الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيلا سيلاسي.. وما أدراك ما هيلا سيلاسي؟!

السيد شبل

2020 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


بمناسبة موجة التهليل للإمبراطور الأثيوبي هيلا سيلاسي على الفيس بوك، والتي تكاد تتطابق مع موجة التطبيل في الوطن العربي للفترات الملكية..

هيلا سلاسي لم يكن محب لمصر.. ولا معني بها بالشكل الذي يتم تداوله، هو مجرد إمبراطور لدولة أفريقية، استطاع جمال عبد الناصر إقامة علاقات معه بالشد والجذب، معتمدا على نفوذه السياسي في أفريقيا وقدرته على إرهاب هيلا سيلاسي باستخدام أورق سياسية منها دعم الثوار الإريتريين، ومستغلا تأثير الكنيسة المصرية، ومحاولا موازنة الأمور معه لحساسية ملف النيل.

بحسب محمد نصر علام، وزير الري المصري (من مارس ٢٠٠٩ - إلى يناير ٢٠١١)، "فإنه بمجرد شروع مصر فى بناء السد العالي ودخولها في مفاوضات مع السودان، أرسلت إثيوبيا مذكرة إلى الأمم المتحدة تشكو فيها مصر وطالبت بالدخول طرفاً ثالثاً في المفاوضات، واللافت أنه في نفس العام (١٩٥٧) اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ خزان على النيل الأزرق وعلى بحيرة تانا، وتقدمت بريطانيا رسمياً بطلب للدخول فى مفاوضات مياه النيل مع مصر والسودان نيابة عن مستعمرات شرق أفريقيا!".

وكانت المفاوضات المصرية السودانية بالفعل متعثرة أو بطيئة بسبب وجود إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل على رأس الحكم في الخرطوم، لكن انقلاب الفريق إبراهيم عبود في نوفمبر ١٩٥٨، سهّل من توقيع اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، والتي بمقتضاها تم زيادة نصيب مصر من مياه نهر النيل.. في حين رفضت إثيوبيا الاعتراف بالاتفاقية الجديدة.

حكم هيلا سلاسي بلاده لمدة ٤٤ سنة، وهو امتداد لأسرة هيمنت على أثيوبيا لمدة سبعة قرون (!) وتدعي أنها من سلالة الملك/النبي سليمان والملكة سبأ..

وانتهى حكمه في عام ١٩٧٤ بعد غضب شعبي عارم بسبب البذخ الذي كان يعيش فيه داخل قصره بينما الشعب يموت من الجوع حرفيا، حيث تعرضت البلاد في نهاية حكمه لمجاعة مات فيها ما بين ١٠٠ إلى ٢٠٠ ألف إنسان، في الوقت الذي كان ينفق فيه على عيد ميلاده الثمانين نحو ٣٥ مليون دولار ويُطعم كلابه أفخر الأطعمة!.

بعد الإطاحة به بواسطة الجيش، تم تحديد إقامته، ثم توفي لاحقا في أغسطس ١٩٧٥، ولم يتم إعدامه رسميا بل كان رجل مسن يبلغ ٨٣ عام، ويعاني من الأمراض منها التهاب البروستاتا.. لكن الصحافة الغربية روّجت أنه تم قتله وجلبت له التعاطف، بسبب عداء الغرب لقادة الجيش بزعامة "منغستو هيلا مريام " نتيجة لميله نحو الاشتراكية والتحالف مع الاتحاد السوفيتي.

انتماء الزعيم الأثيوبي منغستو للكتلة الشرقية، كان المحرض لتدخل أنور السادات والسعودية وشاه إيران - عبر نادي السفاري الراعي للمصالح الغربية - لدعم وتسليح الصومال بقيادة سياد بري، وذلك عندما تحاربت الصومال مع أثيوبيا في حرب أوغادين في ١٩٧٧/١٩٧٨، وأوغادين هي منطقة داخل اثيوبيا، تعتبرها الصومال تتبعها قوميا فتدخلت لضمها مستغلة فترة الاضطراب داخل أثيوبيا، لكن نجح الجيش الأثيوبي بمعونة عسكرية وسياسية من الزعيم الكوبي فيديل كاسترو والاتحاد السوفيتي في استعادتها، فقام تحالف نادي السفاري بدعم الصومال، ووقتها دفعت السعودية نحو ٧٥ مليون دولار، وقامت مصر بتزويد الصومال بالسلاح الذي كان السوفييت قد قدموه لمصر !!.

بحكم الظرف الزمني وبطبيعة الحكم الامبراطوري مارس هيلا سيلاسي القمع الرهيب بحق معارضيه وخصومه السياسيين.. خاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرض لها أثناء زيارته للبرازيل عام ١٩٦٠.. ووقتها لعبت "إسرائيل" دور بارز في مساندة هيلا سيلاسي عبر تأمين اتصاله من الخارج بأحد جنرالاته الأوفياء حتى يضمن وجود أنصار له داخل الجيش، لحين عودته وقضائه على الانقلاب.

خلال الحرب الباردة ساند الامبراطور الأثيوبي المعسكر الغربي ضد الكتلة الشرقية، وبناء عليه تمتع بالدعم الأوروأمريكي.

أما قبلها خلال الحرب العالمية الثانية فكانت أثيوبيا هدفا للغزو الإيطالي خلال عامي ١٩٣٥ / ١٩٣٦، وواجه هيلا سيلاسي الغزو، لكن ما أن استشعر الهزيمة، حتى قفز إلى سفينة أخدته إلى القدس ومنها إلى بريطانيا تحت شعار "الدفاع عن استقلال بلاده عبر الخطاب الدبلوماسي في المنظمات الأممية"، وبقي في المنفى من ١٩٣٦ إلى ١٩٤١، حتى عاد برفقة القوات البريطانية التي انتصرت الى الإيطاليين وأعادته للحكم.

علاقة أثيوبيا عموما بالكيان الإسرائيلي مرتبطة بوجود اليهود الأثيوبيين ناهينا عن المصالح السياسية الإقليمية والدولية..

تعاون هيلا سيلاسي مع الجيش الإسرائيلي خلال الستينات لقمع جبهة التحرير الإريترية، التي كانت تسعى لتحرير إريتريا من حكم أثيوبيا، واستقبل دعما عربيا (انظر الفقرة الثانية من المقال)، وحينها صورت الحكومة الإثيوبية التمرد الإريتري على أنه تهديد عربي للمنطقة الأفريقية وروّجت للتقارير التي تشير إلى تعاون الجبهة الاريترية مع منظمات فلسطينية، وهو ما أقنع الصهاينة بالتعاون مع الأثيوبيين على قاعدة العداء للقومية العربية.. وبناء عليه تولى العسكريون الإسرائيليون تدريب القوات الأثيوبية واحتلوا مناصب استشارية، وبحلول عام 1966 كان هناك حوالي 100 مستشار عسكري إسرائيلي في إثيوبيا!.

ظل التعاون الأثيوبي الإسرائيلي مهددا بفعل قوة التأثير العربي حينها على المجال الأفريقي، وكان هذا ما دفع أثيوبيا في عام ١٩٦٩ لرفض مقترح "تل أبيب" بتشكيل ائتلاف مناهض للقومية العربية يضم ((الولايات المتحدة وإسرائيل وإثيوبيا وإيران وتركيا))، ولكن مع ذلك ، أصبحت إثيوبيا متهمة دوليًا بتقديم تنازلات للجيش الإسرائيلي لإنشاء قواعد عسكرية على الجزر الإثيوبية في البحر الأحمر.

وبسبب تلك الاتهامات، تعرضت إثيوبيا لهجوم متكرر من قبل ليبيا وقت حكم معمر القذافي في القمم الأفريقية ، كما حرضتها الجزائر بقيادة هواري بومدين على قطع علاقاتها مع إسرائيل.. أسفر هذا الضغط العربي المتكرر، بالإضافة إلى حرب أكتوبر 1973 والموقف الأفريقي العام الداعم للعرب ، إلى قطع العلاقات بين إثيوبيا و إسرائيل، رغم أنف الإمبراطور .

لسنا هنا بمحض تقييم حكم "منغستو هيلا ميريام" خليفة هيلا سيلاسي، وهو له الكثير وعليه الكثير حتى علاقاته مع دول مثل ليبيا اليمن الجنوبي لم تمنع من وجود علاقات لبلاده مع "إسرائيل"، لكن تبقى المحصلة أن حكمه لم يكن على هوى الغرب حتى رحل عن الحكم عام ١٩٩١ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وهزيمته العسكرية أمام الائتلاف الذي قاده ميليس زيناوي (حاكم أثيوبيا الشهير كخصم لمصر وواضع حجر أساس سد النهضة لاحقا).. بعد رحيله، ادعى نظام زيناوي أنه عثر على رفات هيلا سيلاسي مدفونة أسفل القصر، ووضعت الصحافة الغربية "البهارات" وقالت أن الرفات مدفون تحديدا في منطقة المراحيض!!.. وقام زيناوي الحليف لأمريكا بإعادة دفن الإمبراطور الأثيوبي وتكريمه بدرجة ما..!.

ختاما نلفت الأنظار إلى شهادة الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل بحق "هيلا سيلاسي"، والتي جاءت في حواره على "سي بي سي" أبريل 2015 :

"كان هيلا سيلاسي يعيش في العصور الوسطي، رأيته وتحدثت معه كثيراً، وأول مرة ذهبت إلى هناك... رأيت موكبه يعبر وكل الجماهير تسجد في الأرض حتى لا تنظر إليه" !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا