرن ، أو قوانين الحصار والتجويع لأطراف محور المقاومة.
ولا يغير من واقع خطط اليمين الصهيوني اعتراض المؤسسات الأمنية على توقيت التنفيذ ، وما يمكن أن يؤدي إليه من توتر واندلاع انتفاضة جديدة ، في حين ذهب بعض الجنرالات والمسؤولين الإسرائيليين السابقين، وعلى رأسهم النائب السابق لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي "تشاك فرايليك" إلى التنبيه " بأن قرار ضمّ أجزاء من الضفة سيؤدي حتماً إلى اندلاع حرب مع "إسرائيل" على ثلاث جبهات مجتمعة"
التنسيق الأمني وأوسلو مستمران رغم التصريحات المضللة
ورغم أنه لا يمكن التقليل من أهمية مهرجان أريحا بحضور سفيري روسيا والصين ، ومهرجان بلدة فصايل في منطقة الغور، بحضور حكومة السلطة ، إلا أن الوضع لا يبشر بالخير في ضوء المواقف والتصريحات المتخاذلة ، التي تصدر عن المستويات المختلفة في السلطة الفلسطينية ، تلك التصريحات التي تبعث برسائل اطمئنان للعدو الصهيوني بأن يمضي في قرار الضم .
ولعل أبرز هذه التصريحات والمواقف ، ما جاء في مقابلة حسين الشيخ -وزير الشؤون المدنية ضابط الارتباط مع الكيان الصهيوني- مع صحيفة (نيويورك تايمز) نشرت في 8 حزيران الجاري " إن الأجهزة الأمنية ستعتقل أي شخص في الضفة الغربية، يخطط لتنفيذ عملية في "إسرائيل" وفي حال علمت السلطة بوجود ذلك المهاجم في المناطق الإسرائيلية، فسيخبر الأمن الفلسطيني نظيره الإسرائيلي – عبر وسيط- بضرورة اتخاذ التدابير، وسنجد أي طريقة لإحباط ذلك الهجوم" ، وكذلك التصريح الذي أدلى به " لشبكة كان الإسرائيلية" في 21 من حزيران الجاري "الذي أكد فيه بأن السلطة لن تسمع بالعودة إلى مربع العنف، وأنها لا تزال تسيطر على الأمور" ، والتصريح الذي سبق وأن أطلقه الدكتور صائب عريقات – أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير – غداة إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في 19 أيار / مايو الماضي وقف العمل باتفاقات أوسلو – "بأن السلطة لن تسمح بالفوضى والعنف ومخالفة القانون العام".
هذه التصريحات لا تدع مجالاً للشك ، بأن التنسيق الأمني لا يزال على سابق عهده ، وأن مرجعية التنسيق الأمني ممثلةً " باتفاقيات أوسلو " لا زالت قائمة عملياً ، وليس أدل على ذلك تهديد قيادة السلطة والمنظمة بسحب الاعتراف( بإسرائيل) ، أي أن الاعتراف لا يزال قائماً حتى اللحظة ، ومن ثم فإننا لسنا بحاجة لمنطق أرسطو للبرهنة على أن السلطة لم تلغ في الجوهر اتفاقات أوسلو ومشتقاتها.
في الجانب الفلسطيني الآخر ، صدرت ولا تزال تصدر تصريحات من فصائل المقاومة ترى في خطوة الضم لمنطقة الغور والمستوطنات التي تمثل (30) في المائة من مساحة الضفة الفلسطينية ، إعلان حرب جديد وتطهير عرقي، يجب التصدي له بالمقاومة المسلحة وبالمقاومة الشعبية، وهذا الموقف من الفصائل، الذي يتجاوز حالة الاحتجاج وتسجيل المواقف في حال ترجمته عمليا في قطاع غزة وفي الضفة الفلسطينية ، يشكل الرد المطلوب على خطوة الضم الأخطر منذ حرب حزيران 1967.
الانتفاضة هي الشرط الرئيسي لهزيمة قرار الضم
ونجزم هنا أنه إذا ما ترافق القصف الصاروخي من قطاع غزة على المستوطنات والمدن في عمق الكيان الصهيوني ، مع انتفاضة جماهيرية في الضفة الفلسطينية، تقودها الفصائل في إطار قيادة موحدة بالضد من موقف قيادة السلطة وإجراءاتها ، الرافضة لأي نضال انتفاضي فإن مثل هذا التصعيد سيقلب الطاولة، ليس فقط على رأس مشروع الضم ، بل على صفقة القرن برمتها، وسيكون له تداعياته على الصعد المحلية والعربية والدولية.
فالعدو الصهيوني الذي يتباهى بنسج علاقات تطبيعيه، غير مسبوقة مع دول الخليج وغيرها، على حساب القضية الفلسطينية وثوابتها ، خاصةً بعد نجاحه في حرف بوصلة التناقض ليصبح العدو الرئيسي هو إيران وأطراف محور المقاومة ، وبعد أن بات مطمئنا بأن خطوة الضم مسكوت عنها من قبل معظم أطراف النظام العربي الرسمي ، وأن ما قد يصدر عنها من بيانات وتصريحات احتجاجية ، لا تعدو كونها تصريحات شكلية لامتصاص غضب الشارع العربي، فإن هذا العدو سيصطدم في حال اندلاع انتفاضة جديدة على امتداد مساحة الوطن ، مترافقة مع فعل الكفاح المسلح ، بحقائق وتداعيات جديدة ، توجه ضربة في الصميم لأولوياته ومشاريعه ، ما يجعل من صفقة القرن وقرار الضم وراء ظهر الشعب الفلسطيني .
تداعيات متوقعة
وفي ضوء هذه الصورة المتوقعة للفعل المقوم بشقيه المسلح والانتفاضي ، نجزم بحدوث التداعيات التالية :
أولاً : يمكننا أن نشاهد سيناريو انتشار آلاف الجنود الصهاينة في أزقة وحواري الضفة الغربية في مواجهة الشعب الفلسطيني ، في حال اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة ، ما يذكرنا بانكسار هيبة جيش الاحتلال إبان انتفاضة الحجارة ، وهو يطارد الأطفال والشباب في أزقة وشوارع وحارات المدن والبلدات والمخيمات في كافة أرجاء الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
كما أن ترافق الفعل الانتفاضي الجماهيري ، مع الكفاح المسلح والقصف الصاروخي على الكيان الصهيوني من قطاع غزة ، سيكون له آثاره الخطيرة على العدو الصهيوني ، إن على صعيد خسائره البشرية والاقتصادية ، أو على صعيد زعزعة جبهته الداخلية.
ثانياً : إمكانية حدوث حراك كبير في الشارع العربي ، على وقع الحراك الانتفاضي المقاوم في فلسطين ، وهنا نشير إلى نقطة يجري تداولها، من قبل العديد من المحللين والمراقبين، مفادها : "أن الشارع العربي مسكون بقضاياه المحلية، وأن القضية الفلسطينية لا تشكل أولوية بالنسبة له"، وهذا بالقطع غير صحيح .
إذ أن تراجع حراك الشارع العربي ، مرده الدور السلبي والخطير للقيادة المتنفذة للمنظمة جراء ارتهانها لاتفاقات أوسلو ونهج المفاوضات المزري ، وجراء قمعها للمقاومة ورفضها لاندلاع أي انتفاضة ضد الاحتلال ، ولا يجوز أن نتوقع ، بأن الشارع العربي سيرقص فرحا ابتهاجاً بمسيرة التنازلات وبمخرجات التنسيق الأمني ، الذي حول السلطة الفلسطينية إلى كيان ضامن " ببلاش" لأمن الاحتلال .
فالشارع العربي في مختلف المدن والعواصم العربية ، يتحرك على وقع الفعل المقاوم والمطرد في فلسطين ، وهنا نذكر أنه عندما اندلعت انتفاضة الحجارة ( 1987-1993) كنا نشهد مسيرات غاضبة-بعشرات ومئات الألوف ـ داعمة للنضال الفلسطيني في مختلف العواصم العربية ، وكذلك الحال إبان انتفاضة الأقصى .
كما نذكر بأنه إبان تصدي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة للحروب العدوانية الصهيونية في الأعوام 2008 ، 2012 ، 2014 ، كنا نشاهد مظاهرات بالملايين تعم صنعاء والرباط وعمان وبيروت ودمشق، وغيرها من العواصم والمدن العربية تؤكد على دعم المقاومة بكل السبل المتاحة.
ومن ثم نجزم بأن العلاقة طردية بين انتفاضة الشارع الفلسطيني وحراك الملايين في العواصم العربية ، فالانتفاضة الفلسطينية والمقاومة عموماً هي الرافعة الحقيقية للشارع العربي ، وهذا ما سبق وأن أكده حكيم الثورة د. جورج حبش ، وشيخ المناضلين الفلسطينيين بهجت أبو غربية .
ثالثا: إن حدوث انتفاضة مترافقة مع الفعل المقاوم ، سيشكل ضربة في الصميم لمعسكر التطبيع الخياني ، ويعيد الأمور إلى مربعها الأول ، في أن الكيان الصهيوني هو العدو ، وليس أطراف محور المقاومة ، ما يوفر دعماً لحراك الشارع العربي في مواجهة أنظمته المرتدة ، ويوفر مناخاً ملائماً لحركات مقاومة التطبيع، لأن تضطلع بدورها في مواجهة الاندلاق التطبيعي المذل مع الكيان الصهيوني.
رابعاً : أن مفاعيل الانتفاضة المترافقة مع الفعل المقاوم في مواجهة الاحتلال سيطور موقف أطراف محور المقاومة ، إما بزيادة حجم الدعم لفصائل المقاومة ، أو بالدخول الجزئي أو الكلي في معركة مع الاحتلال ، بحكم أن المعركة واحدة في مواجهة العدو الصهيو أمريكي.
فسورية تواجه في هذه المرحلة قانون قيصر الأمريكي الإرهابي، وعدواناً متصلاً من قبل العدو الصهيوني ، ولبنان يواجه مؤامرة حجب الدولار وتدمير الليرة اللبنانية في مواجهة الدولار للتصويب على حزب الله ، وإيران في مواجهة لم تنقطع مع العقوبات الأمريكية ، ولعل جبهة شمال فلسطين المحتلة، مرشحة للتصعيد في سياق التكامل مع المقاومة الفلسطينية، وهنا نشير إلى تهديدات سيد المقاومة حسن نصر الله، في خطابه الأخير بقوله " من سيضعنا بين خيار القتل بالسلاح أو الجوع ، سيبقى سلاحنا في أيدينا، ونحن سنقتله، سنقتله، سنقتله".
خامساً : كما أن اشتعال فلسطين بالمقاومة والانتفاضة سيكون له ارتداداته على الصعيد الإقليمي والدولي ، فالمواقف الخجولة والمتحفظة لدول الاتحاد الأوربي على قرار الضم – سيطرأ عليها تغيير جوهري، بحكم أن تصعيد النضال الشعبي الفلسطيني والعربي ، سيؤثر في حال استمراره على مجمل المصالح الأوربية في المنطقة.
كما أن موقف الأمم المتحدة الخجول والمتحفظ ، سيتطور- رغماً انحياز أمينها العام أنطونو غونتيرش للإدارة الأمريكية وأدواتها - عندما يتم طرح موضوع الضم في ظل انتفاضة متصاعدة أمام مجلس الأمن أو أمام الجمعية العامة ، خاصةً بعد الموقف المتقدم لمجلس حقوق الإنسان ضد قرار الضم، والتصويت ضده بأغلبية 36 صوتا مقابل صوتين وامتناع تسعة أعضاء عن التصويت.
بقي أن نشير إلى مسألتين ( الأولى ) أن تهديدات وتصريحات رئيس السلطة الفلسطينية ووزير الشؤون المدنية ، بأنه في حال أصرت ( إسرائيل) على ضم الأراضي وتم تطبيق هذه الخطوة ، فإنه سيتم حل السلطة الفلسطينية ، وتحميل كل مسؤوليات الضفة ، بما في ذلك الأمن والتعليم والصحة والصرف الصحي لحكومة نتنياهو ....هذه التهديدات لا يأخذها نتنياهو على محمل الجد، بحكم معرفته بمدى تشابك العلاقات المصلحية بين معظم أركان السلطة وبين ( إسرائيل) ، وبحكم درايته بوجود تيار إسرائيلي متنفذ داخل السلطة نفسها.
و(ثانياً) كيف ستعالج فصائل المقاومة قضية تصعيد المقاومة بكافة أشكالها ، في الوقت الذي تعلن فيه قيادة السلطة نهاراً جهاراً ، بأنها لن تسمح بالمقاومة المسلحة ، ولن تسمح باندلاع انتفاضة جديدة ؟ هل ستصطدم مع السلطة ، وهل ... وهل ... أسئلة برسم الإجابة ؟؟.
انتهى
كاتب فلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج