الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنَ و المجتمع

سهيَل العرفاوي

2020 / 7 / 1
الادب والفن


الإنسان كائن رغبة ، فهو يرى العالم من جوانب عديدة و يسعى من خلاله تبليغ رؤيته و تخليد بصمته و تحقيق كيانه ، بإعتباره الكائن العاقل الوحيد. الفنَ يمثل تصوَر للعالم و محاكاة للطَبيعة و للمجتمع أيضاً الذي تتعدد قضاياه و مشاكله و تناقضاته ، فالفن يمكن أن يعبر عن فكرة قد تنعدم في المجتمع و يكون له صبغة نقديَة بحتة ، و لهذا كانت رؤية الفنَ ضرورة إنسانيَة كما أن الفنَ بإمكانه أن يحقَق ما عجزت عنه اللَغة في قوله فهو حسب المنظور الفرويدي نتاج لكبت و صدَ لرغبات الإنسان تحت ضغط من الهو و الأنا الأعلى الذي صار عبدا لثلاث أسياد قساة، بعمليَات الإعلاء ، و يكون هذا الإعلاء في الميدان الفنَي وهو عبارة عن فضاء يتجلَى فيه اللَيبدو أو الغرائز اللاَواعية.

الحاجة للفنَ ضروريَة و علاقته تبدو لازمة إذ أن الاحتياج إلى الفنَ للتَعبير عن الأفكار و التمثَلات هو للتعبير عن أفكار مثل فكرة العظمة من ذلك سور الصَين العظيم ، أو فكرة الخلود كأهرام المصريَة و الحضارة الفرعونيَة ، كتب هيغل : "مازالت الأهرام المصريَة تدهشنا " و هنا تظهر تعبيرات الفنَ حيث يمكنها أن تدهشنا أو تجلب انتباهها أو تبهرنا و أن تدل على حضارت و تاريخ شعوب و لقد ربط هيغل الفنَ بتمثَلات الروح بما هو تمثَل في الواقع و أن تعبر عن ما عجزت عنه الأساليب الأخرى كاللَغة مثلا، الفنَ هنا تعبير عن الحضارة بغاية التَعامل معها و المساعدة في كسب ثقافات أخرى و تجسيد الواقع باختراقه للسَياسة و الرأسماليَة من ذلك لوحات الرسَام رفائيل الذي رسم مظاهر الَتقريب بين الحضارات مختلفة منها الاغريقيَة ، الإسلاميَة و الرومانيَة .
إنَ الفنَ يؤكد إلزامية حضوره و اجباريَة تواجده ، و من هنا كانت حاجة الانسان إليه ، خاصَة و أنَ الفنَ يتجاوز حدود القمع و الاستبداد الذَي يختص به النَظام العالمي الجديد و يعبر عن الحقيقة بإعتباره ملجأ و معبرا عن نوازع الإنسان و هو الوسيلة النموذجيَة للتعبير عن الأفكار. لكن أضحى دققنا فالفنَ لإكتشفنا أن الفنَ صار عاملا من عوامل الَتناحر و الصَراع فلو مارسنا إبوكيا لوجدنا أنه يخفي وجها آخر ، و هذا ما تم تبيانه من خلال كارل ماركس الذي أرجع الفن إلى تشكل للوعي و الوعي هو نتاج للطبقية و الصراع الطبقي و رغبة طبقة في سيطرة على طبقة و سيطرة على الانتاجية و هذا ما أكَده جيل دولوز في كتابه منطق الإحساس وهو كتاب يتعلَق بفرانسيس بيكون و بيَن أن الرسَام يأخذ الأحداث من الواقع و الألوان من الطَبيعة ليضفي عليها نوعا من الجمال لكنها فالأصل قبح ، قبح الصراع و الصدام و رغبة سيطرة طبقة على طبقة أخرى ، و يصل هذا الصَراع إلى قيام الحروب ، أليس الفنَ عاملا من عوامل قيام الصَراع في الماضي ؟ و لأنَ الماضي هو إمتداد للحاضر فإنَ الفنَ مازال يؤكَد قيام الصَراع ، فصناعة الأفلام في هوليود جعلت الإنسان السَوفياتي يبدو مشوَها في الحرب الباردة ، ثمَ صار التركيز على الانسان العربي خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر ، كما أن الفنَ تعبيرة من تعبيرات الألم و الطبقيَة ، لقد بيَن شكسبير في رواية "تاجر البندقيَة " ، التي قد تبدو رواية فحسب، لكن في جوهرها تحمل رغبة في السَلطة و رغبة البرجوازيَة في سحق الإقطاعيَة كما أنَ رواية الأمَ لمكسيم غوركي تعبر في جوهرها عن رغبة البروليتاريا في سحق طبقة الكولاك.
إنَ الفنَ تعبير عن هذا العالم ، مثله مثل الَلغة ، فهو أداة تعبير و وصف ، لكن يمكن له أن يحمل وظيفة خفَية و باطنيَة ، يمكن أن نكتشفها من خلال التأويل و من خلال اخضاعه للتفكَك ، إذ اكتشفنا الفن كوسيلة تعبير و تواصل و طابعه الوظيفي المتمثل في إبراز الأفكار و التمثَلات ، لكنَنا اكتشفنا بعداً آخر هو بعد صناعي ، إستعماري أو حتى استشرافي يحدَد مستقبل العالم من خلال ما يخفيه الفنَ كلغة تتجاوز الكلام و يذهب إلى عنف معنوي غير مرئي ، ولكنه يمكن أن يؤثر أيضًا على شكل آخر من أشكال الحياة الاجتماعية و حتَى السَياسية.

المراجع :


(1)سيغموند فرويد، حياتي والتحليل النفسي، ترجمة مصطفى زيور و عبد المنعم المليجي، دار المعارف، 1994
(2)هيغل ، فينومينولوجيا الرَوح ترجمة و تقديم ناجي العونلي المنظَمة العربيَة للترجمة ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت 2006
(3)كارل ماركس، الإيديولوجية الألمانيَة، ترجمة الدكتور فؤاد أيَوب،مصادر الإشتراكيَة العلميَة،دار دمشق، 1976
(4)Gilles Deleuze and Francis Bacon , The Logic of Sensation , CONTINUUM LONDON .NEW YORK , 2003
(5)William Shakespeare ,The marchant of Venice, etc.usf.edu
(6) مكسيم جوركي، الأمَ
file:///C:/Users/dell/Downloads/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85-%D9%85%D9%83%D8%B3%D9%8A%D9%85-%D8%BA%D9%88%D8%B1%D9%83%D9%8A-kutub-pdf.net%20(2).pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة