الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم عربي لما بعد معتقلات الموت ؟

داود البصري

2003 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


                                          
 

ماذا يشكل سقوط النظام العراقي على صعيد تهاوي واحد من أشد الأنظمة قمعا في العالم ككل ؟

وكيف يمكن النظر من هذه الزاوية للآفاق التطورية لحركة حقوق الإنسان العربية ومنظمات المجتمع المدني العربية على صعيد إنعتاق وتخلص الإنسان العربي من كل العوامل والمسببات التي أدت لقيام أنظمة قمعية شرسة ساهمت في تكسيح العالم العربي وأودت بكل الأحلام الرومانسية للحركة السياسية العربية طيلة نصف القرن المنصرم ؟ وحولت حلم الدولة العربية القومية المستقلة لكابوس كبير من الظلم والموت والتشريد إنتهى عبر الصورة العراقية للخضوع لإحتلال أميركي واضح وصريح كثمن باهظ للتخلص من نظام أدمن القمع وتوغل بعيدا في سلوك طريق الرزايا والخطايا والجرائم التي حاول تغليفها بأطر قومية مزيفة تعتمد على التزوير القيمي والسلوكي ، وعلى إستحضار عناصر اللعبة الإعلامية التبشيرية والدعاية الجماهيرية المترسبة من بقايا أنظمة المعسكر الشيوعي الشمولي الراحل ! ، لقد أكد تهاوي وسقوط نظام صدام في العراق حقيقة نهاية حقبة القمع المؤدلج والتي وصلت معها هذه النوعية من الأنظمة لنهاية الطريق الشاذ الذي إستنزف من الأمة ومواردها الشيء الكثير ، وعوقت العمل القومي الحقيقي بل أصابته في مقتل ؟ ورسخت القيم القطرية والإنعزالية في ترسيخ واضح لكل عناصر الإنفلات من حدود ومديات العمل القومي ؟ فلقد خسرت القومية العربية وتعرضت الفكرة ذاتها لضربات موجعة لن تندمل آثارها ومؤثراتها في المديات المنظورة على الأقل !.

لقد مثلت الأوكار الأمنية والسجون السرية التي كشف النقاب عنها في العراق ومازالت أسرارها ومغاليقها لم تحل بعد بشكل نهائي حالة من العقم السياسي والجريمة الإنسانية الممنهجة التي تسببت بها أنظمة الحزب الواحد الشمولية ، وبات من الضروري على المتابعين والمؤرخين والسياسيين ولكل المهتمين بالقضايا الإنسانية أن يؤرشفوا ويسجلوا كل أحداث ومآسي هذه الحقبة المفصلية من التاريخ العراقي والعربي بل والإنساني  ، ففي حالة القمع العراقية تغلب الخيال على الواقع ؟ وإنزوى الواقع يجر مشاعر الخيبة والحزن نحو شعب يعاني منذ ثلاثة عقود فيما سلطته القاتلة تتمتع بطنين دعاية قومية مشرقة وبصورة زاهية بين الأوساط العربية للأسف إلى أن كشفت الأيام عن رزايا ومصائب نظام هرب وإنزوى وتلاشى ولم يكلف نفسه حتى بإظهار المداخل لتلك السجون الرهيبة وكأنه يريد أن يأخذ أسراه وضحاياه من الأسرى والمغيبين لرحلة الموت التي إنزلق إليها ؟ لقد حدثت في العالم العربي حملات قمع شرسة بنيت فيها السجون والمعتقلات الخاصة ، وإختطف فيها من إختطف ؟ وغيب فيها من غيب ؟ ولكن في آخر المطاف وضمن إطار مراجعة المواقف وآليات تطور العملية السياسية تم إغلاق تلك الملفات وتعويض من تضرر منها تعويضا قد لايكون عادلا ولكنه تعويض على أية حال وإعتذار للأجيال القادمة ، حدث ذلك في مصر وحدث الأكبر والأوضح من كل ذلك في المغرب منذ أوائل التسعينيات وحيث أقدم الراحل الحسن الثاني على مراجعة الموقف وضمن إطار حالة الشفافية والمراجعة الوطنية الشاملة لممارسات مرحلة الإحتقان السياسي في الستينيات والسبعينيات والتي توجت بسلسلة إنقلابات عسكرية فاشلة وصدامات مع الحركة الوطنية فإفتتحت المعتقلات الصحراوية والسرية وأشهرها معتقل ( تازمامارت ) الشهير والذي رغم سمعته السوداء يظل واحة مقارنة بسجون نظام صدام البائد والذي عجزت كل تكنولوجيا التصنت عن معرفة الأبواب والمداخل الرهيبة لمقابر الإعتقال الجماعي الرهيبة ؟ فلقد رحل النظام هاربا من بوابات التاريخ الخلفية تشيعه كل لعنات المظلومين والأحرار وقد نسي المفاتيح بحوزة جلاوزته الهاربين ؟ فبأي تقويم سيحظى النظام العراقي البائد في عيون التاريخ الثاقبة ؟

وكيف ستنظر الأجيال القادمة لجيل العذاب العراقي الراهن ؟.

 

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب يقلد المشاهير ويصف بعضهم بكلمة ????


.. إيرانيون يعلقون على موت رئيسي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. آفة التنمر تنتشر في المدارس.. ما الوسائل والطرق للحماية منها


.. مصرع وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية




.. مصرع الرئيس الإيراني.. بيانات تضامن وتعازي ومواساة ومجالس عز