الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في شعر الجواهري والاسطورة

رحاب حسين الصائغ

2006 / 6 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صراع التناسخ
منجل الحب يحصد مخاوف العشاق في أمسيات هواؤها عليل على ضفافٍ ما أو روابي ساحرة والحب في نظر الجواهري يشبه الاسطورة.
والاسطورة تقول: أن *أفروديت الهة الحب والجمال والاخصاب ابنة زيوس من ديونا، وزوجة هيفايستوس أنجبت من آلهة الحرب آروس إله الحب، وكانت تسمى قبرص وكوثيريا، وكانت تعبد في أثنا وتسمى فينوسعند الرومان، ويقال أنها هي المعبودة الشرقية (عشتروت)، وجالا وصيفة أفروديت غانية تفهم أن المرأة خلقت من الجمال وللحب، وذلك الآخر الرجل هو جزء من لعبتها، وحين وحين يدلي الحب بأغصانه وظلاله الجميلة تقتنص ولا تتركه إلاّ هائماً في قارب الحب وسط نهر بدون مجذاف أو شراع يستدل به الشاطئ وقلبه صاغراً لأنين الغواني.

والجواهري لا يقع في شراك الغواني، هو شعلة غطت غناء السماء بمحاسن الجمال يختال تهيج الليل ويمشط فجراً كنهود الصبايا ثم يميت النهار على ساعاته المنقرضة في وصف " أفروديت وجالا" حيث يقول:
ثم نادت "جالا" *
وكانت من الرقة...
كالماء إذ يهزّ الخيالا
تعرف ما يرضي الغواني..!
وما يزين الجمالا.!
هو يدرك أن اتباع النفس واشتهاءاتها لا تفيض إلاَّ بكل الاشباع من الأساطير المعطرة، نراهُ يمزج روعة تلك الأسطورة وروعة الحياة الدائبة على جعل الزمن المتحرك في السنين من لوعة وحرقة والصلاة فيها عذاب أمثل يقود الرجال إلى محرابهِ طائعين.
أصلاة يبغون حتى يثيروا... رغباتي؟
فلتصعد الصلواتُ..!
وهبيهم ينأؤن عن رؤية الأرض
هبيهم شاخوا.. هبيهم ماتوا.!
أفتدري مثلي.. ولم تروا ممن
تتلظى لأجله الرغبات.
يدرك صور الجمال في انقياد الروح والنفس ويشم بعقله قوة الورع الذي يداخل غرور الرجال في حالة العشق للجسد حدَّ الانتهاء، وهم يدونون الغمسات الأخيرة في لهاث الاستثارة من مكنون هذه المخلوقة التي تسمى أنثى ولها سطوة تُأطر سور فرحهم وحزنهم بلمسات تطير بهم إلى عالم الغيبوبة لا فرق عندهم بين ليل أو نهار غير اكتمال حالة الإشباع من ظل لا يفتأ الانتهاء وعن لسان العشاق يقول:
وتمشت مهتاجة.. يتمشى العجب
والحسن في الدماء غزيراً
نحو حمامها ترى من خلال الماء.. فيه
ما سيستثير الغرورا.!
جسمها اللدن.. والغدائر تنساب
كما أرخت العذاري ستوراً!
وخرير المياه في السمع كالقبلة..حرانة
تهيجُ الشعورا
عبدت نفسها.. فداعبت النهدين بالشَعْرِ
غبطةً وحبورا .!
ويعود للتساؤل على رؤية مبنية في تداخل الحاجات التي قادت البشر إلى التأمل لإدراك العالم وعالم النساء لا يعرف إنصاف عند "جالا وأفروديت" لا ربط عندهم بين حرية الروح وحرية الجسد، وبالتالي نستطيع القول للرجل روح تصارع هواجس كل معرفة ومنها معرفة هذا التناقض الذي تمتلكه المرأة وتحمله كَسِرْ من أسرار الكون عندما تناغي عشاقها:
يجهلون إنتقامة.. واشتهاء!
فيموتون تحت سوط عذابي
ثم أمشي عليهم مشية الطاووس
أحشو وجوههم بالتراب.!
هؤلاء الذين أطلب لا. الساعين نحوي
جسماً بغير فؤادي.!!
المساكين.! هم بوادِ.. ومن يطلب صرعى الحب المميت
بوادي..
لهذا نرى الجواهري حين ينطق الشعر على لسان "جالا" يعبر أكثر عن ما يخالج الشعور عند الرجال في حالة الهيام القاتل والتلذذ بالهوى وسحر ظلالهِ، ويذهب كل مذهب بالفناء وصراع المعنى على أيدي هؤلاء الغواني حدّ الشعور بحالة الاغتراب الذي يقود إلى تخلص القيمة الهادفة من هذه العلاقة، وهل الرجل يكون في حالة تناسخ روحي؟! أمام فتنة الغواني كما يشير هذا المقطع:
(( لك- كالبراكين تحت ظلال السروِ؟ رقاً وأوغلا-
عينانِ..!
لكِ- كالزهرتين صبّت دماءً من غزالٍ عليهما-
لكِ كالخنجر المعطى بذاكَ الدمِ مخضوضبا!
شقيق لسانِ
لكِ نحرٌ كما تبلّجَ للصبحِ عمودَّ
ضوى به المشرقان
لكِ صدرٌ كسلةِ الزهر-
بالنهدين نطت فويقهُ زهرتان!
واستقامت كمثل أعمدةِ العاجِ
الذراعان منك والفخذان!
لكِ تلك المدوراتُ..!حليٍّ مُبهِرُ
صنعَ مُعجزٍ فنانِ
لك بطن كأنها مخمل الديباج))
لذا أمام هذا الجمال يرى الرجال الطاغي متلاهثين ناسين الجمال المتناغم في علاقة الكائنات؟
ويرتقي الجواهري إلى مراتب الجمال المعروف ويطلق العنان لنظرهِ وعقلهِ ويقطع حالة التأمل التي زرعت عندهُ من قبل "جالا" جارية أفروديت"، وينظر إلى التجربة البشرية التي تربط المجتمع ببعض ولا شك هي صورة جمالية في الحب البريء بين المرأة الرجل في بعض الأحيان يكون خارج السيطرة العقلانية ونتائجه لها ثمرة.. أما تطور العلاقة إلى ارتباط.. وأما انتهاء الحالة إلى فراق. وليس الانغماس في شهوات تؤدي للهاوية كما يُذكَر عن لسان "جالا":
وتمطت كأفوان تلوى
فهو يشوب بسَمِّهِ
وهويشوى
وهو يروى بلدغة
وهي تروى!
إذ ترى جسمها المميت الفظيعا
وشباباً غضاً
وخلقاً بديعا
وثماراً شهية. وزروعا
نثرت فوقه!..
وصدراً ونحرا
وسيلاً منه تفجر نهراً
ودماً فاتراً يصب سريعا
تاركاً أينما جرى ينبوعاً
كل عرقٍ منها
تفصدَ خمرا
وهي تروي...
حقداً وزهواً وغدرا
نجد هنا الجواهري يشمئز من الغواني ومالهن من جمر الهوى في كبت الحب وتسعير نار الجسد وتركه خاوياً يعيشها المغرم بعيداً عن أي تجربة انسانية تحثه على بسط العقل وعدم الانغماس في لذة خاطئة تحوله إلى إنسان مجرد من المشاعر الحسية لحياة طبيعية تحمل الاخلاق، أخلاق الرجال ولكنه لا ينكر سحر النهود ودلال الغواني يحرق لبَّ الرجل ويوقعه في شباكهنَّ " فجالا " جارية أفروديت تتغنى بجمالها الذي يشبه الطاووس ويوقع المساكين صرعى حبها.
والجواهري من رؤيا الاسطورة لا يبتعد عن "جالا " وغدرها فيصف جمال الغواني في آخر قصيدة (( أفروديت)) قائلاً:
إذ ليالي الجليل...
رمز الحياة
عطرات بمدرج الفتيات
في ضفاف (( البحيرة)) النشوانة
ترتمي في نميرها حرانة
كلَّ عذراء...
وردةٍ معطاف
يتساقطن موقع الاصداف
وعليهن من نمير صاف
أي ستر مهلهلٍ...
(( كشاف))؟!
إذ حقول الجليل مرتميات
بقدوم الربيع محتفيات
يتضاحكن في مَدَبَ الشعاع
راجفاً فوقها ارتجاف ((اليراع))
إذ غدا الجو من أريج المراعي
خدر النساء من بنات الغرام
سابحاً...
في العطور و ((الانعام )).


المصدر: الكتاب للجميع / سعدي يوسف / محمد مهدي الجواهري / دار المدى / 2001 / قصيدة "أفروديت" ص (34) وجالا وصيفة أفروديت الخاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كا?س العالم للرياضات الا?لكترونية مع تركي وعلاء ???? | 1v1 ب


.. فـرنـسـا: أي اسـتـراتـيـجـيـة أمـام الـتـجـمـع الـوطـنـي؟ •




.. إصابة عشرات الركاب بطائرة تعرضت لمطبات هوائية شديدة


.. حزب الله يحرّم الشمال على إسرائيل.. وتوقيت الحرب تحدّد! | #ا




.. أنقرة ودمشق .. أحداث -قيصري- تخلط أوراق التقارب.|#غرفة_الأخب